لماذا لم تحرر إيران فلسطين حتى اليوم و قد مضى قرابة الأربعين عاما على انتصار ثورتها؟

ينحلّ العنوان المطروح إلى سؤالين:

الأوّل: هل تنشد إيران هدف تحرير فلسطين و القدس؟

الثّاني: لِمَ لم تحرّر إيران فلسطين حتّى الآن على الرّغم من مرور قرابة الأربعين عاما على انتصار ثورتها؟

هذان السّؤلان اللذان نجيب عنهما في هذا المقال و ذلك بناء على ركيزتين:

الأولى: نستند إلى معلومات من الدّستور الإيرانيّ و نعتمد البيانات الرّسميّة الصّادرة عن المرشد الأعلى السّيد الخمينيّ و خلفه السّيد الخامنئيّ.

الثّانية: نعتمد على أحداث شهدتها المنطقة بعد انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران.

السّؤال الأوّل: هل تنشد إيران هدف تحرير فلسطين و القدس؟

1- أصول الدّولة الدّينيّة و العقائديّة تقتضي ذلك:

انطلقت الثّورة في إيران و الدّولة فيما بعد من رؤى دينيّة إسلاميّة, حيث إنّ النّظام فيها مبنيّ على دستور ولاية الفقيه, و قد حملت هذه الثّورة منذ أيّامها الأولى لواء حماية المستضعفين و نصرتهم ضدّ المستكبرين, باعتبار أنّ النّصوص الدّينيّة الّتي قامت عليها الثّورة و بني دستور الدّولة على أساسها فيما بعد, صريح في ضرورة نصرة المظلومين في الأرض ضدّ المُضطهِّدين. بل إنّه أصل أصيل في منظومة الآيات القرآنيّة[1] و ركن ركين في الأحاديث الدّينيّة. و عين هذا المعنى نجده عنوانا مستقلّا في كتاب (فلسطين في فكر السّيّد الخامنئيّ), حيث يقول: “مسألة فلسطين في الجمهوريّة الإسلاميّة مسألة عقائديّة و ليست سياسيّة فحسب”[2]. و “الشّعب الإيراني يعي أنّ حماية الشّعب الفلسطينيّ تكليف إسلاميّ”[3].

2- مواد الدّستور الإيراني تقتضي ذلك:

في يوم الأربعاء: 19-2-1369ش(قبل 27 عامًا) قام مجلس الشّورى الإيرانيّ و بتأييد من مجلس صيانة الدّستور بإصدار قانون جديد تحت عنوان “قانون حمایت از انقلاب اسلامی مردم فلسطین”ما ترجمته: دستور حماية الثّورة الإسلاميّة للشّعب الفلسطينيّ, و أدرج ضمن هذا القانون ثمان مواد و تبصرة واحدة, تضمّنت المادّة الأولى التّصريح بأنّ فلسطين للشّعب الفلسطينيّ, و أنّ الحكومة الصّهيونيّة دولة ظالمة غاصبة, و أقرّت المادّة الثّانية و الثّالثة وجوب تقديم المساعدات المعنويّة و المادّيّة للشّعب الفلسطينيّ و لكلّ من يستشهد على طريق القدس من قبل حكومة إيران, و أكّدت المادّة الرّابعة على وضع قضيّة الثّورة الفلسطينيّة ضمن أولى الأولويّات. كما نصّت المادّة الثّامنة على منع أيّ علاقات اقتصاديّة أو تجاريّة بين إيران و المؤسسات و الشّركات الصّهيونيّة في العالم[4], و من الطّبيعيّ أن يتضمّن الدّستور هذه المواد باعتبار أنّه قائم على الأصول الدّينيّة و الرّؤى العقائديّة.

