سرق البوست وجرى

#منقول #مسروقة #copy_paste

تلك باختصار هى زوايا مثلث الإجرام الفكري.

قد ترى الأمر هينا لأنه -من وجهة نظرك- ﻻ يتعدى أكثر من كونه كلمات في شاشة، بيد أنك لو أمعنت النظر في تفاصيل الكفاح والنضال (حرفياً) التى عاشها صاحب المنشور، ولو أنك عشتها معه لحظة بلحظة وساعة بساعة بل ربما شهرا بشهر بدون مبالغة كما عاشها هو لفهمت دوافع غضبه حين يري كلماته عند آخر ينسبها لنفسه.

دعنا نتفق أولاً على أنه من يكتب موضوعاً عن شيء ما يكتبه ليرسل فكرة إلى القراء ربما تكون قد شغلت عقله وأخذت من وقته الكثير حتى اهتدى إلى ما توصل إليه وهو ما يصيغه في النهاية في تلك الكلمات التى يتعامل معها البعض على أنها “مجرد كلمات” في حين أنها في الأصل “فكرة”.

صراع فكري عنيف

تلك الفكرة قد تكون وليدة صراع فكري عنيف عانى منه صاحبه لمدة قد تمتد لأعوام (تماماً كالصراع الذي ينشأ عن أسئلة مثل: من خلق الله؟ كيف بدأ الخلق؟) فيصيغ فكرته وعقيدته التى توصل إليها في النهاية إلى كلمات ﻻ تأخذ من وقته سوى دقائق.

وقد تكون الفكرة وليدة قراءات متراكمة استطاع من خلالها المرء أن يقضي وقتاً طويلاً متدبرا ومتفكرا فيما قرأه وفيما استطاع جمعه من المعلومات لتخرج فكرته بعد ذلك إلى النور في سطور قليلة لا تأخذ من وقته سوى ثوان معدودة.

ولو كانت الفكرة مجرد كلمات على شاشة أو حبر على ورق، لما اهتمت دور النشر بحقوق الملكية الفكرية للكاتب بمجرد نشر كتابه والذى يتيح له المطالبة بتعويضات كبيرة ممن سرق الكتاب أو حتى اقتبس منه دون الرجوع إليه.

إحدى الصفحات على مواقع التواصل نشرت مقالا عن (حمزة الشبراويشي) صاحب اختراع “كولونيا 555” التى ظلت لفترة طويلة أيقونة العطور في مصر، كان المقال منقول نصا من كتاب صنايعية مصر لعمر طاهر دون الإشارة إلى الكاتب بأي شكل من الأشكال.

العجيب في أمر “السارق” ليس فقط سرقته لأفكار دارت في عقل غيره أو سرقته لمجهود قام به غيره، وإنما استقبال التعليقات والمدح والثناء من الجمهور والرد عليهم بردود تصور شدة تواضعه وخجله الشديد من كلامهم الجميل بمنتهى الجدية وكأنه بالفعل هو صاحب الأمر.

إن العمل الذهني أشد إرهاقا من العمل الجسماني، وإن سرقة الفكرة أكثر إجراما من سرقة أي شيء أخر مهما غلا ثمنه.

دعنا نعترف في كل حال أن سرقة الأفكار هى نتيجة منطقية مترتبة على الإفلاس الفكري الذي يعاني منه الكثير هذا العصر.

العقل هو أثمن ما يملك كل ابن آدم والأفكار وليدة العقول ويكون احترامها من احترام العقول وأصحابها.

وحفظا لمجهود الآخرين وتقديرا لعقولهم التى اجتهدت “بلاش نسرق البوستات ونطلع نجرى”.

فيديو سرق البوست وجرى

أضف تعليقك هنا

أحمد عثمان

أحمد عثمان