إني رُزقتُ حبَّها

“إني رزقت حبها” هذا ما قاله النبي صلى الله عليه  وسلم عن زوجته خديجة رضي الله عنها واعترف بهذا الحبّ أمام الجميع بل ومازال هذا الكلام وسيبقى خالداً بيننا إلى قيام الساعة.

لماذا يعترف النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحبّ أمام الجميع ؟

فهو صلى الله عليه  وسلم رغم مقامه الرفيع كنبي رسول وموقعه المهم كقائد ورجل دولة لم يعتبر حبه لزوجته ضعفاً ولا حتى اعترافه بذلك الحبّ نقصاً من رجولته كما يعتبره كثير من رجال هذا الزمان الذين لم يفهموا المعنى الحقيقي للرجولة.

وكيف لا يعترف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحبّ أمام الجميع وهو رزقاً ساقهُ الله إليه والرزق من نعم الله علينا والله أمرنا أن نُحدِّث بنعم الله كما قال تعالى: “وأمّا بنعمة ربِّك فحدِّث” بل إنّ الله تعالى كما ورد في الحديث أنه سبحانه يحبُّ أن يرى أثر نعمه على عباده وبالشكر تدوم النعم.

المنهج العاطفي كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم-

لذلك اختصر النبي صلى الله عليه  وسلم الذي أوتي جوامع الكلم بهذه الكلمات منهجاً عظيماً للزوج الصالح العاطفي الذي يحافظ على زوجته ولا يحرمها من حقوقها خصوصا العاطفية منها كالاعتراف بحبه لها ومدحها وتقديم كل ما يستطيع فعله من تضحيات وعطاءات تبرهن حبه لها فإنّ الحبّ من أهم وأكبر الروابط التي تجمع بين الزوجين وبسببه تهون أمامهما كل المصاعب وبسببه ترخص كل التضحيات وهو بمثابة المصباح الذي ينير الطريق للزوجين ولكن هذا المصباح لا بد له من وقود ليشعله لذلك فإن الحبّ لا بد له من وقودٍ يشعله ليدوم بين الزوجين وهذا واجب على الطرفين فالرجل عليه أن يشعل الجانب المسؤول عنه كما يجب على المراة أن تشعل الجانب الأخر المسؤولة عنه وعلى كل واحد منهما أن يعلم ما له وما عليه حتى تستقيم حياتهما.

وهذا ما كان واضحاً في حياة النبي صلى الله عليه  وسلم مع زوجته خديجة رضي الله عنها التي كانت أول من أسلمت وصدّقت بنبوته ورسالته وكانت السند والداعم الأول له حين حاربته قريش ووقفت في وجه دعوته والأحاديث في ذلك كثيرة لذلك بقي صلى الله عليه وسلم مخلصاً محباً لها حتى بعد موتها فكان اذا ذبح شاة يقول : أرسلوا بـها الى أصدقاء خديجة.

فينبغي لنا معشر الرجال إذا ما أردنا أن نسعد في حياتنا مع أزواجنا أن نأخذ العبر والدروس من قدوتنا صلى الله عليه  وسلم في حياته الزوجية وكيف كان يعامل نسائه في بيته وخارجه وفي السلم والحرب وفي الحضر والسفر.

فمن يتأمل حاله مع أمّنا عائشة يرى العجب العجاب فهو أيضاً اعترف بحبها له أمام جميع الناس ولم يستح من ذلك لمّا سأله أحد الصحابة من هو أحبّ الناس إليك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه  وسلم: “عائشة”.

وهذا ردٌّ على الرجال الذين يستحون وينكرون على من يعترف بحبه لزوجته أمام الناس ويعتبره من قلة الحياء وسوء الأدب فهل يوجد في الكون من هو أشدُّ حياءً وأكثر أدباً من نبينا صلى الله عليه  وسلم ولكن بشرط ألا يكون هذا الإعتراف بالحب مصحوباً بوصف فاحش لزوجته أو فيه من المياعة والخضوع بالقول.

تغزل سيدنا علي رضي الله عنه بزوجته

وخذوا دليلاً آخر على ذلك وهو تغزل سيدنا علي رضي الله عنه بزوجته فاطمة عندما قال لها:

“حظيت يا عود الأراكِ بثغرها         أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهـل القتال قتلتك         ما فـاز منـي يا سِواكُ سِواك”

وانظروا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسابق مع عائشة رضي الله عنها رغم كونه القائد العسكري وهمه الكبير في الغزوات إلا أنّ كل ذلك لم ينسيه حق زوجته فكان يقول للجيش تقدموا حتى لا يراه أحد فيتسابق مع زوجته ليدخل السرور إلى قلبها.

وتأملوا كيف كان يتنزه أيضاً معها ليلاً ويقرأ القرآن وهو متكئاً على حجرها وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تدل على الجانب العاطفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

هل يُستحى من حب الرجل لزوجته؟

فحبّ الرجل لزوجته ليس ضعفاً ونقصاً في رجولته وشجاعته أو شيئاً يُستحى منه بالعكس هو رزقأً وقوةً له فيجب على من رزقه الله الحب أن يحافظ عليه حتى يكبر فالحب كالبذرة يُنبتها الله في قلوبنا وهذه البذرة وجب علينا أن نسقيها بماء الإهتمام والغيرة والتضحية حتى تكبر وتدوم لنا نعمة من نعم الله العظيمة وكل نعمة أنعمها الله علينا سنسأل عنها يوم القيامة لذلك لا تفرطوا بنعمة الحبّ وأعطوها حقها.

فنحن في هذا الزمن نفتقد الكثير من الحب بل أصبحنا لا نعلم المعنى والمفهوم الحقيقي للحب فما أحوجنا لأن نملأ حياتنا وحياة الآخرين حباً نسعد به حياتنا وتنتشر الطمأنينة والسلام في نفوسنا.

فيديو مقال إني رُزقتُ حبَّها

أضف تعليقك هنا

مجد الدين المزوق

مجد الدين المزوق