ربما أنا من سيأتي…

ظلت واقفة تحدق في الظلام من شباك غرفتها في صمت و يأس و ذهول, تتأمل الفراغ و الكون الفسيح من حولها .. علو السماء و وسع الأرض و المساحات الشاسعة التي تراها على مد البصر .. يا له من كون واسع كبير فلماذا حياتي بهذا الضيق ؟ (همست لنفسها قائلة)
كيف لي أن أكون كالطائر الحزين المسجون في قفص ذهبي بباب مفتوح و لكن لا يستطيع الخروج منه …
لا يجرأ على أن يخطو خارجه و لا يملك الشجاعة الكافية ليحرك جناحاته و يطير محلقاً في هذه السماء الواسعة، و هو الذي قضى حياته كلها في هذه المساحة الضيقة ..
هذا القفص و بالرغم من أنه قفص يسجنه و يمنعه حريته و لكنه أصبح الآن مساحته الآمنة.. و أصبح هو سجين خوفه لا قفصه
يا له من طائر مسكين .. يقتله قلقه من العالم الخارجي و يذبحه خوفه من مواجهة المجهول .. و يرتبك عندما يتخيل نفسه في منتصف هذه المساحات الشاسعة التي لا يستطيع أن يميز حدودها أو أن يعرف أولها و آخرها و بدايتها من نهايتها.

يا لي من مسكينة حبيسة لخوفي و قلقي ..

تصيبني حالات من الذعر غير المبرر عندما أتخيل أني من الممكن أن أواجه العالم الخارجي أو أطلع عليه .. إحساس بشع (وكأن ظهري عريان) هذا هو إحساسي .. فقدان تام للأمان .. و أعود و أسأل نفسي و هل أجد الأمان في قفصي الذهبي هذا؟  ربما .. بعضاً منه و لكني أموت ببطئ , يقتلني شغفي و فضولي لرؤية الخارج و رغبتي في التحرر
أقف كالعصفور في تردد على حافة القفص .. لا أجرُأ على أن أخطو خارجه و لا أجرُأ على العودة داخل القفص ..

كيف لي النجاة من مثل هذا الوضع؟

أوه… لقد أصبحت عالقة .. ليس في إمكاني العودة و التأقلم على قفصي الذهبي .. لم يعد كما كان بالنسبة لي و لم يعد جميلاً بعيوني كما كان, و ليس في إمكاني الخروج منه .. يا له من مأزق .. كيف لي النجاة من مثل هذا الوضع؟
أنتظر على احتمالية أن يأتي من ينقذني من هذا الموقف .. يأخذ بيدي و يخطو بي خارج القفص و يقوم بحمايتي و مواجهة المجهول معي و يحارب بعض المعارك بدلاً مني و يحمل عني خوفي و قلقي بإعطائي إحساس الأمان في وجوده و معه
أو أن يأتي ليعود بي داخل القفص مرة أخرى و لكني لن أكون وحيدة هذه المرة سيكون هو معي و يؤنسني و لكن….

هل سأكون سعيدة بالعودة مرة أخرى للقفص؟

هل ستنتهي رغبتي في الانطلاق للخارج و التحليق في السماء العالية و شغف المغامرة و الحرية؟
وإن خطونا للخارج .. هل سيحميني حقاً ؟ هل سيحارب معي؟ هل سيعطيني الإحساس بالأمان الذي لطالما تخوفت من فقدانه عند الخروج؟
و حينها ظهر السؤال الأسوأ على الإطلاق..

هل سيأتي أحد حقاً؟

ماذا لو انتهت حياتي كهذا العصفور و أنا أقف على الحافة منتظرة؟ فلا أنا خرجت ولا استطعت العودة للداخل؟
هل أحتاج أن يأتي أحد؟؟
وإن أتى هل سأكون راضية بقراره وفعله سواء كان بالعودة لداخل مساحتي الآمنة أو الخروج منها؟
ماذا أريد حقاً؟
والآن توجب على معرفة نفسي و ما أريد قبل تمنياتي بأن يأتي أحد .. ربما وقتها لن أحتاج أحد.
ربما أنا من سيأتي و ينقذني من نفسي و تشوشي و حيرتي.
أضف تعليقك هنا