الإعاقة حكاية ظلم مجتمع

تتشابه حكايتي وحكايات من قتلتهم الإعاقة

من وصمهم مجتمعُهم بعديمي الفائدة وثقيلي المسؤولية. لا تختلف في حزنها إلا في مسمياتِ وملامح إعاقاتٍ لا دخل للإنسان فيها سوى أنه مالكها وكانت هي قرينته… تُداهمُ قسوةُ القلوب ونظراتُ الشفقة أرواحِ الأطفال دون أن تترك لهم فرصة اختيار الحب والكراهية… يُزج بكثيرٍ منهم في شوارعٍ تكاد تكون في حنانها أعظم من بشر سكنوا عتباتها.

يردد بعضُهم كلماتِ الإهانة بغلاف ضحكاتٍ لا تعرف معنى الإنسانية… مدرسون لا تعلم كيف استحق بعضهم ذلك اللقب… شوكةً غرسوها في روح طفلةٍ ظناً منهم أنها بلا إحساس… اعتبروا إعاقة عقلها عن التفكير غباء… وصموها بالغبية كأمها ألمانية المنشأ مَن لا تعرف لغتهم… أكان للأم أو الطفلة التي لا حول لها ذنبٌ في إعاقة العقل؟! ألم تكن تكفيهم ابتسامة روحها وتمتات شفتيها بكلماتٍ غيرَ مفهومةٍ تُرافقها ابتسامةٌ تمنح كل من يقدرَّ معناها سبل السعادة؟!

قتلوا روحها بعنفٍ ضاربين الإنسانية بعرض الحائط

لو أنهم يعلمون أنها على قيد الحياة؛ في انتظار الموت على شغفٍ حتى و إن كان لا شعورياً لبكواْ دماً لا دموعٍ على لا إنسانية اغتالتها الأنانية و حب الإحساس الأصم… لم يهتمواْ بجمال وجهها و لا بضحكتها التي أفضت البراءة على ملامحها، بل قتلوا روحها بعنفٍ ضاربين الإنسانية بعرض الحائط.

تستغرب لماذا يفكرون هكذا؟! ولماذا لا يتخيل أحدهم أنه أبٌ أو أمٌ لها ليتكبدوا عذاب الحزن والقلق على مصيرها حتى وإن كان وهماً أو خيالاً.

تبكي لُبنى ابنة الحادية عشر على سرير الدموع… وتغرق روحها في آلام الوحدة… ألقى أهلُها بها في مستنقع الإعاقات وهجروها لسنواتٍ بلا حب… إنها إحدى حكايات الإعاقات… لم تعرف طوال سنين وجعها سوى جدتها العجوز التي تجر قدميها بقوة السلحفاة… كانت تحتضتنها بملامح الحب والحنانّ! وتداعبُها دون كللٍ أو مللٍ أملاً في طرد وحدتها؛

ضمائرُ مَنْ أهلها بالاسم مُستترة خلف سجونِ جهلٍ وضيقِ أفقٍ!

حبسواْ حبهم لطفلةٍ وهبتها الحياة قدمين ساكنتين بلا مقدمات؛

أؤلئك مَنْ آثروا السفر إلى دول الخليج مصطحبين أخوتها دونها…

اهتموا بكسب المال وتخلواْ عن كسب حب طفلتهم.

أيُ ذنب اقترفته طفولتها؟!

أكان لعجز قدميها عن السير ذنبٌ أو مبررٌ لدفن الإنسانية إلى الأبد بلا إحساس!

وكانت النهاية…

حقدتْ كثيراً عليهم فهي لا تعرف لا ملامحهم ولا حتى نغمات أنفاسهم أو أصواتهم.

لكن؟!

الإرادة تنتصر على الإعاقة

تمطر السماء أمنيات النجاة… أصرَّتْ لُبنى على السير في ركب الإرادة… حفزها ذكاؤها وسرعة بديهتها على الرقي بمستواها التعليمي… أحبها مدرسوها لروحها المرحة وطيبة طبعها!

واستمرت الحياة دونهم….

تتشابه الإعاقات لتستنسخ من نفسها توائم في أمكنةٍ تختلف في البشر والعادات… ويبقى سر البقاء بصمةَ حياة في كل استنساخ…

فأيمن الطفل المنغولي صاحب البشرة المكورة لم يكن الطفل الوحيد الذي شب في أسرة ترابطت أوصالها بالحب والعطاء ليُغازل براءته ويصنع من قدراته الخفية رجلاً مسئولاً عن حياته ببساطة فكره…

  • حكاياتٌ كثيرة غَّلفَّها الحب لتنمو بثقة وتخطو على الزمن دون خوف من رحيل من يحمل حياتها على محمل الاعتمادية.

  • وحكاياتٌ غاب عنها الأمان والحب ليستوطن الخوف أعماق أرواحٍ تاه فيها الأمل في متاهاتِ القيل والقال.

ظلم المجتمع لأصحاب الإعاقة

كيف أخبئ ابني من الناس؟ عارٌ عليَّ أن أووي مُعاااااق….

من سيتزوج بناتي إن عرف بمعاقٍ في وكري؟!

لا يحق لها الميراث… إنها لا تفهم… إنها بلهاااااء!!!

ليتها تموت… ياااا للعااااار!!

سأرميه غداً في مركز لأمثاله… إنه لا يستحق الحياة!!!

أنت خارج دائرة الإحساس… لا جدوى منك!!!

ليتني قتلتك قبل أن ألدكًّ!!!

كلماتٌ بالية تتناوب فقر العطاء والإحساس مُستترة بجنازير اللا رحمة؛ بشخبطة تمتات لا كيان أو ملامح تفهمها وأنت تحاول قراءة حروف الإحساس….

تضيع سنواتٌ كانت على قيد الأمل دون أمل… دون أن ترسو قدماها على أرض الحب… بل تتناثر كذرات تراب في جوٍ عاصفٍ لا يرحمْ.

{قصصٌ من واقع الإعاقة}

فيديو مقال الإعاقة حكاية ظلم مجتمع

أضف تعليقك هنا