هاجس الهجرة

غايتي الكبرى أن أهاجر

لم أكُن كباقي الأطفال، لم أحلم أبدا أن أصبح طبيبة أو مهندسة كانت غايتي الكبرى أن أهاجر،رغم أنني لم أكن أعي شيء آنذاك إلا و أن فكرة الهجرة راودتني منذ الصغر، بحكم أنني ترعرعت في أحد الأزقة القديمة بفاس (الشرابليين) كنت أرى السياح يتكسعون باستمرار داخل المدينة وتقريبا طوال السنة ؛الشيء الذي جعلني أطرح عدة تساؤلات,

هل هم دائما في عطلة؟

لما لم يأخذني والدي في عطلة خارج البلد أيضا؟ أعرف وضعه المادي جيدا لكن من أين تأتيهم المال للسفر طوال السنة وأبي يعمل طول السنة و لا يأخذنا إلى أي مكَان، أيضَا كنت اُبهر بما تجْلبُ خالتي و أبناء خالي المتغربين، رغم أنهم لم يجلبوا إلا علب من الشوكولاتة و القهوة وبعض الشظايا الآلية التي انتهى منها الاجانب، (رغم صغر سني كنت اعرف أنهم يجمعون ما تبقى من أدوات و ملابس الاجانب ليبيعونهم هنا او يهدونه لعائلتهم فنحن نقبل بكل شيء) كنت أسأل أمي باستمرار عن زمن قدوم خالتي و كم قضيت من الليالي أحلم بالشوكولاتة و أواعد اصدقائي أن اجلب لهم منها وهم أيضا كانوا يسألونني باستمرار عن موعد قدوم خالتي ويعدون الأيام معي.
بعدما كبرت و أصبحت في العشرينات من عمري لم يتغير الحلم بل تغيرت الأسباب ، لست ممن سينافق ويقول:
《اللهم قطران بلادي ولا شكلاط بلادات الناس 》
فالكذب أشد وطأة من الحقيقة الجارحة ، ليس من السهل أن تتمم دراستك و أنت تعي جيدا أنك ستصبح في عداد العاطلين بعد ذلك ، و كيف لك أن تمتهن حرفة و أنت تدري جيدا أن الحرف البسيطة ماتت في حضرة الصناعة و المعامل، زد على ذلك قدوم الصينين و تعميرهم السوق المغربية وكذا ابهارهم الناس بصناعاتهم وايضا ثمنها المناسب، الشيء الذي جعل المغاربة يتهافتون على منتوجاتهم ؛ من سيهتم بعدئذ إلى المنتوجات المغربية و ما مصير الصناعة التقليدية و الحرفة و الحرفي أيضا؟.. العمل في المغرب أصبح شبه معدوم، هناك من يرمي بجثته في البحر، البعض يذهب إلى الجزائر بطريقة غير شرعية لامتهان بعض مهن النقش و الجبص ، وآخرون يفرشون في الأرض سلع سبتة من تحلية و قهوة و أوان بلاستيكية إلى غير ذلك من السلع، يبيعون بحذر كبير وهم في استعداد دائم للهروب.

العمل

لا أدري ما قد يفعله المرء هنا وحتى إن وجد العمل فإن هواجس اخرى تظل تؤرقه مثل الصحة ومستقبل الابناء ، لكن العمل يبقى مقدسا فهو تحقيق للذات وضمان للاستقرار المادي و من الأشياء المهمة التي تحفظ كرامة الإنسان ، وهو العامل الوحيد الذي يدفع الشباب إلى الهجرة والبحث عن حياة أفضل..

فيديو المقال هاجس الهجرة

أضف تعليقك هنا