العبودية في الإسلام

علي البحراني

1436/3/1

كيف مقت الله السبي؟

يتذرع كثير من علماء المسلمين لتشريع العبودية أن الله لم يحرم الرق في كتابه والأصل أن النبي ص جاء على منظومة بشرية فيها ممارسات طبيعية متوارثة من الأزمان وتعاملات سلوكية ونمط حياة لتجمع بشري على بقعة من الأرض يحكمها الزمان والمكان.

نعم النبي ص أرسل في قوم فيه الكذب والصدق الأمانة والخيانة الحقيقة والزور الحرية والعبودية التجارة والربا الغنى والفقر الطبقية والمساواة العدل والظلم الخمر والميسر وَالأَنصَاب والأزلام وجاء ليتمم مكارم الأخلاق فكل تلك المنظومة من السلوك جاء من هو على خلق عظيم وما أرسل إلا رحمة للعالمين أي أنه جاء ليكون سلوكه القيمي لكل الأزمان وكل الأمكنة ولا يمكن أن يصل أي سلوك أو أخلاق أو نظم أو قوانين أفضل وأسمى مما وصل إليه رسول الامة وخاتم النبيين.

فلقد جاء وفي القوم الفقراء والمساكين وقد ذكر هذه الشريحة وبالاهتمام بها ورعايتها وهذا لا يعني أن الله يريد لهذه الشريحة أن تبقى فقيرة أو أن الله وجد هذه الشريحة لأنها ضمن تركيبة المجتمع آنذاك أو أن الله جعل من هؤلاء فقراء ليكونوا طريقا لصدقات الأغنياء في ترسيخ للطبقية أو التمايز كما أن ذكر العبيد كواقع موجود لا يعني أن النبي ص يقره أو يتعامل فيه أو أنه يملك عبدا أو أمة لأن السائد أن المجتمع يقوم على التركيبة الطبقية فالنبي ص منزه عن الاستعباد وهو الذي أرسل ليحرر البشرية من هذا السوء بل شدد الله في كتابة على العتق في كل ذنب تكفيرا عنه للتخلص من هذه التجارة البغيضة وحض المسلمين على ذلك لكن هذا لا يعني أن العبودية انتهت من هناك هو حرم على المسلمين التعامل بالرق كما حرم عليهم الخمر والربا لكن تحريمها على أتباعه لا يعني أن بقية القوم لا يعاقرونها أو انها لا تباع في الأسواق كما هم العبيد والجواري وحرمه كاللواط الذي صب الله عذابه على مرتكبيه.

يقرر الله أن قتل الأبناء واستحياء النساء أي سبيهن واستحلال فروجهن جراء العبودية هو من فعل الطغاة المستكبرين

(وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيم) (*) [ سورة البقرة] الآية 49

إن آل فرعون يسومونكم سوء العذاب أي أن ما يفعله فرعون وآله ولم يقل وقومه أو وعشيرته بل حدد القرابة من آله وهم الأقربون يوقعون عليكم العذاب وأي نوع من العذاب هو أسوأه وأقساه وأبشعه وأشنعه وهو ذبح الأبناء واستياحة النساء أي جعلهن إماء وسبايا تحت إمرة شهوته وغرائزه كما يفعل مع غنائم الحرب إن كانت فقد كان الغزاة إن دخلوا حربا قتلوا الرجال واستحلوا نسائهم إماء للوطء حال التمكن
والله الذي قال إن هذا الفعل بلاء من ربكم عظيم ونحن نجيناكم منه ولم يقل بلاء من الله عظيم فالله لا يأتي منه إلا الخير والرحمة فقد قال بلاء من ربكم عظيم.

فهذا البلاء العظيم هل يتناسب والخلق العظيم معاذ الله أن تكون أخلاق الأنبياء هذه يمارسونها كما مارسها آل فرعون الذي أرسل الله الرسل لإنقاذ البشر من هذا العذاب فكيف يستقيم الأمر مع نبي ندعي عليه زورا أنه من يفعل ذلك الفعل القبيح الذي وصفه الله أنه بلاء عظيم وقد نجاهم منه.

عندما كنت في احدى الدورات الحقوقية، قال المحاضر وهو أجنبي مسيحي:

لا يمكن أن الشرائع السماوية تتعارض والحقوق البشرية، فلم تقر أي شريعة الرق أبدا بما فيها الإسلام.

عندها احمر وجهي أمامه فهو ينزه الاسلام وأنا أثبت ان الإسلام كان فيه رق واستعباد.

فاحترت من منا ينزه الدين عن التشويه.

وكثيرا ما يستشكل الحقوقيون على الإسلام بأنه يتعامل مع الإنسان ( حر – وعبد ) في الحين الذي ندعي كمسلمين ان الدين الحنيف جاء ليحرر الإنسان من الرق والاسترقاق والنخاسة.

فكيف يجتمع هذا المبدأ مع تفسير الآيات القرآنية التي تذكر الإماء في القرآن المجيد والتي جاءت مع ذكر ما ملكت أيمانكم.

ومع تلك الروايات التي تشي بالتعامل الإسلامي مع العبيد والإيماء حتى في منازل الأئمة ع والذين نقول فيهم أنهم هداة للدين ووجهه المشرق الحق.

