قراءة نقدية للحقبة العثمانية في الجزائر البهية

الحقبة العثمانية في الجزائر

عندما نريد أن نُقيم الحقبة العثمانية في الجزائر فإننا نصطدم بموقفين مختلفين أحدهم يعتبرهم محتلين غازين لا يختلفون كثيرا عن الرومانيين و البيزنطيين و الوندال المخربين و لا حتى الفرنسيين ، وآخرون يرونهم فاتحيين أصحاب أفضال على الجزائريين ومخلصوهم من مكائد الأيبريين، و كلا له حججه وبراهنه منها ما يقبله المنطق و يصدقه العقل و منها ما ترفضه حتى العاطفة.

طبعا العثمانيين لهم ايجابيات كما عليهم سلبيات و هذا لا يختلف حوله إثنان ، لكن الغير طبيعي هو مناقشة سياسة العثمانيين في الجزائر قبل مناقشة الأصل، وهو تواجدهم هل هو صواب ومصلحة أو تعدي على شعب و بتالي احتلال أم هناك حكم آخر ؟

عندما تطالع كتب التاريخ في قصة مجيء العثمانيين في مطلع ق 16 فإنك تقف عند روايات متعددة منها استنجاد الجزائريين بهم لدفع خطر الإسبان من السواحل الغربية ومنها رغبة السكان في دخولهم تحت سلطتهم وفي كنف دولتهم الإسلامية و مبايعتهم طواعية ، ومنها ما تقول أن العثمانيين كانوا سيصلون إلى الجزائر عاجلا أم أجلا و ذلك من خلال تجسيد مشروعهم التوسعي والذي انطلق من بلاد الأناضول وصولا لأقصى المغرب.

لكن مهما تعددت الروايات في قصة قدومهم فإن السنين وحدها كفيلة بالحكم عليهم ودحض تلك الروايات الباطلة و الايديولوجية.

المغالطات التي وقع فيها المؤرخون

إن المتصفح لتاريخ الجزائر الحديث خصوصا مع بداية الاحتلال يتبين له عدة مغالطات وقع فيها المؤرخون وقبلهم الفاعلون في صنع هذه الأحداث التي ذخر بها تاريخنا العظيم.

إن الحديث عن  تاريخ الجزائر يقودنا لعدة تساؤلات تبدو لنا منطقية ,هل كان التواجد التركي في الجزاzر فتحا وحماية او غزوا واستعمارا؟

اصحاب الرأي الأول يتحججون بأن الأتراك قد ساعدونا في إبعاد الايبيريين عن شواطئنا و جعلوا منا قوة بحرية لا يستهان بها, وكانت كل القوى الأوروبية الكبيرة تركع صاغرة وهي تدفع الأتاوات للجزائر.

في حين يرى أنصار الرأي الثاني أن الأتراك كانوا محتلين مثلهم مثل الرومان والبزنطيين والوندال “المخربين” و دليلهم أنهم أبعدوا العنصر العربي من كل المناصب والمسؤوليات الهامة في الدولة, و لم يهتموا بالجوانب الحضارية و التطويرية, بل أرهقوا العنصر المحلي بالضرائب الثقيلة و اشراكهم في حروبهم الخارجية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

تاريخ الأتراك في الجزائر

لكن هل أصلا القوة البحرية التي يتغنى بها أنصار الأتراك كان يقودها الجزائريين ؟ من كان يشرف على الاساطيل و قيادتها و يعقد الاتفاقيات مع الدول الغربية العرب الجزائريين أم الأتراك؟ و هل يحق لنا أن نفتخر بأنفسنا أم بالأقوام الآخريين؟، صحيح أنهم أبعدو الغزو الاسباني لكنهم أيضا قدموا الجزائر كهدية ثمينة للفرنسيين النصارى وهذا دليل آخر على استعماريتهم يقول أحدهم !! فوقع ماوقع وتآلم الشعب وحده و دخلت الجزائر في غيبوبة قرابة القرن و ربع القرن يتحمل مسؤليتها الأتراك وحدهم.

الأتراك يحبون السلطة و المال و الجاه و يعتقدون بتفوق الأصل التركي حضاريا بين الشعوب الإسلامية فكان لايروق لهم أن يشاهدوا العرب في السلطة أو على رأسها و لو كان ذلك عن طريق الشورى من خلال المبايعة بالإمارة كما وقع مع الأمير عبد القادر.

إن تاريخ الأتراك في الجزائر حقيقة تاريخية، ومن هنا يبدأ الإشكال في كتابة التاريخ فهو تاريخ لشعبين و لأمتين في وطن واحد ولذاكرتين, كتبه الأتراك كرصيد لسجلهم الوطني ولدورهم التاريخي في العالم العربي و الإسلامي , و قد يكتبه الجزائري ليسجل به مقاوماته و كفاحه و رفضه للتواجد التركي أو يكتبه ليعتز به ويفتخر ويباهي به الأمم, فعلينا أن نعرف كيف نكتب تاريخنا و أن لا نكون كـ الإمعة نتبع ما يملى علينا .

فيديو مقال قراءة نقدية للحقبة العثمانية في الجزائر البهية

 

أضف تعليقك هنا