صداقة الامس لم تحيا لليوم

كم تُغيرنا السنين ونصبح أشخاصاً آخرين، لم نعد نضحك كما كنا ولا نفرح كما كان.

أيام الدراسة

في أيام الدراسة كانت صداقتنا غريبة مليئة بالإنفعالات فيها الكثير من المصارحات والمفارقات والغرابة في اللقاء و الفراق.. هي علاقة مفعمة بالمشاعر فلقائنا حتى في الأيام العادية ملئ بأحضانٍ وودٍ غريب ليس له مثيل. ويتسائل من يرانا ماذا جرى لهؤلاء هل وجدو عزيزاً او مفقود.

كنا نقول دائماً إننا عندما نترك ابواب الدراسة سنعمل مشروعا مشتركاً لضمان بقائنا سوياً وحفاضاً على صداقة جميلة وحتى لا تفرقنا أيام وسنين مستقبلنا.

ولكن الكلام كلام فلم ينفذ المشروع وتمكنت منا الأيام وسحقتنا في زحمتها السنين .. وافترقنا.. بكل بساطة افترقنا.. وظل لدى كلٍ منا ذكرى عن أيامٍ مضت وفينا يقينٌ أنها ابداً لن تعود.

بعد عقد ونصف

واليوم، بعد عقد ونصف، صدفة تلتقي. وظننت أننا حينا نلتقي سيكون لقاء مفعمٌ بالحنين والذكريات، وسيتوج بتلك الأحضان. ولكن مفاجئة باردة تطغى على اللقاء وبحثاً عن الكلمات وصمت جعلنا نقول دعونا نكون على اتصال دون ان يأخذ أحدنا رقم الاخر..

تلك هي صديقتي متحفظة في مشاعرها هادئة في طباعها، ولكن تلك هي صديقتي كما كنت اعرفها لا كما قابلتها .. لم يكن ما لمسته منها تحفظاً و إنما بروداً، ولم يكن هدؤاً وإنما عدم إكتراث، أو ربما عدم رغبة في فتح باب قديم..

لذا اعود لأتسائل لماذا تغيرنا وكأننا لم نجلس ولم نضحك ولم نحلم يوماً ولم يكن بيننا شيئ مشتركاً.. هل نحن من تغير أم أن الأيام غيرتنا؟ هل اصبحنا اغراباً لدرجة يصعب معها الحديث والسؤال البسيط؟  هل وهل وهل..

البعد جفاء

تضل الأسئلة تدور ولكن الاكيد أن السنين والبعد جفاء. قد يكون هناك اشخاص مرتبطين في اللاشعور لدينا بشيئ ما، يُرجعونا لفترة زمنية معينة فلو رأيت صديقاً من أيام الطفولة سيذكرك بتلك الفترة بما فيها من أفراح و اتراح. ومدى عمقها في نفسك و أثرها يجعلك تكره أو تحب لقاء هذا الصديق.. و الصديق مثله مثل العطر أو الاغنية فكل منها يرمز إلى ذكرى وغالباً تكون ذكرى جميلة. وقد تكون ذكرى للأحلام التي لم تتحقق، أو التأخر عن الركب قد تكون ذكرى لأنك كنت ناعماً حالماً واصبحت قاسياً واقعي. أو ذكرى لفترة وردية بعيده لم تعد تؤمن بها.

وتلك الذكريات هي ما يحكم مدى تغيرنا إلى أشخاصاً آخرين، يفتقدون إلى الضحكات والفرح كما كان.

ولكن من الصعب أن تكون لصديقٍ عزيز ذكرى بارده لا يرغبها ويشعرك أنه لا يرغبها بكل نظرة وكلمة ووداع.. وكأنه يقول صداقة الامس لم ولن تحيا لليوم.

فيديو صداقة الامس لم تحيا لليوم

أضف تعليقك هنا

ماجده الكناني

ماجده الكناني

- بكالوريوس ترجمه من جامعه الملك سعود
- ماجستير إدارة صحية ومستشفيات من جامعة الملك سعود – الرياض
- عضو الجمعية السعودية للإدارة الصحية
- مستشار إداري مرخص
- مدرب معتمد
- خبرة في المجال الإدري لمدة تزيد عن 20 عاماً
- كاتبة في المجال الإداري ولديها عدد من المواضيع في عدة مجلات متخصصة

موقعي الالكتروني www.majda-alkenani.com