هذه التفسيرات والروايات تسقط عند صخرة حقوق الانسان وحريته وكرامته التي يصونها ويحفظها الاسلام الحنيف

لنتأمل هذه الآيات البينات

بِسْم الله الرحمن الرحيم

( لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) النحل 94

لاحظوا أيمانكم في سياق الآية الشريفة تدل على القسم واليمين هو العهد والميثاق

( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة 89

جاءت أَيْمَانِكُمْ. ثلاث مرات في الآية الكريمه تأكيدا على أنه الحلف والعهد والميثاق وما تحمل من قسم غليظ والرابعة جاءت عقدتم الْأَيْمَانَ ان وثقتم اقسامكم وعهودكم

((وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) النحل 92

هنا في الآية المباركة لا تدخلوا أَيْمَانَكُمْ

في إدعاء الحقيقة فقد لا يكون ما تدعون حق

( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )

أربع مواضع في القرآن المجيد تأتي الكلمة في سياق القسم والعهد الميثاق

هي ذات الكلمة في الآيات المحكمات ولكن المسلمون لكي يخرجوا من مأزق الروايات عن النبي الاكرم في السبي والاسترقاق بعد ادعاء الغزوات له يأتي تفسبر الكلمة ذاتها على ملك اليمين في الحين الذي تكون الكلمة تحمل ذات المعنى وهو القسم واليمين

( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء 24

ما ملكت أَيْمَانُكُمْ. هي ذاتها ما ملكت عهودكم وهو الاتفاق في العرض والقبول بين الذكر والانثى حين الاستمتاع كزواج المتعة وأنواع الزواجات غير المشهره فالزواج صيغة بين الذكر والأنثى عرض وقبول محصنين غير مسافحين بين السفاح والتحصين صيغة الاتفاق والقسم والعهد

( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ) النساء 33

عقد اليمين هو تثبيت القسم وايفاءه حقه ومن كان بيننك وبينه عهد وكلمة فلا يحق لك نقض القسم

نأتي الآن إلى الآيات التي جاءت الكلمة في سياق متعة النساء وهي ذات الكلمة

((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)) النساء ٣

هنا الله يشرع الزواج ويقسمه لقسمين

زواج الشهرة المعلن للناس وهو واحدة ومثنى وثلاث ورباع

أو الزواج السري الغير معلن وهو من كان بينك وبنها عهد وميثاق أو ما ملكت أَيْمَانُكُمْ أي ما ملكت عهودكم ومواثيقكم وكان بينك وبينها اتفاق وتشريع.

فلم أعرف لم قالوا فيها المفسرون ملك اليمين أي الأمة وحرروا لفظ الجارية وهي من الأجيرة أي التي تعمل بأجر إلى مفهوم العبودية علما أن الكلمة ذاتها وتعبر عن جوهرها ؟

((إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)) المؤمنون ٦

أيضا الآية تفسر ذاتها إلا على اأزواجهم وهم زوجات الشهرة أو ما ملكت أيمانهم ما كان بينهم وبينهن عهد وميثاق وهو زواج المتعة او الزواج الغير معلن.

نستخلص مما سبق أن هناك لبس في تفسير الآيات بأن ما ملكت أيمانكم هي ملك اليمين من العبيد الإماء كما هو الدارج من لي لمعنى الكلمة وتطويع لها لما يوافق الروايات التي تقر ما زور عن نبي الامة والأئمه الطاهرين ولكي يكون مستساغا ما فعله الحكام في الدول الإسلامية أثناء فتوحاتهم لاوروبا ودول المغرب من شهوات النساء في الأسر وسوقهن إماء للقصور كما يتحدث التاريخ وحتى تكون تلك مشرعنه كان لزاما أن يكون تغييرا في التاريخ ليكون هذا الفحش مشروعا بل وفي كتاب الله المجيد ففسرت الآيات آنفة الذكر على غير محملها ليكون الدين الإسلامي الحنيف والذي قال الله عنه

إن الدين عند الله الإسلام

أي أن تشريعات الله السماوية المنظمة لحياة الإنسان لا تتبدل ولا تتغير، هي ذاتها لصيانة وحفظ كرامته وعمارة الأرض والاستخلاف عليها.

علينا أن ننزه النبي ص ودعوته الفاضلة من دسائس وتزوير لتشويهه بوصمه تعامل بالعبيد والإماء استنادا لتفسير قرآني أموي لتبرير جواري وعبيد قصور الحكام.

والمصيبه أننا ندافع عن هذه الجريمه بكل ضراوة في وهم أننا ندافع عن الإسلام وفي الحقيقة نحن ندافع عن صورة مشوهة للدين.

للأسف أن ذاك التفسير الأموي نقر به نحن أيضا.

هل تعلمون أننا نقر أن النبي وزع النساء كإماء غنيمة حرب في بدر!؟

وأن الأئمة عليهم السلام يملكون الإماء والعبيد في بيوتهم، ولتكتمل أركان الجريمه نحن نقر أن أم الإمام الهادي أمة عند الإمام الكاظم فوطئها.

علينا تنزيه عقائدنا مما دس فيها من تشويه نقدسه وندافع عنه دون وعي منا بمدى فداحته وقبح جريمته

فيديو مقال العبودية في الإسلام

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني