لسنا بدعاً من الامم

 

الوطن ليست تلك البقعة من الارض التي ولدنا عليها وترعرعنا فيها ولا تلك الخطوط التي تُرسم في أروقة السياسة بأشكالٍ بيانية على ورقةٍ يصنعها بعض السياسيين حسب ما تقضيه مصالحهم .

لا بل هي تلك الارض التي يجد عليها المرء معاشهُ ويصان فيها كرامته .

و الكورد ولأكثر من عشرة عقود لم يتمتعوا بهذه الرقعة الجغرافية التي ينطبق فيها الركنين السابقين لأسبابٍ جيوسياسية أرادتها القوى العظمى منذ اتفاقية (سايكس بيكو ) المشؤمة.

ولكثرة  الظلم و الحيف الذي وقع على هذا الشعب  أسماهم الكاتب و الاستاذ المصري المعروف فهمي هويدي    ((بشعب الله المحتار)) إلا أن أغلب الدول الاقليمية والعظمى على حدٍ سواء ممثلةً بحكوماتها لا زالت تُضاد تطلعات هذا الشعب فما إن أعلن رئيس حكومة الاقليم السيد مسعود البارزاني عن موعدِ الاستفتاء في الخامس والعشرون من شهر أيلولٍ الماضي حتى انهالت على الكورد أكوامٌ من التهم والشتائم . وشُيطن في أغلب وسائل الاعلام و وُصف بالصهيونية وغيرها من الاوصاف التي يشمئز النفس منها ولا زال السعيُ جارٍ لحصاره وتجويعه من الدول الاقليمية بمباركة حكومة المركز .

وكأن شعبُ كوردستان بدعٌ من الشعوب التي تطالب باستقلالها فبنظرة سريعة على ما نشرته جريدة الواشنطن بوست  نجد أن الكورد من الشعوب المتأخرة في هذا المطلب .

ففي 1/مارس/أذار 1993

أعلن البرلمان التشيكوسلوفاكيا إنشاء جمهوريتي (التشيك – وسلوفاكيا )وانشطرت الدولةُ نصفين بعد ثلاثة أعوام فيما سميت (بالثورة المخملية) .

وفي السنة ذاتُها أعلنت إريتريا استقلالها عن اثيوبيا ونالت في السنة التي تليها أرخبيل استقلالها عن مجموعة جزر ميكرونيزيا غرب المحيط الهادي علماً ان عدد سكانها حين ذاك كانت تبلغ واحداً وعشرون ألف نسمة .

وكذا كانت حال التيمور الشرقية والجبل الاسود وكوسوفو وكانت آخر هذه التجارب جنوب السودان في 9من يوليو/تموز 2011 .

ومن ذات المنطلقات فإن من حق شعب كوردستان ان تطالب باستقلالها وتسعى لتأسيس دولتها التي باتت مطلب جميع مكوناتها من كوردٍ وعرب وتركمان وكلدوا آشور وكفاهم ما عانوا من التهميش والدمار والقصف بالأسلحة الكيمياوية .

وعلى الرغم من بعض التجارب الغير مثمرة ولا نلمس بوادر نجاحها الى الان ونخص بالذكر هنا تجربة (دارفور / جنوب السودان) ودعوى بعض المحليين وتخوفهم من تكرار ذات التجربة في كوردستان إلا أننا نرى خلاف ذلك فكوردستان لديها بنى تحتية متينة وحكومة محلية تدير شؤن الاقليم لما يزيد من الثلاثة عقود استطاعت من خلالها أن تجعل من كوردستان بقعة آمنة ومزدهرة جذبت كبريات رؤوس الاموال والشركات العالمية والاقليمية وافتتح فيها الكثير من القنصليات وممثليات بعض الدول وكل هذا بـ 17في المائة المخصصة لها من ميزانية العراق .

وأصبحت لكوردستان سمعة طيبة بين دول العالم

المتقدم وكانت لأكثر من مرة مركز العلاجات الناجعة لتشكيل الحكومة العراقية وحلول أغلب المشاكل الحاصلة بين الاحزاب والكتل السياسية .

وكانت لبسالة قواتها المسلحة ( البيشمركة ) دورٌ مركزي في محاربة عصابات الاجرام (داعش) و من خلالها حصلت على الدعم العسكري واللوجستي من التحالف الدولي مما أعطاها زخماً أكبر في مواقفها الدولية والإقليمية على حدٍ سواء

وإن هذه الدعائم هي مرتكزات جيدة يمكن أن تستند عليها دولة كوردستان المنشودة رغم كم المعاناة التي ستلاقيها لمدةٍ غير يسره حال أعلنها الاستقلال نتيجة معارضة الحكومة المحلية والدول الاقليمة المتخوفة من ذات المصير  ولكنها ستنهض في ضوء المعطيات التي ذكرت فالنتائج تبنى على المقدمات وإن لكوردستان مقدمات جيدة كما أسلفنا

 

فيديو لسنا بدعاً من الامم

 

أضف تعليقك هنا