لغة الجسد (جزء الثاني)

تتجلى وسائل الاتصال غير اللفظي عبر سلوك العين ، وتعبيرات الوجه، والإيماءات ، وحركات الجسد ، وهيئة الجسد وأوضاعه ، والشم ، واللمس ، والذوق ، والمسافة ، والمظهر ، والمنتجات الصناعية ، والصوت ، والوقت ، ومفهوم الزمن ، وترتيب البيئة الطبيعية والاصطناعية.

ستة أبعاد

وللغة الجسد ستة أبعاد ، وهي بُعد نبرة ونغمة الصوت ، وبُعد تعابير الوجه ، وبُعد إيماءات الجسد من يدين ، وأصابع ، وقدمين ، وساقين ، ورأس ، وبُعد نظرات العيون ، وبُعد المظهر الخارجي ، وبُعد المسافات والمكان.

و تقسم حسب منشئها إلى ثلاثة أقسام:

الأول: إيماءات تولد مع الشخص وتؤثر فيه دون أن يكون له أي دور في التلاعب بها ، مثل : احمرار الوجنتين عند التعرض لموقف محرج ، البكاء عند الحزن .
الثاني: مكتسب بشكل إرادي (يتعلمها الشخص ويتدرب على استعمالها ويطورها خلال مراحل حياته المختلفة بسبب حاجته لها) مثل : مهارات المصافحة ، مهارات لغة الجسد في العمل.
الثالث: مكتسب ولكن بشكل غير ِإرادي ، حيث يكتسبها الشخص خلال تربيته ونموه وتجاربه التي يخوضها ولكن بغير قصد سابق (إنما تعود عليها حتى أصبحت جزء منه) ، مثل : مص ثدي الأم يتحول إلى مص الإصبعفي الطفولة المبكرة عند القلق ويستبدل بمص طرف القلم في مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة ويستبدل بالتدخين بعد ذلك (إلا أن المنشأ واحد).

القدماء المصريون والإغريق والرومان

ومن أوائل الحضارات التي اهتمت بالاتصال غير اللفظي ودراسته وما يصدر منه ، القدماء المصريون والإغريق والرومان ، ويدل على ذلك التماثيل والمعابد التي تم بناؤها بواسطة هذه الحضارات ، ويعتبر الصينيون القدماء أكثر من تميز بدراساتهم الدقيقة والوافية لتعابير الوجه الإنساني ، وهم يطلقون على هذا العلم (السيانغ ميان) وهو علم قراءة الوجوه).
ونجد أمثلة كثيرة في تراثنا العربي تدل على أهمية الاتصال غير اللفظي وخاصة ما طرحه الجاحظ وما تبعه فيه آخرون ، وقد رأى العرب أن الاتصال غير اللفظي – كالتمثيل بحركة الأصابع ، هو نوع من القول ، أي أنه في مستوى الاتصال اللفظي نفسه ويحقق وظيفته ولعل الحديث النبوي الشريف خير مثال على ذلك عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى” (رواه مسلم) ، فاعتبر الإشارة هنا كالقول. واهتم العرب منذ القدم بشكل خاص بتعابير وسمات الوجه وتفسير معانيها حتى برعوا فيها ، وقد أخذوا هذا العلم عن الحضارة اليونانية فكان يُنظر إلى الشخص فيُعرف من أين هو وإلى أي القبائل ينتمي وأخلاقه الباطنة وصفاته وقد سُمي بعلم الفراسة. وقد برع كثيرون في هذا العلم منهم ؛ الإمام الشافعي ، الرازي ، وابن رشد ، ويعتبر ابن سينا هو أول من ذكر الفراسة في رسالة مختصرة عن تصنيف العلوم العقلية ، وقد ظهرت العديد من المؤلفات التي عالجت هذا الموضوع مثل كتاب الفراسة لمحمد بن زكريا الرازي ، وكتب شمس الدين بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي السياسة في علم الفراسة، وقد أتى فيه على لغة الجسد ، وأكد الجاحظ في كتابه الحيوان على أهمية الاتصال والتواصل بإيماءات الجسم وإشاراته وأورد العديد من القصص والأمثلة وأبيات الشعر على ذلك ، إن أول اتصال للإنسان بالعالم كان غير لفظي ، وقد اهتمت الدراسات في أواسط القرن العشرين على دراسة لغة الجسد ، وأجمع المتخصصون على أن الاتصال غير اللفظي مركزي وأساسي في علاقتنا مع الآخرين.
وأشار عالم الإنسانيات (راي بيرد وسيل) رائد دراسة علم إيماءات الجسد (kinesics) قدر أن الشخص العادي يتحدث بما يقارب 10-11 دقيقة يومياً ، وقال أيضاً إنه يمكننا إصدار والتعرف على 250000 تعبير للوجه ، كما أن المكون اللفظي للمحادثة وجهاً لوجه تشكل أقل من 35% من الرسائل بينما تشكل الرسائل غير اللفظية أكثر من 65%.

فيديو لغة الجسد (جزء الثاني)

أضف تعليقك هنا

المحامي د. عبدالكريم بن إبراهيم العريني

د.عبد الكريم العريني - محامي وقاضي سابق
قاضي سابق، محامي، محكم دولي.
مستشار شرعي وقانوني ومحكم دولي.
مستشار دولي في الذكاءات المتعددة معتمد من المعهد الأمريكي للتعلم والتنمية البشرية
زميل اتحاد التحكيم الدولي

خبير في تفسير العقود التجارية أكاديمية ليدز إنجلترا

الموقع الإلكتروني لمكتب د.عبد الكريم العريني هو aolaw.com.sa