3- تصريح المسؤولين الإيرانيين بالعداء للكيان الصّهيونيّ و لحاضنته أمريكا, و تصريح مسؤولي الكيان الصّهيونيّ بالعداء لإيران و حلفاءها[5]:

يعلم العالم أجمع الموقف الحاد لإيران من سياسات الإدارة الأمريكيّة في منطقة الشّرق الأوسط و إزاء طفلها المدلّل إسرائيل[6], فهذا السّيّد الخمينيّ يقول في وصيّته السّياسيّة إنّنا نفخر بعدائنا لأمريكا و إسرائيل[7]. و لطالما صرّح المسؤولون الإيرانيّون تصريحات ضدّ الإدارة الأمريكيّة, و بيانات ناريّة تُجاه العدو الإسرائيليّ, فقد كان السّيّد الخميني و منذ بدء الثّورة الإسلاميّة حينما لم تكن القضية الفلسطينية قد ذاع صيتها بعد حتى بين الخواص في إيران، يقول: “إنّ على الجميع الشّعور بالخطر أمام هيمنة إسرائيل و عليهم أن يقفوا بوجهها و يجابهوها”[8].

و يقول السّيد الخامنئي المرشد الحالي لإيران: “شبر من التراب الفلسطيني هو شبر من دار المسلمين. أية سيادة غير سيادة شعب فلسطين و سيادة المسلمين على بلد فلسطين هي سيادة غصبية”[9]. و قال في لقاء آخر قد انتشر على مواقع الإنترنت و الّذي أثار قلقًا كبير للكيان الصّهيونيّ: “…إسرائيل لن تشهد خمسًا و عشرين سنة أخرى”[10].

و أكتفي في سياق تصريحات العدوّ على ما نقله موقع جريدة الأخبار قبل أيّام عن لسان نتنياهو: “يوجد حالياً نظام واحد (هو النظام الإيراني) يدعو ويناشد بنحو صريح ولا يحتمل التأويل، إلى تدمير إسرائيل، وهو يختلف في هذه النقطة عن (الأنظمة في) العالم العربي”[11]. “يجب إيقاف ذلك، ليس بسبب دعوة إيران إلى تدمير إسرائيل فحسب، بل بسبب السّعي الإيرانيّ إلى احتلال الشّرق الأوسط وما بعده. فهي تطور الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكي تتمكن من بلوغ أي نقطة على وجه الكرة الأرضية”[12]. هذا منطق إسرائيل و للأسف قد وجدت من يردد معها هذا الشّعار في الدّول العربيّة.

أضاف نتنياهو “مكافحة إيران.. تحافظ على أمن إسرائيل”[13].

و ليت شعري كيف يفكّر من يقول “إنّ إيران لا تهدّد إسرائيل” مع أنّ المسؤولين الصّهاينة يوميّا يصرّحون بأنّها و حلفاءها هي التّهديد الأوّل و الأكبر لإسرائيل و مصالحها في العالم؟!

4- دعم إيران لكلّ من يحارب إسرائيل, و دعم إسرائيل لكلّ من يحارب ضدّ إيران و حلفاءها:

لا يخفى على الصّديق و العدو الدّور البارز الّذي أدّته إيران في الدّعم المعنويّ و المادّيّ[14] و العسكريّ لكلّ من يقاتل ضدّ إسرائيل, سواء فصائل المقاومة الفلسطينيّة أم حزب الله في لبنان, قال نتنياهو: “حركة حماس تعتمد على إيران، وكذلك حزب الله يعتمد على إيران، وكل إرهاب في المنطقة مصدره إيران”[15].

في المقابل تدعم إسرائيل كلّ من يحارب ضدّ إيران و حلفاءها, و الشّواهد كثيرة على الدّعم الإسرائيلي المعنوي و الميداني و العسكريّ للإرهابيين في سوريا.

