أربعة شيوخ والخامس على دكة الاحتياط

خلال حياتي واطلاعي على رموز الأديان بشكل عام، وبالأخص الدين الإسلامي، وجدت ان هناك أصناف للشيوخ كما نسميهم، والذين هم علماء الدين، او المتفقهين بالشريعة، او الخطباء وأئمة الجوامع، او الدعاة او قراء المنابر، وهذا التصنيف ليس على المستوى العلمي لهؤلاء الشيوخ، وانما هذا التصنيف يتمحور حول أهدافهم من تصديهم لحمل راية الشريعة الإسلامية، وطريقة تعاطيهم مع النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وسيرة النبي واهل بيته والصحابة، وكيفية إيصال الفكرة الى عامة الناس.

الدوري الإسلامي 

فكانت الحياة بالنسبة لي ولكثير من الناس، كملعب كرة القدم، نحن المتفرجون، والشيوخ هم اللاعبون، وفي كل لعبة في الدوري الإسلامي بين فرق الطوائف الإسلامية، كان لكل فريق منهم أسلوبه في اللعب، ولكن بين الحين والآخر تجد انهم يتفقون على أسلوب واحد، وخاصة عندما تكون اللعبة قائمة بين ناديين تدعمهما شركتين متنافستين في السوق المحلي والعالمي، وبسبب اداء الشيوخ في هذا الملعب الأخضر، وبعد انتهاء المباراة الشيقة، نقف كلٌ على طرفه ونحن نوجه الشتائم لمشجعي الفريق الآخر، احياناً تصل الى اكبر من ذلك بقليل، وأحياناً وبسبب تعاطف الحكام مع فريقنا الموقر، فإننا نتعرض الى الضرب المبرح والتشريد.

المضحك في الأمر ان الذي يتفرج على المباراة من شاشة التلفاز، لا يشاهد سوى المشاهد السلبية والعنف الذي يحصل اثناء وبعد المباراة، ولكن المصور دائماً ما يغطي حقيقة ان مشجعي الفريقين هم من نفس البيت، وتربطهم علاقة حب ومودة، وما يحصل في الملعب يبقى فيه ولا يؤثر في الغد على حياتهم اليومية، لذلك انطبعت الصورة وترسخت في اذهاننا باننا أعداء، والسبب اننا لا نصدق ما نراه على ارض الواقع وداخل الملعب، وانما نصدق ما تبثه الفضائيات، وما يتكلم به شذاذ القول ومزوري الحقائق.

في الملعب هناك اربعة شيوخ وهم:

الشيخ الأول: هادئ ومتسامح

ولديه روح رياضية عالية، يلعب لتحقيق الربح ومتعة الجمهور، ومتقيد بتعليمات اللعبة، وعندما تلتقيه قناة إذاعية او تلفزيونية، لا يصرح الا بالكلام الطيب، يعالج خلافاته مع اللاعبين من فريقه او الفريق الخصم بكل اريحية واحترام ونبل.

وهذا الشيخ لا يريد للجمهور ان يتشاجر مع جمهور الفريق الاخر، ورسالته يوصلها بالأسلوب الحسن، ولكن هذا اللاعب مهمل من قبل الاعلام، قليل الظهور على الفضائيات، ومن الصعب ان يجد نادياً محلياً ليلعب فيه، فهو الوحيد الذي يغرد خارج السرب، انه الشيخ المعلم.

الشيخ الثاني: بلا خبرة وبلا علمية

من الشارع الى الملعب، جذبه الى هذا المستطيل الأخضر حب الشهرة والاستفادة من الرواتب والعطايا، وعشق الجمهور له، مراوغ ماهر ومتلاعب بالخصم، يجيد التمثيل وخداع الحكام والجمهور، انه اللاعب الأكثر خطراً على الخصم، يحب ان يصطاد بالماء العكر، يلعب قريباً من القلب، يؤثر على مشاعر الجمهور، يحب ضربات الجزاء واكساب الخصم الإنذارات، يتابع المشجعات، وعينه على أموال الجمهور، لا يمانع ان يسرق او ان يتلاعب بنتائج المباراة، انه الشيخ المخادع.

الشيخ الثالث: لا يعرف من اللعبة سوى دفع الخصم

دخوله يعني اخراج ثلاثة لاعبين محمولين على حمالة المصابين، في كل لعبة يدخل اليها يطرد منها ويختفي في لعبتين ويظهر من جديد بنفس الأسلوب والأداء، لاعب لا يعرف سوى العنف واستخدام القوة، مستهتر بالقوانين والأعراف، لا يجيد سوى كلمة الضرب والمعاقبة والتعنيف، ويشجع الجمهور على افتعال المشاكل والتجاوز على القانون، انه الشيخ القاتل.

الشيخ الرابع: لا يجيد من اللعبة سوى الانتقاد ورمي الاتهامات على لاعبي فريقه

وحتى لاعبي الفريق الخصم، يتكلم أكثر من اللعب، يضع النظريات باستمرار (منظر)، وهو لا يستطيع تسجيل الهدف حتى لو انفرد مع حارس المرمى بالكرة، لاعب لا فائدة منه، ولكنه في التشكيلة بسبب المحاصصة والمحسوبية، انتقاده مسموع لأنه يختار الوقت المناسب لبث انتقاداته، تسمع كلامه تحسبه شيخ المدربين، تحلل تصريحاته تجده فارغ المضمون، انه الشيخ المنتقد.

الشيخ الخامس: لاعب دكة الاحتياط

لم اتعرف عليه حتى هذه اللحظة، لا اعرفه ولا اعرف أصله وطريقة لعبه، فقط ما زال يجلس على دكة الاحتياط، ولعل الأيام القادمة تظهر لنا ماهي حقيقته وما هو مكانه من الفريق، انه الشيخ خلف الكواليس.

هؤلاء هم الشيوخ الذين تعرفت عليهم اثناء مشاهدتي لدوري الفرق الإسلامية، وفي كاس العالم للديانات السماوية، وكما نعلم فان من نفس اللاعبين من سيصبح مستقبلاً مدرباً للفريق، وكل مدرب يختار لفريقه من هم على شاكلته، متمنياً من الجميع تشجيع الفريق المناسب، وصاحب اللعب النظيف، وان نبقي على حبنا لبعضنا ان فاز فريقنا او خسر، فكلنا ما زلنا نلعب في نفس الدوري، وتحت نفس الشعار، وان نشجع اللاعب المناسب والأفضل، وهو من سينال الميدالية الذهبية في نهاية المطاف عند توزيع الجوائز.

والحمد لله رب العالمين.

فيديو مقال أربعة شيوخ والخامس على دكة الاحتياط

 

أضف تعليقك هنا

نجم الجزائري

السيرة الشخصية:
نجم عبد الودود الجزائري، ولدت في العراق في محافظة البصرة عام 1980، من ابوين عراقيين، حصلت على شهادة الدبلوم في تقنيات الهندسة المدنية عام 2000، وفي عام 2007 حصلت على شهادة البكالوريوس في ادارة الاعمال من جامعة البصرة، وظفت في جامعة البصرة وما زلت اعمل فيها.

مهاراتي:
* اجيد استخدام الحاسوب وصيانة الحاسبات
* اجيد استخدام البرامج الخاصة بالطباعة والتصميم والرسم الهندسي
* اصمم مواقع الكترونية بسيطة
* كاتب مقالات عامة
* اجيد تصميم البرامج الحسابية وقواعد البيانات باستخدام برامج المايكروسوفت اوفيس
* اجيد فنون الدفاع عن النفس واستخدام السلاح الابيض والخفيف والمتوسط
*