زوجتك جنتك فأحسن سقايتها

أيها الزوج

جرّب في ليلة ما أن تستيقظ وزوجتك في غمرة نومها، ثم خاطب نفسك هذا الخطاب الهادئ:

ـ أليست هي تلك التي غادرت بيت والدها إليك، لقد تخلّت عن غرفتها في منزل الصبا وجاءتك تقتسم معك هذا الفراش، أليست هي التي سترت شعرها بحجابها عن الناس لتنثره على مخدتها آمنة مطمئنة؟

امرأة هجرت الناس جميعاً وجاءت تسكن قلبك وروحك، فأحسن سكناها وأكرمها فإنك خيارها وأنت فارس أحلامها، انظر إلى عينها مغمضة بهناء وتغطّ في نومها وكأنها ملكة نامت في قصر ملكها، انظر إلى كم الطمأنينة التي تشعر به هذه النائمة وأدرك أنك مصدر هذا الشعور عندها فلا تخذلها ولا تفرّط بها.

الزوجة ليست خادمة تخدم بأجرتها، فإن بخلت عليها هجرتك وتركتك، إنما هي الملكة التي لا تخدم إلا في قصرها وعن طيب خاطرها، ولا تتقاضى منك أجراً أو راتباً إنما تكفيها ابتسامتك وكلمتك الطيبة، وهي التي كلما ساء وضعك كانت منك أقرب وتعلّقت بك أكثر.

وكم رأيت ـ أنا شخصياً ـ بأم العين من صور الوفاء الذي تبرزه الزوجات لأزواجهن في أحلك الظروف وأقساها، لي قريبة كانت تسكن مع زوجها في بيت مستقلٍ عن أهله ولكن ولظرفٍ ما خسر الزوج مبلغاً كبيراً حيث نُصِبَ عليه فاضطر لبيع منزله والعودة مع زوجته إلى منزل أهله، عادت معه من بيتها المستقل إلى غرفة بأربعة جدران لا تملك حريتها خارجهما، فعملت بالتجارة وبدأت تبيع وتشتري ثياب الأطفال والنساء ثم وسّعت عملها أكثر فأكثر، وبفترة وجيزة بارك الله لها بمالها فاشترت بيتاً جديداً وسلّمت مفتاحه للزوج، وساعدته في النهوض بعمله السابق من جديد، هذه هي الزوجة التي تعطي بلا مقابل وتُحسن بلا حدود، فلا تبخل عليها بطيب المعاملة وحسن المعاشرة.

تركت زوجتك في منزل أهلها أباً وأماً وأخاً وأختاً واختارتك أنت

وغداً إن كبر أولادها سيتركونها وتبقى معك أنت، فمن حقها عليك أن تعوّضها عن كل من تركتهم خلفها، فعوضها عن الأب الحنون الذي يسامح ويعفو ويتغاضى، وعوضها عن الأم المربية فأحسن نصحها ونقاشها وتعليمها إن أخطأت، وعوضها عن الأخت فكن بيت أسرارها وعوضها عن الأخ فكن سندها وملجأها الذي تحتمي به، وعوضها عن أولادها فاجلس استمع لكلامها ونصائحها واسعَ إلى إسعادها وإدخال البهجة إلى قلبها.

تحضرني قصة رائعة عن رجل جلس مع عائلته على سفرة الغداء، وقد كانت الزوجة في ذلك اليوم غاضبة فلم تحسن طبخ الطعام بشكل جيد فاحترق الطعام، وقدمته لزوجها وأولادها بهذه الصورة، فبينما يقلّب الأولاد بصرهم تجاه أمهم ممتعضين معترضين ابتسم الزوج وقال:

ـ إن أمكم تريد أن تعود عروساً، فقد تزوجتها قبل عشرين عام وقد كانت صبية لا تجيد الطبخ، ولطالما كانت تحضّر لي مثل هذا الطعام، وكأنّي بها عادت اليوم بي عشرين عاماً للوراء، والآن بعد انتهاء طعامنا هذا سنخرج أنا وهي في نزهة بمفردنا.

النساء شقائق الرجال كما علمنا رسول الله

وهنّ القوارير المأمورون بالرفق بهن ومداراتهن، فالشرع اعتنى بعلاقة الزوجين اعتناءً فائقاً، إلى درجة أن جعل القوامة بيد الرجل ليبقى مدارياً للمرأة معيناً لها في كل أمور الحياة، قوامة تكليف وتشريف، وحرصت في مقالتي هذه ألا أتطرق لقصص الصالحين والأئمة وأهل العلم مع زوجاتهم، واعتمدت على قصص واقعية من أناس بسطاء كي لا يظن البعض أن التعامل مع الزوجة يحتاج إلى زيادة في التقى والورع، وإنما هو أمر بمتناول الجميع ويستطيع أي واحد منا أن يكون زوجاً مثالياً.

الزوجة هي جنتك، فأحسن سقايتها ورعايتها لتهنأ في ظلال أشجارها، وهي جيشك الوحيد الذي قد لا تجد يوماً أحد بجوارك إلا هي، وهي الصاحبة في الجنة إن أحسنتما العشرة بالمعروف في الدنيا.

فيديو مقال زوجتك جنتك فأحسن سقايتها

أضف تعليقك هنا

أحمد الصالح

أحمد الصالح