محمود عباس ليس صفدياً

كان له سلوك مميز عن الآخرين، كثيرا ما يكنى بالصفدي وخاصة عندما يأتي بشيء غير مألوف.

صديقي الصفدي عنده كل شيء بقدر، يبتسم بتحفظ، يفكر بروية قبل الاقدام على أي عمل.

أغلب أهل المخيمات والذين ينحدرون بغالبيتهم من الجليل الأعلى يوسمون أهل صفد بالتحفظ في كل شيء.

استخلصت بعد طول أيام أن لأهل صفد حقاً طابع مميز.

لكل شيء عندهم مقدار، يتحدثون زمن الكلام ويصمتون وقت الصمت، يؤتون الأشياء حقها، يفكرون قبل القول ويطيلون التفكير قبل العمل، يعرفون حقاً ما يريدون.

محمود عباس، أبو مازن، الرئيس الفلسطيني

ينتمي إلى المدينة الفلسطينية التي تقع شمال فلسطين والتي تدعى صفد، وحتى أنه ولد فيها، وبشهادة من عاصره أنه كان صفديا بامتياز.

ولعل الطابع الصفدي للرئيس محمود عباس إلى جانب كثير من العوامل هو من أوصله إلى رأس القيادة الفلسطينية.

ولكن الأمر تغير.

ربما كان للرئيس محمود عباس بعض الانجازات هنا أو هناك ولكن على المستوى الاستراتيجي لحركته او منظمته أو بلده فما كان له من رزق الله إلا غمامة صيف.

الرئيس الصفدي محمود عباس انقلبت عنده كثير من المعايير حين تولى القيادة، وكذلك أدواته وطريقته في خوض معاركه الخاصة والعامة.

وهذا ما بدا جليا في المعركة الأخيرة حماس دحلان عباس بفصولها الثلاثة.

الفصل الأول :

بدا الفصل الأول بخلافه اللاسياسي مع محمد دحلان، خاصة مع تنامي مكانة محمد دحلان في المحيط الإقليمي، الامارات والسعودية والأردن ، إلى ان وصل بهم الأمر إلى السعي لتوريثه القيادة.

كان الرد العباسي غير متوقع فقد دعا الرئيس إلى انتخابات بلدية، الأمر الذي استشاطت منه هذه الدول وخاصة الإمارات ومصر كل الغضب.

فالمعطيات عندهم تشير إلى تقدم حركة حماس المصنفة عندهم أنها إخوانية.

فكيف لهذه الدول أن تتحمل عودة الإخوان إلى مكان شديد الحساسية في قلوب العرب والمسلمين وخاصة بعد الضخ المادي للإمارات لإسقاط كل من جاء به ربيع العرب .

كيف لهم وبعد كل هذا أن يعودوا من النافذة بعد أن أخرجوا من الباب.

تحدى أبو مازن كل أولئك دفاعاً عن مكتبه في رام الله إلى أن أذعنت الرباعية العربية لأبو مازن ورفعت عنه الكابوس الدحلاني، وبالتالي سحب أبو مازن قواته بسحب قراره بإجراء الانتخابات البلدية.

انتصر أبو مازن بمعركته الأولى على دحلان وتم مكافئته بالسماح له بإقامه مؤتمره في رام الله.

الفصل الثاني :

وبدأ الفصل الثاني من المعركة الداخلية بعد ان شعر أبو مازن بنشوة انتصاريه على دحلان وفي إقامة مؤتمره الفتحاوي، فالهدف الآن الاجهاز على حماس.

بدأ محمود عباس الفصل الثاني من معركته الكبيرة بسياسة تسريح العامليين الفلسطينيين في غزة، ليطال 7000 عامل.

ثم أتبعها بتخفيض رواتب الموظفين في أجهزة فتح بنسبة 30بالمائة، وخص هذا القرار العاملين في غزة دون الضفة، ثم سود باهمه وسبابته اليمنى بالتوقيع على زيادة التقنين الكهربائي في غزة .

كل ذلك من أجل دفع المجتمع الفلسطيني للثورة على حماس، ولكن في ظل ثورة المعلومات و الاتصالات من الصعب أن تنجح هكذا لعبة و خاصة مع شعب خاض تجارب كبيرة.

حماس الجديدة لوحت بورقة دحلان في غزة.

انعقد البرلمان الفلسطيني بشقه الغزاوي الحمساوي وبحضور الكتروني دحلاني، وتلاه تحركات كبيرة للتيار الإصلاحي التابع للنائب محمد دحلان على الأرض.

الرياح في غزة لم تكن عباسية في المطلق، فماؤه بغزة بدأ بالنفاذ، والاستهانة بحمد دحلان وتياره لم تعد حقيقة.

شعبية الخصم الخصيم لأبو مازن محمد دحلان ترتفع في غزة إلى 23 بالمائة للمرة الأولى بينما شعبيته لم تتجاوز 20 بالمائة ، وحتى شعبية حركة فتح في غزة تهبط إلى 20 بالمائة بعد أن كانت ضعف هذا الرقم من أشهر.

هذه الأرقام جل خطيرة لدى كل لبيب ، فالانقسام سيصبح بذاتٍ اجتماعية وليس سياسياً فقط، وهزيمة عباس أصبحت بين عينيه.

أذعن محمود عباس لحماس.

الفصل القادم :

في ظل صورية المؤسسة الحاكمة المتمثلة باللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعطيل المجلس التشريعي والغياب التام للمعارضة الداخلية لمحمود عباس في حركته ومنظمته.

وفي ظل غياب الاستراتيجية الواضحة لرئيس السلطة محمود عباس سيكون الطابع النفسي هو الكاشف والمسبار للاستراتيجية العباسية وفتحاويه الجدد.

وليتأكدن العارف بهم أن المرحلة القادمة ليست إلا جولة صراع دون أي نية صلح حقيقية.

فالمصالحة كما يرون ليست إلا تحسين لشروط المعركة القادمة وموطئ قدم أفضل مما هو عليه الآن بالإضافة إلى كونها معركة كسب الوقت التي يجيدها أبناء الحركة الغابرة.

أما عن دول الإقليم فهل سترضى مصر أو الامارات بعودة شبح الإخوان المسلمين؟

إن ما يسمى المصالحة الفلسطينية ليست إلا بداية الجولة الثالثة من معركة حماس -عباس- دحلان .

الرئيس محمود عباس

لم يكن صفديا عندما جره انقياده للانتقام لكبريائه أمام حماس فما كان حليما ولا حكيما.

الرئيس محمود عباس لم يكن فتحاوياً كذلك عندما شن غزوة الرواتب على أبناء حركته، فكان كمن يصوب سلاحه على رأسه.

وبعيدا عن ذلك من يرضى أن تغزو سياسة العرب أيدل و مجالس الطرب كما في ضفة فلسطين أن تغزو غزة بحلقاتها القرآنية الثمانية عشر ألف.

مما تذكره الروايات التاريخية أن صفد من أكثر المدن الفلسطينية التي تعرضت للخذلان في حرب 1948، وذلك بسبب وجود الحي اليهودي، فقد تعلم الصفدي الدرس مرتين حينها، خيانة وخيانة.

فما هو مباح لغير الصفدي بعد هذا الدرس لن يكون مباح للصفدي.

فهل ما يزال الرئيس محمود عباس بعد هذا صفديا.

و العبرة لألي النهي و من نهى النفس عن الهوى.

فيديو مقال محمود عباس ليس صفدياً

 

أضف تعليقك هنا