5- قيادة الجمهوريّة الإسلاميّة لا تؤمن بخيار المفاوضات و مؤتمرات السّلام:

تعتبر قيادة إيران أنّ خيار التفاوض مع العدو الغاصب خاطئ, و أنّ كلّ مفاوضة من هذا القبيل مهزوزة و لا شرعيّة, و أنّها مصداق للظّلم لا للسّلم, يقول السّيد خامنئي بهذا الصدد: “… فإلقاء الطّعام في فم هذا المعتدي و تسمينه ليقوى على توجيه الضّربة التالية ليس حلّا”[16], كما أنّها تعتبر أنّ الخيار المنتج هو المقاومة, و خيار التسوية نتيجته التّحقير و الإذلال و الإملاءات الإسرائيلية من طرف واحد.

كلّ ما تقدّم من النّقاط الخمس يؤكّد المؤكَّد, فإنّ التّصريحات و السّياسات العمليّة من قبيل المواقف و الدّعم بالسّلاح ناشئ من قوانين دستوريّة, و القوانين الدّستوريّة ناشئة من رؤى دينيّة.

فإنّه من المسلّم و البديهيّ أنّ إيران تنشد هدف تحرير فلسطين, فبعد الثّورة ضدّ النّظام البهلويّ – الّذي يعتبر أوّل من اعترف بإسرائيل – تبنّت الثّورة الإسلاميّة القضيّة الفلسطينيّة منذ يومها الأوّل و أعلن قائدها السّيّد الخمينيّ يوما عالميّا للقدس, و أنشأ مؤتمرًا للوحدة الإسلاميّة[17], كما أنشأت قوّة خاصّة عُرفت بـ “قوّة القدس” تنسّق مع الفصائل المحاربة لإسرائيل و لأدواتها في المنطقة.

يقول السّيّد الخامنئيّ: “الهدف هو تحرير فلسطين, يعني زوال حكومة إسرائيل”[18].

نعم, عندما نقول إنّ إيران تنشد هذا الهدف لا يعني أن تزحف اليوم بجيشها إلى فلسطين, بل المراد أنّها تدعم القضيّة و تؤازر الشّعب الفلسطينيّ بكلّ ما لديها من قوّة ضمن آليات و استراتيجيات معيّنة تقرّبها من الهدف, أمّا أن تذهب بجيشها اليوم فهذا قول لا يصدر إلّا من جاهل في شؤون السّياسة و الحرب.

السّؤال الثّاني: لِمَ لم تحرّر إيران فلسطين حتّى الآن على الرّغم من مرور قرابة الأربعين عاما على انتصار ثورتها؟

السّذّج من النّاس يظنّون أنّ تحقيق الإنجازات و الوصول إلى الأهداف يلحظ فيه عامل الزّمان فقط, مع أنّ الخبراء السّياسيّين يعلمون أنّ هذا الأمر خاضع لعدّة عوامل منها الزّمان, و منها المقتضيات و المؤهّلات, و منها الموانع و العقبات, و منها حجم الهدف المنشود. و عليه لابدّ أن ننقّح السّؤال:

هل إيران و حلفاءها يقتربون من تحقيق هدفهم المنشود و هو تحرير فلسطين و القدس؟ و هل إسرائيل اليوم كإسرائيل قبل أربعين عاما؟

مع ولادة الثّورة في إيران, لم تكن تمتلك الدّولة المؤهّلات المادّيّة أو العسكريّة, و مع ذلك خاض النّظام البعثي حربا عالميّة (حرب الخليج الأولى) – بضوء أخضر أمريكيّ و دعم عربيّ – على إيران استمرّت ثماني سنوات أنهك بها البلدين و خرجت إيران منتصرة, و ترافق ذلك مع تصريحات عالميّة ضدّ هذه الثّورة لكسر إرادة الشّعب, و في هذا السّياق مارس العالم بقيادة أمريكا حربًا اقتصاديّة و سياسيّة و إعلاميّة تضليليّة ضدّ إيران, لشيطنة هذا النّظام الصّارخ بوجه الطّغيان الأمريكي و الإسرائيليّ منذ أيّامه الأولى. كلّ ذلك لم يكسر عزيمة الشّعب و لم يثنِ الحكومة عن الاستمرار بدعم القضيّة الفلسطينيّة ضد إسرائيل. و ترافق مع ذلك مهمّة كبرى جدًّا على عاتق الدّولة أهمّها:

1- تخليص البلاد من نكبة الحرب الّتي استمرّت ثماني سنوات, و الّتي خلّفت الأزمات الاجتماعيّة و الثّقافيّة و الاقتصاديّة و المادّيّة..

