عندما تصبح الزوجة صاحبة

في العلاقات الإنسانية هنالك بعض العلاقات تتغير بمرور الزمن، فتتطور لتصبح أكبر من حجمها الطبيعي الذي بدأت به، ومن الأمثلة على ذلك علاقة العم بأبناء اخوانه، فهو في مرحلة من المراحل يتحول الى اب، ورغم انه مازال عماً من الناحية النظرية، الا انه في واقع الحال انتقل الى الحالة الابوية، وهذا المعنى نجده ايضاً في علاقات الأقارب عندما يتحولون الى اخوة، ولا يعني انهم اخوة من الاب او الام، وانما اخوة وهم يؤدون هذا الدور فيما بينهم.

متى تتغير حال العلاقات؟

عندما تتعرض حياة الانسان الى الضغوطات، ويعاني من المحن والبلاء، تظهر العلاقات على حقيقتها الواقعية لا حقيقتها الوظيفية، ومن اشد المواقف التي سيمر بها الانسان، هي مشاهد يوم القيامة، وفي أحد هذه المشاهد يقول تعالى في سورة المعارج:

((…يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ…))

وفي سورة عبس:

(( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ))

وفي هاتين الآيتين، نجد ان الانسان في هذا الموقف الشديد والخطر، يفر ويحاول ان يفتدي بكل شيء عزيز عليه وقريب منه، وما يهمني في هذه الآيتين هو ان هذا الانسان، لا يفتدي او يفر من زوجته، بل من صاحبته.

فكيف أصبحت الزوجة صاحبة؟

الزوجة، تلك المرأة التي تجتمع تحت سقف واحد، مع رجل لتعطيه اول شيء عزيز عليها، وتكسر اول قوارير الحياء، لتنشأ بينهما اول العلاقات الجسدية، ومن ثم تستمر الحياة، بعض الزوجات تقف عند حد معين، حيث لا تجد تلك المودة والرحمة في زوجها، وكذلك الزوج، يفتقد في زوجته مقومات البقاء والاستمرار، حتى تصبح العلاقة الجسدية لا قيمة لها ولا فائدة او منفعة، حتى رابطة الابوة والأمومة احياناً لا تغير من واقع الزوج والزوجة، لذلك بقت الزوجة لفظة للوظيفة، ولكن في زيجة أخرى، وبعد عشرات السنين والاعوام، وبعد ان ينفرد الزوج والزوجة ببعضهما البعض، فيفقدان الاحبة والاعزة، ويعانيان معاً، يبكيان ويضحكان، يتشاجران ويتصالحان، يشعر احدهما بالأخر، لا ينام احدهما بعيداً عن الاخر، القلبين يصبحان قلب واحد، وروح واحدة، كل غالٍ يرخص للأخر، هنا لم تعد علاقتهما مع بعضهما زوج وزوجة.

عندما تصبح الزوجة صاحبة

عندما تصاحب الزوجة زوجها، في السراء والضراء، عندما تسهر على زوجها المريض، وعندما تغير عاداتها وتقاليدها من اجله، وعندما تتنازل عن حقوقها من اجل اسعاده، وعندما تمسك دموع المها حفاظاً على مشاعر زوجها، هنا تصبح الزوجة صاحبة.

وعندما لا يشعر الزوج بالأمان الا مع زوجته، ولا يملي عينه الا وجه زوجته وان شاخ وامتلأ بالتجاعيد، وعندما يصبح كل الطعام في فيه تراب الا طعامها، وعندما يصبح كل الفراش شوكاً الا فراشها، وعندما يعرف زوجته من مشيتها ولو بين ألف من النساء، وعندما تصبح امينة سره، ومستودع مكنوناته، هنا تصبح الزوجة صاحبة.

ولهذا فان الزوجة وردت في أصعب المواقف كصاحبة، لأنها اجادت دورها باحترافية، انتقلت من دور الى اخر، فهي ام واخت وصديقه، انها رمز للوفاء والبقاء، ولهذا ضرب الله تعالى مثالاً لشدة يوم القيامة، كيف يفر المرء من اعز الناس اليه واحبهم الى قلبه، وكانت الزوجة الحبيبة والصاحبة الطيبة، هي واحدة ممن سيفر الانسان منهم رغم قوة العلاقة بها ومعها.

فحفظ الله تلك الزوجات الصابرات مع ازواجهن، تلك الصاحبات الغاليات، ونسأل الله تعالى ان يجمعنا معهن، وان يعطيهن على صبرهن معنا كل الخير في الدنيا، ومساكن الجنان العاليات في الاخرة، وان يتمم لنا معهن حياتنا بكل خير، وان لا نفترق واياهن الا على كل خير، وفي قلوبنا لهن كل الحب والرضا، ولنا في قلوبهن ذكرى طيبة لا يشوبها حقد ولا غل ولا حزن.

والحمد لله رب العالمين

فيديو مقال عندما تصبح الزوجة صاحبة

 

 

أضف تعليقك هنا

نجم الجزائري

السيرة الشخصية:
نجم عبد الودود الجزائري، ولدت في العراق في محافظة البصرة عام 1980، من ابوين عراقيين، حصلت على شهادة الدبلوم في تقنيات الهندسة المدنية عام 2000، وفي عام 2007 حصلت على شهادة البكالوريوس في ادارة الاعمال من جامعة البصرة، وظفت في جامعة البصرة وما زلت اعمل فيها.

مهاراتي:
* اجيد استخدام الحاسوب وصيانة الحاسبات
* اجيد استخدام البرامج الخاصة بالطباعة والتصميم والرسم الهندسي
* اصمم مواقع الكترونية بسيطة
* كاتب مقالات عامة
* اجيد تصميم البرامج الحسابية وقواعد البيانات باستخدام برامج المايكروسوفت اوفيس
* اجيد فنون الدفاع عن النفس واستخدام السلاح الابيض والخفيف والمتوسط
*