نزيف قصة قصيرة

ومضات نور تضئ المكان بين حين و آخر ، أطياف من دخان تتصاعد و تتلوى في الهواء مؤدية رقصة عشوائية تشبه كثيراً ما يفعله عبدة الشيطان، أصوات متباينة تتناهى إلى مسامعي، صاخبة أحيانًا خافتة أحيان أخرى، لا أتبين منها غير صوت عم حسين حارس العقار الذي أسكن فيه، خيالات لأشخاص يروحون ويجيئون ليلقوا علي نظرات غريبة، لعلها نظرات شفقة وعطف وربما رثاء !!

شيء ما يسيل و يبلل ملابسي ، لقد اتسخت بدلتي التي اشتريتها ليلة أمس خصيصاً لحضور حفل تكريمي اليوم ، رغبة شديدة لإفراغ مافي جوفي، إنه ذلك الحواوشي اللعين الذي التهمته منذ ساعتين، لابد إنه كان مسموماً، بالتأكيد إنه ليس لحم بقر أو جاموس بل هو لحم الحمير الذي كثر الحديث عنه هذه الأيام، شيء صلب يجثم على صدري، يخنقني، يفت في ضلوعي .

صوت يطغى على هذا الضجيج ….

شاش ، أريد لفافات شاش، أريد بعض القطن سريعاً ..

امرأة عجوز تقترب مني، ترمقني بنظرة فاحصة، تميل نحوي ، تولول، تنفجر بالصراخ .

أحمد … أحمد … ابني …. يا خسارة شبابك يا أحمد .

تقترب مني أكثر فأكثر مع ارتفاع سيمفونية الصخب و الضجيج التي تعزفها، تطبع قبلة على جبيني، تتسلل أصابعها نحو جيبي، تلتقط حافظة نقودي التي تحوي مكافأة نهاية خدمتي، يستمر صخبها وضجيجها، يخفت صوتها رويداً رويداً حتى يختفي، أحاول الامساك بها، يحتبس صوتي…

أنا لست أحمد، أحمد ليس اسمي و هذه ليست أمي، يا إلهي، ماذا يحدث ؟

صوت سارينة الإسعاف يقترب ، ينشق الجمع ليطل منه شاب في مقتبل العمر ، بادرته بقولي ..

الست التي كانت تصرخ ليست أمي ، أحمد ليس اسمي، وهي ليست أمي.

لم يكترث كثيراً بكلامي و كأنه لم يسمعني ،جثم على ركبتيه، فتح حقيبته ليخرج منها أدواته ، نظر إلى عيني، سلط عليها كشافاً ضوئياً للحظات، وضع سماعته الطبية على صدري ، أومأ برأسه معرباً عن أسفه.

حاولت استجداءه لمساعدتي في القبض على تلك المرأة التي سلبتني حافظة نقودي و مكافأة نهاية خدمتي ، لم يلتفت لي، أغلق حقيبته، عاد أدراجه من حيث أتى،عشرات من أوراق الجرايد تغطي جسدي!!

لا أريد هذه الأوراق العفنة، لا أطيق قراءتها، مقالاتها سخيفة ، أخبارها كاذبة ، كتابها منافقون ، ابعدوا عني هذه الأوراق !!

يبتعد صوت السارينة …. يخفت ….. يختفي !!

فيديو نزيف قصة قصيرة

 

أضف تعليقك هنا