2- الاعتماد على القدرات الذّاتيّة في الصّناعة, خاصّة في مجال صناعة السّلاح و الصّواريخ الّذي يشكّل ضمانة حماية الشّعب و مقدّراته و استمراريّة الدّولة.

3- دعم الاقتصاد من خلال إيجاد سياسات الاقتصاد المقاوم, حيث إنّ الدّولة عانت الكثير من الضّغوط بسبب الحصار الجائر.

فنحن نتحدّث عن ثماني و ثلاثين عامًا, منها ثماني سنوات الحرب, و حصار اقتصادي صارخ, و عقوبات عالميّة, و مع ذلك كلّه هناك الإنجازات العظيمة على الصّعيد العلميّ و الصّناعيّ و العسكريّ و على صعيد تحقيق الأهداف.. و سنقصر الكلام هنا على الإنجازات في مجال نصرة القضيّة الفلسطينيّة على عدّة صُعُد:

أوّلا: على الصّعيد الفكري:

تأليف الكتب, و ترجمة المصنّفات الّتي تدعم القضيّة الفلسطينيّة, بالإضافة إلى الخطابات الدّاعمة و الّتي ترفع من مستوى الوعي عند شباب العالمين العربيّ و الإسلاميّ فيما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة. قال السيد خامنئي: “الواجب الملقى على عاتق المجتمع الإسلاميّ أجمع و الأمة الإسلامية جمعاء, في الدرجة الأولى هو الجهاد في سبيل تنوير الأفكار و توعيتها. و المسؤوليّة هذه تقع على عاتق العلماء و المثقّفين و الدّارسين و كل من له منبر”[19].

ثانيا: على الصّعيد الثّقافي و التعبوي:

1- أعلنت قيادة الثّورة الإيرانيّة يوما للقدس, و نادت بالوحدة الإسلاميّة, و شكّلت مؤتمرا سنويّا يُعنى بدعم القضيّة الفلسطينيّة, مع العلم أنّ بعض الدّول العربيّة عملت و لا تزال تعمل على حرف البوصلة عن قضيّة فلسطين, و توجيهها باتّجاه آخر, و ذلك من خلال إيجاد إطار طائفيّ للخلاف اختلقت له شعار “المدّ الشّيعيّ”, أو اختراع عدوّ وهميّ للأمّة العربيّة ابتدعت له عنوان “المدّ الفارسيّ”, و الّذي صار فيما بعد شعارا تطبّل به إسرائيل لتجيّش العالم ضدّ إيران. و هذا المرشد الإيرانيّ يبيّن بلسانه العربيّ الفصيح معنى إعلان يوم للقدس: “من الضّروري التّأكيد على عدم الاكتفاء بالشّكليّات في إحياء ذكرى القدس و التّركيز على المعنى الحقيقيّ لهذا الإعلان, فإعلان يوم القدس يعني التّحسيس المستمرّ للأمة باغتصاب أرضها الإسلامية على يد الصّهاينة, و يعني التّعبئة المستمرّة للجماهير لإزالة هذه البقعة السّوداء من خارطة العالم الإسلاميّ”[20].

2- تعبئة الشّعوب المسلمة بالقضيّة الفلسطينيّة و تحميلهم جزء من المسؤوليّة, و حثّهم على إلزام حكوماتهم المتخاذلة, قال السّيد خامنئي: “لتعلم الشّعوب المسلمة أنّها أيضا مسؤولة أمام الله و أمام التّاريخ بنسبة الحكومات. فبإمكانكم إلزام الحكومات على الصّمود أمام الضّغوط الاستكباريّة, و إعانتها في هذا الطّريق؛ و بإمكانكم إيجاد خطر كبير بوجه الحكومات الّتي تتنصّل من العمل بهذه المسؤوليّة”[21].

