أسماء سقطت من ذاكرتنا(1)

كثيرة تلك هى الأسماء التى يحفل بها تاريخنا الطويل بعض هذه الأسماء يضيئ فى التاريخ كالذهب.. نال الشهرة والمكانة والكثير من تلك الأسماء طواه النسيان لم ينساه التاريخ فالتاريخ أبدًا لا ينسي أبطاله ورجاله لكنها أسماء سقطت من ذاكرتنا نحن ؛لأننا لا نقرأ تاريخنا وإن قرأنا لا نفهم.

اشتهرت أسماء لأنها حاربت وحررت وانتصرت ومثلها أسماء حاربت وحررت وانتصرت ولكن ذاكرتنا تغفلها ومن تلك الأسماء:

الملك الصالح

خلدت ذاكرتنا صلاح الدين الأيوبى البطل العظيم الذى حرر بيت المقدس من يد الصليبيين لكن خانتنا ذاكرتنا فى تخليد اسم آخر حرر بيت المقدس وهو أحد أقرباء صلاح الدين حفيد أخيه إنه الملك الصالح نجم الدين أيوب الذى أعتلى عرش مصر سنة 637هـ بعد وقائع وأزمات حدثت له مع أخيه وأبناء عمومته.

الملك الصالح نجم الدين أيوب حفيد أخ صلاح الدين

اعتلى أيوب العرش ومهد أمور مصر وحارب المفسدين فيها ولقى عنتًا كبيرًا من أعمامه وأبائهم حتى أنهم أسروا ابنه ومات فى حبسهم وعانى الشدائد للحفاظ على ملكه الذى كلله بتحرير بيت المقدس.

تحرير بيت المقدس

نعم حرر بيت المقدس فبعد أن حرره صلاح الدين عقب معركة حطين سنة 583هـ ظل فى أيدى المسلمين حوالى الأربعين سنة ليتنازل عنه الملك الكامل محمد-ابن أخى صلاح الدين- للصليبيين بقيادة ملك ألمانيا بعد أن استنجد به على محاربة أخيه !!

نعم استعان الكامل على قتال أخيه بالفرنج وكان الثمن هو التنازل عن بيت المقدس لهم! وهكذا عادت أعلام الصليبين ترفرف على القدس مرة أخرى بعد فترة قصيرة من تحريره إلى أن استتب الأمر لأيوب فى حكم مصر فجهز حملة أستطاعت إستنقاذ بيت المقدس من الصليبيين ومن ولاهم من أمراء بنى أيوب بعد أن هزمتهم قوات أيوب فى معركة الحربية التى يقدر من قتل فيها من الصليبيين بخمسة الآف جندى بعد هزيمة سريعة جدا وسيقت بشارة النصر إلى القاهرة فزينت لذلك وقدم الأسرى الذين طيف بهم فى شوارع القاهرة واستعملهم أيوب فى إتمام بناء قلعة الروضة وظلت رايات المسلمين ترفرف على بيت المقدس حتى دخله الإنجليز إبان الحرب العالمية الأولى.

هكذا حفظت ذاكرتنا المحررالأول لبيت المقدس من يد الصليبيين –صلاح الدين- ونسيت ذاكرتنا محرره الثانى الملك الشجاع أيوب والذى يكفى من سيرته أن نعرف تجلده وبره على لقاء الفرنج الذين جاءوا إلى مصر لاحتلالها وهو مريض يحمله جنوده فى محفة حتى مات وهو يدير المعركة رحمه الله.

الملك الناصر

وكالمثال السابق فقد خلدت ذاكرتنا قطز وبيبرس لأنهم هزموا التتار بعين جالوت وردوهم عن مصر والشام لكن ذاكرتنا أغفلت اسمًا آخر، قبل أن نذكره لابد أن نشير إلى أن هزيمة التتار بعين جالوت لم تكن أول هزائمهم، فقد قاسى التتار على يد ملوك خوارزم إلى أن استفحل أمرهم ومضوا فى سبيلهم حتى وصلوا إلى باب مصر، حيث لقيهم جند المسلمين ودحروهم.

هجوم المغول بقيادة غازان حفيد هولاكو

لكن فكرة العودة العودة إلى مصر ظلت عالقة بأذهانهم لم يؤخرهم عنها إلا أن بعضهم اعتنق الإسلام ودبت بينهم الخلافات ولكن مع استتباب أمورهم أطلت الفكرة فى رأس أحد خانتهم وهو غازان حفيد هولاكو سنة 702هـ فجمع حشودا هائلة من التتار وقرر احتلال الشام والقضاء على المماليك وكان لابد من دحره ولكن مات قطز وبيبرس.

الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون

لكن كان هناك بطل آخر وقائد جديد يجلس على عرش مر وهو الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون المملوكى الذى جاء بنفسه لقيادة المعركة مخالفًا بذلك ظن عدوه غازان الذى أرسل للمعركة أحد كبار قواده وهو قطلوشاه ظنًا منه أن العرين بلا أسد.

والتقى الجمعان بمنطقة مرج الصفر أو شقحب بالقرب من سوريا وكادت عساكر المماليك أن تهزم فى بداية الأمر لولا ثبات الأمراء ووجود الناصر فى المعركة وهو الأمر الذى فوجئ به قطلوشاه واستمرت المعركة ثلاثة أيام ثبت خلالها الفريقان ثباتًا كبيرًا إلى أن فتك العطش بالمغول فاقتربوا ليشربوا من النهر فأفسح لهم المماليك الطريق حتى إذا ما قدموا إلى الماء حصدوهم حصدًا.

النصر العظيم على المغول

وكان نصرًا كبيرًا فرح به المسلمون ودخل الملك الناصر محمد القاهرة عاصمة ملكه التي تزينت له من باب النصر ومعه الأسرى ورؤوس المغول فى موكب جليل ثم زار قبر أبيه الملك المنصور، وصعد إلى قلعة الجبل على سجاجيد من الحرير، وأنعم على الأمراء، وأقيمت احتفالات كبرى في البلاد

أما قطلوشاه فقد وصلت أنبأ هزيمته إلى همدان فأغتم غازان غماً عظيماً حتى مرض وسال الدم من أنفه. ولم يعمّر غازان طويلاً بعد تلك الهزيمة الماحقة حيث مات مكموداً بعدها بعام واحد.

هكذا نسيت ذاكرتنا هذا البطل وانتصاره الكبير ربما لأنه لم يتم كتابتة قصة روائية تحكى قصته ويختلط فيها الحب بالحرب أو لم ينتج حول قصته فيلم يكون بطله أحد نجوم الشباك الكبار أو ربما لأن “آة حارتنا النسيان” كما قال نجيب محفوظ فى إحدى روايته .

المهم أن فى تاريخنا أبطال نسيناهم ولكثرتهم فلن يتسع المجال لجمعهم فى مقال واحد ولهذا فللحديث بقية ……

فيديو أسماء سقطت من ذاكرتنا(1)

أضف تعليقك هنا