لغة الضاد وجيل الرقمنة

اللغة من مقومات الأمم التي لا مناص من الحفاظ علیها

المتأمل للعالم الیوم و مایعتریه من تغیرات و مد و جزر و تطور تكنولوجي و حضاري و امتدادات لتأثیر الشبكة العنكبوتیة و انصهار في هذا الواقع الافتراضي ،یدرك بما لا یدع مجالا للشك أننا على مشارف صراع من نوع آخر بین الواقع و اللاواقع بین الحقیقة و الخیال و بین الموجود و المفقود .و لكل حرب سلاح و اللغة هي الوسیلة المثلى التي یعبر بها مرتادوا هذه الفضاءات عن مكنونات أنفسهم عن أفكارهم ،آرائهم،آمالهم و أحلامهم .و مثلما ماهو متعارف علیه منذ الأزل أن اللغة من مقومات الأمم التي لا مناص من الحفاظ علیها و توریثها لقادم الأجیال على اعتبار أنها َعصب الحیاة المجتمعیه .

ما هو حال لغة الضاد في هذا الزمان؟ وما مدى تأثیر تجاذبات التطور التكنولوجي على الناطقین بها؟

من هذا المنطلق أردت أن أتطرق لحال لغة الضاد في هذا الزمان و ما مدى تأثیر تجاذبات التطور التكنولوجي على الناطقین بها و كیف ینظرون إلیها و هل ستبقى لها قیمة في قادم الأزمنة مع جیل الرقمنة و سیطرة اللغة الانجلیزیة و تصدرها العالم ؟ لابد بدایة أن ننطلق من واقعنا المعیشي فأنا بحكم انتماءاتي المغاربیة و التي یغلب على كلامنا الاستخدام المفرط للغة الفرنسیة ،حتى أصبحنا نرى أجیال الیوم أطفالا یتكلمون الفرنسیة و یوظفونها في كلامهم أكثر من العربیة نفسها و هذا مرده إلى التقلید الأعمى للآباء الذین یعدون الملام في هذا التوجه ،فباستشراف للمستقبل و انطلاقا من تحلیل واقع اللغة العربیة في بلاد المغرب العربي یساورني شك أنه سیأتي یوم ستندثر هذه اللغة خصوصا مع إفرازات التكنولوجیا و تقلبات مواقع التواصل الاجتماعي ،و لیس الأمر بالمخالف في باقي الدول العربیة فالفرنسیة أصبحت طاغیة في المجتمع اللبناني و صارت لسان حال كل أبناء البلد ،و لیست الطفرة في اللغة الفرنسیة و حسب ففي دول أخرى على سبیل المثال لا الحصر دول الخلیج و بحكم تجربتي الفتیة هنا ،أرى توجها آخر نحو استعمال اللغة الانجلیزیة و هذا مرده إلى تنوع جنسیات العمالة الأجنبیة فتستخدم هاته اللغه للتواصل بحكم أنها متزعمة العالم الیوم ،غیر أن مایسترعي الانتباه هو استعمال الأبناء لها حتى داخل البیت فتجده یعرف مسمیات أشیاء بها و إن سألته عن اسمها بالعربي لایعرف ،لن نلوم الطفل في هاته الحالة بل الأبوین اللذان اجتهدا لتعلیمه لغة أخرى و هذا شيء جمیل لا أقول العكس لأنه قیل من تعلم لسان قوم أمن مكرهم و لكن وجب أیضا ترسیخ حبهم للغة الضاد بحكم أنها لغة القرآن و أحد مقومات الأمة و لایمكن في أي حال من الأحوال إغفال دورها أو التفریط فیها .

في نهایة المطاف و جب الإشارة إلى أن تفریطنا في هویتنا اللغویة سینجر عنه انسلاخ فكري و ثقافي و من ثم تضییع لواحدة من أهم مقومات الأمة ،لذا وجب علینا وضع مخطط لتدارك مایمكن تداركه من خلال تبني مشاریع تعنى بلغتنا و تسعى لتطویرها و تعلیمها لأجیال الیوم و تبیان مدى أهمیتها في بناء المجتمع ،لنحفظ لها مكانتها التي طالما تبوأتها لما كّنا نقود الأمم فلما ضیعناها و انصهرنا في ثقافة الغیر فقدنا أكبر مقومات الأمة و رمزا من رموز هویتها فصرنا نقاد مثل الغنم .

فيديو مقال لغة الضاد و جيل الرقمنة

أضف تعليقك هنا