معركة استعادة الجمهورية : الواقع والمآلات – اليمن

رغم أن أغلب محافظات الجمهورية في يد الشرعية “نظريا” إلا أن رئيس الدولة ونائبه والحكومة مازالوا مغتربين. وهذا لعمري أشد انتكاسة وأسوء عار قد يلحق بأي قيادة على وجه الأرض ناهيك عن الأذى المعنوي الذي قد يصيب الجندي في الميدان.

كما يبدو فإن أسباب هذا الإصرار على البقاء في الرياض سببه ما يلي:

  • إما أن الأراضي المحررة انتقلت من يد الحوثي إلى يد جهة أخرى غير الشرعية “جهة ثالثة” لا تدين للشرعية بولاء وبالتالي فهي عمليا لم تتحرر بل انتقلت من يد ميليشيا إلى يد ميليشيا أخرى.
  • تم تحريرها بالفعل وتدين للشرعية غير ان الشرعية نفسها لا تملك حق العودة وقرارها ليس بيدها
  • مزيج من الأول والثاني ” وهو الأقرب إلى الصواب” اي انتقلت أغلب الأراضي المحررة وتحديدا في المحافظات الجنوبية من يد ميسليشيا الحوثي إلى يد ميليشيا تدعمها دول التحالف نفسها، زد على ذلك أن الشرعية بالفعل لا تملك قرارها بيدها.

الجيش الوطني التابع للشرعية

يبلغ قوام الجيش الوطني التابع للشرعية 450 ألف جندي، أغلبه أسماء وهمية وجزء كبير من قياداته ليس لها أي صلة بالسلك العسكري ولا حتى الأمني، بل أن عددا ليس بالقليل منهم ليسوا سوى “أطفالا” اخذوا هذه المناصب “كمجاملة” لآبائهم الذين يشكلون أركان الفساد في النظام السابق والحالي، أذكر على سبيل المثال لا الحصر بعضا من اطفال أسر المَشيخ في شمال اليمن كالعقيد الطفل فهد محمد ناجي الشايف قائد اللواء الأول مدفعية وكذا العقيد الطفل محمد علي القوسي أركان حرب أهم الوية الجيش “لواء المجد” وكذا الطفل المدلل للشيخ الغادر وابن الشيخ مجلي.

من أجل الانتصار في أي معركة

لا بد من الأخذ بأسباب النصر وامتلاك مفاتيحه المتمركزة اولا وأخيرا في قيادة مخلصة وكفؤة. وبناء على المعطيات الحقيقية المذكورة أعلاه، أرى أن قيادتنا تفتقد لأهم أسباب النصر فلا هي بالكفاءة اللازمة وليست بعيدة عن الفساد الذي يضاهي فساد الميليشيا الانقلابية نفسها، ومن كانت هذه صفاته لا يمكن وصفه بأنه مخلص بأي حال من الأحوال.

اليوم ندخل عاما جديدا من البؤس والدمار والفقر والجوع ومن حقنا بل من واجبنا أن نضع النقاط على الحروف ونقول للص أنت لص وللفاشل أنت فاشل، لكن ان نستمرأ مداهنة اللصوص والفاسدين بحجة حرج المرحلة وتوحيد الجهود فإني أرى أنها حجج ابلغ ما تكون لقول ما يجب قوله لا لمداهنة من يتاجر بدمائنا ووطننا من اجل مصالحه الشخصية البحته وكل ذلك باسم الوطن. فميليشيا الانقلاب فعلت ما فعلت باسم المواطن وإسقاط الجرعة ثم أسقطت الوطن بأكمله حتى سقطت أقنعتها وتعرّت أمام الجميع ولم نعد بحاجة لشعارات كاذبة تخالف الواقع في كل شيء.

من أهم مظاهر توحيد الجهود

أن لا نقبل فسادا ولا فاسدا ومن أهم دلالات الوفاء لدماء الشهداء عدم القبول بإعادة تدوير مخلفات النظام السابق وأعمدة أركان فساده وإن لم يتم إقالتهم والتحقيق معهم فيجب أن نحشد قوانا لإقالة من يصر على تعيينهم وانتقاءهم على حساب الكفاءات الوطنية.

ضعف الشرعية و فسادها أغرى دول التحالف التي وجدت اليمن يقدم لها على طبق من ذهب له بريق أعمى عيونهم فضاعت البوصلة وتاهوا في حروب جانبية وأجندات ضيقة  تتعارض كلية مع الأهداف المعلنة للعاصفة.

تسببت هذه الأجندات التي كان من مظاهرها ” استهداف كل مالا ينبغي استهدافه ودعم ميليشيا خارج إطار القانون ” بإطالة أمد الحرب وتدمير البنى التحتية وزيادة الضحايا المدنيين وإيجاد مبرر لاستقطاب المقاتلين في صف الحوثي.

تيهان التحالف في مشاريعه الضيقة وضياع البوصلة كلية جعله يتعمد خذلان كل الثورات التي اندلعت ضد الحوثيين منذ سنوات مضت ابتداء من البيضاء وتعز و أرحب وبني الحارث حتى ذمار وإب والحديدة وغيرها.

كان لخذلان التحالف والشرعية لكل هذه الثورات ضد الحوثيين الذين استفردوا بهم واحدا تلو الآخر نتيجة كارثية حيث بات زعماء القبائل والثوار يفكرون الف الف مرة قبل أن يقولوا شطر كلمة ضد الحوثي وخضعوا له تماما بفعل العنف المفرط الذي يستخدمه تجاههم.

إذا لم تعد الشرعية لقيادة المعركة من الأراضي اليمنية، وتكون أكثر شفافية وصدقا مع الشعب المتمسك بها رغم كل عيوبها وفسادها فإن الأولوية ستكون في تصحيح مسار الشرعية نفسها وربما تغيير بعض رموزها. رغم وعورة هذا الطريق وتكاليفه الباهظة إلا أن وضع القدم في الطريق الصحيح وإن كان طويلا خيرا من التمسك بالوهم وخوض معركة دون امتلاك أسباب النصر.

فيديو مقال: معركة استعادة الجمهورية بين الواقع والمآلات – اليمن

 

أضف تعليقك هنا