الفساد ليس فساد اخلاق

الفساد كلمة تعبر عن عدد لا نهائى من السلوكيات التى تعارفت واجمعت عليها المجتمعات على انها سلوكيات خاطئة، ولكن فى عصرنا هذا شاع استخدام هذه الكلمة لوصف الرشوة و المحسوبية فى الجهاز الادارى للحكومات و الدول.

وعندما يتحول الفساد الى ظاهرة مجتمعية فى مكان ما يبدأ الناس بالتصدى لها عن طريق تحليل هذا السلوك للوقوف على اشكاله و آثاره و اسبابه و كيفية الحد منه حيث انه يمثل خطر داهم على اى مجتمع سواء تمثل فى الرشوة او المحسوبية و لاتقل المحسوبية خطرا عن الرشوة بل اشد فتكا ببنية المجتمع. واول ما يتبادر الى الذهن عن اسباب الفساد كظاهرة هو فساد الاخلاق وهذا تحليل يفتقر كثيرا الى الدقة ولكن ربما القول به يكون مقبولا عنما يكون الفساد استثناء و الصلاح هو الاصل و الاساس.

اذن من غير المنطقى ان مجتمع كامل يقدر عدد افراده بالملايين يفتقرون الى الاخلاق و القيم والمثل العليا خصوصا فى المجتمعات العربية المتدينة اصلا بطبيعتها بل و اكثر من ذلك احيانا تكون الرشوة عبارة عن رحلة عمرة او حج فكيف يستقيم هذا؟ فالفاسدون اشخاص يعيشون بيننا ولايمكن تمييز الفاسدين عن غيرهم من باقى افراد المجتمع فهم يصلون و يصومون ويفعلون كل ما يفعله بقية افراد المجتمع و لا يقتصر الفساد على طبقة معينة فهناك الغفير الفاسد والوزير الفاسد وحتى القضاة وهم عنوان العدل بينهم من هو فاسد. اذن ما اسباب الفساد الذى اصاب جميع فئات المجتمع؟
تتعدد قطعا اسباب الفساد و استشراءه فى مجتمعاتنا العربية ولكن يأتى الفساد الاخلاقى فى ذيل قائمة الاسباب التى تؤدى الى ظاهرة الفساد.

ولكى يكون الحديث مبنى على منطق سليم نقول ان هناك سببان رئيسيان للتخلى عن الفضيلة و الوقوع فى شرك الفساد اولهما ضعف القناعة بهذه الفضيلة و الثانى شدة الاغراءات لتركها فالقناعة بهذه الفضيلة بمثابة قبضتك على الشئ و الاغراءات كقوة تحاول نزعها من يدك فكلما كانت قناعتك كبيرة كلما كانت قبضتك قوية عليها. فتصور انك موظف تقوم بتنفيذ قرار بازالة منزل مخالف ووجدت اسرة رقيقة الحال تعيش فى هذا المنزل فتعاطفت معها فتضعف قناعتك بتنفيذ هذا القرار و تفتح الباب لتلقى الرشوة و انت مرتاح الضمير حيث انك انقذت اسرة من التشرد فى مقابل مبلغ زهيد. و فى اغلب الاحيان يجد الموظف حزمة من القوانين و الاجراءات الغير منطقية و المتهمة من قبل من سيقوموا بتنفيذها بالغباء الادارى فلا يقتنع بها و بالتالى يضعف الدافع فى نفسه على تنفيذها. اما عن الاغراءات فتأتى جلها من الاعباء المالية و التى تقف جنيهات المرتب عاجزة امامها.

اذن يمكن القول ان القوانين و الاجراءات الموضوعة من قبل الحكومات فى المجتمعات العربية لا تلبى طموح الشعوب و لا تقنعها و لا تثق فى صحتها تأتى فى مقدمة اسباب الفساد فى المجتمعات العربية ويليها عجز رواتب الناس عن سد احتياجاتهم الاساسية.

فيديو الفساد ليس فساد اخلاق

 

أضف تعليقك هنا