3- طرح القضيّة الفلسطينيّة في الحجّ و رفع الشّعارات ضدّ إسرائيل, يقول السّيّد خامنئي: “إنّ شعار اجتثاث إسرائيل هذه الغدّة السّرطانيّة الّذي طرحه الإمام.. الخمينيّ, لابدّ أن يطرح بقوّة و صلابة و أن يتبدّل في الحجّ إلى صوت المسلمين بأجمعهم”[22].

4- عقد الاجتماعات الرامية إلى تحرير فلسطين: “إنّ اتّخاذ القرار لعقد مثل هذا الاجتماع هو أمر مبارك و سيكون له إن شاء الله الأثر الإيجابيّ و البناء في تعبئة المجتمعات الإسلاميّة لدعم انتفاضة الشّعب الفلسطينيّ المسلم”[23].

ثالثا: على الصّعيدين السّياسيّ و العسكريّ:

1- الصّمود في وجه استكبار أمريكا و حلفاءها, و الوقوف عند مبادئ الثّورة, و الإصرار على نصرة المستضعفين في وجه المستكبرين, حيث قامت الثّورة بإغلاق السّفارتين الأمريكيّة و الإسرائيليّة و طرد السّفراء, و قطع العلاقات مع هاتين الدّولتين, و إنشاء سفارة فلسطينيّة, و إعلان القدس بشرقيّها و غربيّها عاصمة لكلّ فلسطين المحتلّة.

2- نجحت إيران و حلفاءها: روسيا و سوريا و الحشد الشّعبي و حزب الله بالقضاء على أخطر تنظيم إرهابيّ عرفه التّاريخ في سوريا و العراق, و الّذي يعتبر خنجر إسرائيل و أمريكا في خاصرة الأمّة و خاصرة القضيّة الفلسطينيّة, و الأداة الّتي حاولت إسرائيل أن تستخدمها لإشغال محور المقاومة واستنزاف قوّته على مدار سبع سنوات, فإذا بهذا المحور يخرج منتصرًا و في جعبته التّجارب العسكريّة الكبيرة الّتي باتت تشكّل قلقًا جديدًا و كبيرًا لإسرائيل.

3- التأكيد على مسألة قطع العلاقات مع إسرائيل[24], و دعوة العالم الإسلامي لعدم الاعتراف بها[25], و قطع النّفط شهرا واحدا لقمعها, قال السّيد خامنئي: “ليقطعوا (أي البلدان العربية المصدّرة للنّفط) النّفطَ عن إسرائيل لمدّة شهر واحد فقط, بشكل رمزي عن جميع البلدان ذات العلاقات الحسنة مع إسرائيل”[26].

4- طرح الخيار الدّيمقراطيّ لزوال إسرائيل: المتمثّل بإعلان استفتاء شعبيّ عام لفلسطينيّي الدّاخل و المهجّرين في الخارج, ففلسطين للفلسطينيين, و مصيرها و نظام الحكم فيها لا يحدده غيرهم, و هذا الأمر هو حقل لاختبار صدق مزاعم مدعي الدّيمقراطيّة و حقوق الإنسان[27].

5- تبنّي مشروع المقاومة: يقول السّيّد خامنئي: “العلاج هو المقاومة الحاسمة و المسلّحة ضد هذا الكيان. يجب أن يبدي الفلسطينيون يد اقتدارهم في مواجهة الكيان الصهيونيّ”[28]. “و قال: “هؤلاء الصّهاينة لا يفهمون إلّا لغة القوّة”[29].

6- التّسليح: يقول السّيد خامنئي: “أعتقد و هذه هي عقيدتنا, بأنّ الضّفّة الغربيّة أيضا يجب أن تتسلّح شأنها شأن غزّة, لابدّ من يد القدرة. هذا هو الفعل الّذي يجب أن يقوم به الّذين يحبّون مصير فلسطين”[30].

7- رفض مشروع الدولتين, يقول السّيّد خامنئي: “أي مشروع يريد تقسيم فلسطين مرفوض بالمرة… و هو يعني بقاء الغدة السرطانية و التهديد الدائم لجسد الأمة الإسلامية و خصوصا شعوب المنطقة”[31].

رابعا: على الصّعيد الإعلاميّ:

لا تغيب القضيّة الفلسطينيّة عن القنوات الإيرانيّة النّاطقة بالعربيّة و الفارسيّة, يقول السّيّد الخامنئي: “الإعلام ساحة نضال عامّة, و يعتبر كلّ فرد من أفراد العالم الإسلاميّ مكلّفا بقدر استطاعته أن يساهم في هذا النّضال… يجب أن لا ينتهج النّظام الإعلامي و العربي نهجا و كأنه بعيد عن ساحة المعركة”[32].

“على جميع المثقّفين و الكتاب و أهل الفن و من لهم يد في الشؤون الإعلامية في جميع أقطار العالم أن يعملوا بوظيفتهم… لقد أنتج اليهود بعد الحرب العالمية الثانية في كل أنحاء العالم… الآلاف من الأفلام تظاهرا بالمظلومية.. و الذين يواجهونهم… ظالمين”[33].

خامسا: على الصّعيد المعنويّ:

1- شكّلت الثّورة في إيران بقوّتها عنصر ردع لاستمرار الأطماع الإسرائيليّة و تماديها في المنطقة, و جعلت حكومة الكيان الصّهيونيّ في حالة من الخوف, و هذا ما دفع نتنياهو لرفع كتاب “فلسطين في فكر الإمام الخامنئيّ” من على منبره في أمريكا, قائلًا: “هذا الكتاب مؤلّف من 400 صفحة فيه تفاصيل خريطة زوال إسرائيل”[34].

إلّا أنّه فعل ذلك انطلاقا من فكرة لطالما عمل عليها الإعلام العالميّ الصّهيونيّ و هي “التّظاهر بالمظلوميّة” و “استعطاف المجتمعات الدوليّة” بحجّة “الأمن النّفسي الإسرائيليّ”[35].

2- أعادت الثّورة في إيران الأمل للأمّة المسلمة و المستضعفة بأنّ تحرير القدس و عودة الفلسطينيّين أمر ممكن مع وجود دولة تدعم القضيّة بكلّ إمكاناتها.

3- مجرّد وجود إيران في المنطقة يهدّد إسرائيل و أمنها و أطماعها, و بالتّالي يخيفها, و هذا ما قاله نتنياهو قبل أيّام: “مكافحة إيران تعزّز الاستقرار في المنطقة، و تحافظ على أمن إسرائيل، وأيّ تلكّؤ سيكون خطأً فادحاً”[36].

4- لو وضعنا رسما بيانيا نراعي فيه عامل القوّة مع تقدّم الزّمان, لوجدنا أنّه كلّما تقدّم الزّمان ارتفع مؤشّر قوّة الجمهوريّة الإسلاميّة و بالتّالي انخفض مؤشّر قوّة العدوّ الإسرائيليّ, لذا نجد إسرائيل تسعى لاستمرار الضّغط العالميّ على إيران كي تحول دون تعاظم قوّة الأخيرة اقتصاديًّا و عسكريًّا.

5- التّأكيد على أنّ قوّة إيمان الشّعوب أقوى من الطاقة الذّرّيّة[37].

6- تبنّي القضيّة الفلسطينيّة, يقول المرشد الأعلى لإيران: “إنّ القضيّة الفلسطينيّة في وقتنا الرّاهن هي قضيّة العالم الإسلاميّ. و سواء علمنا نحن مسلمي الدّول الإسلاميّة أم لم نعلم”[38].

7- استحالة زوال إسرائيل محض شبهة, يقول السّيّد خامنئيّ: “يوجد في تاريخنا المعاصر بعض الدّول الّتي ظلّت على مدى خمسين أو ستين عاما تحت سيطرة دول تنتمي إلى قوميّة هي غير قوميّتها, ثمّ بعد أن تغيّرت أوضاع العالم خرج الغاصبون منها. فلقد رأيتم كم من الدّول عادت إلى أصحابها و شعوبها الحقيقيّة بعد انحلال الاتّحاد السّوفيتي”[39].

سادسا: على الصّعيد المادّيّ و الميدانيّ:

1- استطاع الشّعب اللّبنانيّ بمعونة إيران أن يحرّر الجنوب عام 2000 و إلحاق الهزيمة بإسرائيل, على أن تتلوها هزيمة أخرى عام 2006, لتنكسر أسطورة الجيش الّذي لا يقهر عند أقدام المجاهدين المدرّبين و المموّلين إيرانيّا.

2- استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينيّة المدعومة إيرانيّا أن تحقّق انجازات مهمّة في مقارعة العدو الصّهيونيّ, ضمن سلسلة انتفاضات منذ عام 1987 و حتّى يومنا هذا. و على الرّغم من أنّ بعض الفصائل الفلسطينيّة اتّخذت موقفا مغايرا لموقف إيران في حربها على الإرهاب في سوريا, إلّا أنّ هذا لم يمنع إيران عن الاستمرار في دعم هذه الفصائل.

3- توالي الصّفعات الّتي تقف وراءها إيران زعزعت الاستقرار في الدّاخل الإسرائيليّ, و تبدّلت المعادلة الخارجيّة لجيش العدوّ من هجوميّة إلى دفاعيّة, و هو تحوّل بالغ الأهمّيّة على المستوى العسكريّ الاستراتيجيّ.

4- فلسطين هي المعيار, يقول السيد خامنئي: “إن هذا هو المحك. كل من يرفض شعار تحرير القدس الشريف و إنقاذ الشعب الفلسطيني و أرض فلسطين, أو يجعلها مسألة ثانوية و يدير ظهره لجبهة المقاومة, فهو متهم”[40].

و في الخاتمة نقول إنّ مع هذا الحصار و كلّ الموانع و العقبات, لا تزال إيران و حلفاءها يسيرون نحو الهدف, فبفضل محور المقاومة بما يشكّل من دول و فصائل و أحزاب, لم تعد إسرائيل اليوم كإسرائيل قبل 1979, هذا باعتراف العدو و بقوّة المقاومة, لا بمعاهدات الذّلّ و العار الّتي يطلق عليها عنوان “السّلام”. و ليس بالتّطبيع العلنيّ كما فعلت بعض الدّول العربيّة المتخاذلة, و لا بالمعاملات الّتي تجري تحت الطّاولة كما يفعل البعض الآخر من الدّول العربيّة. و هذا رئيس حكومة الكيان الغاصب نتنياهو يصرّح بأنّ عدوّه الّذي يهدّد أمن كيانه هو إيران و سوريا و حزب الله و الفصائل الفلسطينيّة و الحشد الشّعبي مؤخّرا, و أنّ أصدقاءه هم من ينطقون ما تريد إسرائيل و لكن بالعربيّة.

[1] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), منشورات الثورة الإسلامية, ط1, 2017, ص313, (تحت عنوان: دعم المسلمين لفلسطين؛ عمل بالقرآن).

[2] فلسطين از منظر حضرت آيت الله العظمى خامنه اى (مدّ ظله العالى) رهبر معظم انقلاب اسلامى, ناشر: انتشارات انقلاب إسلامى, ص63(باللّغة الفارسيّة), و العبارة المثبتة في المقال مترجمة من الفارسيّة.

[3] المصدر السّابق, ص239.

[4] انظر: http://rc.majlis.ir/fa/law/show/91785 و القانون المثبت أعلاه مترجم من اللّغة الفارسيّة.

[5] يراجع في هذا المجال كتاب أمريكا في فكر الإمام الخميني و كتاب أمريكا في فكر الإمام الخامنئي, و الكتابان صادران عن دار الولاية للثّقافة و الإعلام.

[6] انظر: فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), منشورات الثورة الإسلامية, ط1, 2017, ص324(تحت عنوان: واجبان إزاء جرائم إسرائيل:… المواجهة الشّاملة لإسرائيل و حماتها) أي أمريكا و بريطانيا و منظمة الأمم المتحدة.

[7] النّداء الأخير: الوصيّة الإلهيّة السّياسيّة للإمام الخميني, المقدّمة, ص8.

[8] الموقع الرّسمي لقناة المنار : http://archive.almanar.com.lb/article.php?id=386696

[9] المصدر السّابق: http://archive.almanar.com.lb/article.php?id=386696#plas4

[10] المقطع المترجم على اليوتيوب: http://www.youtube.com/watch?v=_upjF0bdgG4

[11] الموقع الرّسمي لجريدة الأخبار: http://www.al-akhbar.com/node/287533

[12] المصدر نفسه.

[13] المصدر نفسه.

[14] فلسطين از منظر حضرت آيت الله العظمى خامنه اى (مدّ ظله العالى) رهبر معظم انقلاب اسلامى, ناشر: انتشارات انقلاب إسلامى, ص240. (باللغة الفارسية).

[15] الموقع الرّسمي لجريدة الأخبار: http://www.al-akhbar.com/node/287533

[16] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), مصدر سابق, ص430.

[17] انظر: المصدر السّابق, ص321 (تحت عنوان: واجبان إزاء جرائم إسرائيل, اتّحاد المسلمين..).

[18] المصدر السّابق, ص58.

[19] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), منشورات الثورة الإسلامية, ط1, 2017, ص379 (تحت عنوان: دور الجهاد التبييني في مواجهة الجماعات التكفيرية).

[20] مقطع مرئي على يوتيوب: KaDANb-GnrM/youtu.be//http:

[21] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), مصدر سابق, ص319(تحت عنوان: وظيفة المسلمين: الضّغط على الحكومات لدعم فلسطين).

[22] المصدر السّابق, ص390.

[23] المصدر السّابق, ص468.

[24] المصدر السّابق, ص363.

[25] المصدر السابق, ص442.

[26] المصدر السّابق, ص357.

[27] المصدر السّابق, ص452.

[28] المصدر السّابق, ص455.

[29] المصدر السّابق, ص484.

[30] المصدر السّابق, ص471.

[31] المصدر السّابق, ص504.

[32] المصدر السّابق, ص376.

[33] المصدر السّابق, ص377, تحت عنوان (ضرورة استخدام الأساليب الإعلاميّة لمحاربة إسرائيل).

[34] مقطع مرئي على يوتيوب يتكلّم فيه نتنياهو بالانجليزيّة, مترجم إلى الفارسيّة, و ما أثبتناه في المقال مترجم من الفارسيّة إلى العربيّة, انظر: https://youtu.be/azFuKBloEb4

[35] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), مصدر سابق, ص372-373.

[36] الموقع الرّسمي لجريدة الأخبار: http://www.al-akhbar.com/node/287533

[37] فلسطين في مواقف آية الله العظمى الإمام الخامنئي(مد ظله), مصدر سابق, ص459.

[38] المصدر السّابق, ص496.

[39] المصدر السّابق, ص500.

[40] كلمة السيد الخامنئي في المؤتمر العالمي لعلماء الدين و الصحوة الإسلاميّة, 29-4-2013.

فيديو مقال لماذا لم تحرر إيران فلسطين حتى اليوم و قد مضى قرابة الأربعين عاما على انتصار ثورتها؟

أضف تعليقك هنا