التعميمات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الفلسطيني التي تخص المرأة .. ما لها و ما عليها

لا خلاف على أن التعميمات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الفلسطيني هي تعميمات دستورية و قانونية وفقا للقوانين المعمول بها في المحاكم الشرعية، فهي تعالج المستجدات القضائية التي لم ينص عليها القانون وذلك بما لا يخالف الحكمة التشريعية من النص القانوني.

تعميم المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الفلسطيني بخصوص المرأة

وبناءً على ذلك يقوم المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بإصدار تعميمات قضائية كلما ارتأى ضرورة لذلك ، ومن تلك التعميمات ما يمس المرأة بشكل مباشر،لا شك أن معظمها قد جاء لرفع الظلم عن المرأة و احقاقاً لحقوقها، ولكن هناك بعض التعميمات كانت محطاً للتساؤل كالتعميم القضائي رقم ” 08/2016 ” الصادر بتاريخ 10/02/2016 المتعلق بحق الرجل المعنف في إقامة دعوى نزاع وشقاق _كما المرأة_ الذي عقب عليه رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ حسن الجوجو بأنه هنالك سوابق قضائية أكدت على أن الرجل قد يكون في بعض الأحيان ضحية لعنف الزوجة و انه من العدالة أن يتم رفع مثل هذه الدعوى سواء من الرجل المعنف أو المرأة المعنفة إلى القضاء ليفصل فيها ، وقد أكد الجوجو على أن التعميم لا يهدف إلى تشجيع الرجل على الطلاق ، أو الإضرار بالزوجة بمصادرة حقوقها المالية المثبتة في عقد الزواج، وإنما هو إجراء قضائي للتحقق من وجود النزاع والشقاق بين الزوجين، وخطوة باتجاه توحيد القوانين بين شطري الوطن تدريجيًا.

تفاصيل  التعميم

ووفقا لهذا التعميم فانه يحق للزوج رفع دعوى تفريق نزاع وشقاق، فإذا أثبتت دعواه وعجز القاضي على الإصلاح بينه وبين زوجته، يؤجل الدعوى لمدة شهر في مساعٍ جديدة للإصلاح بينهما، فإن فشلت تلك المساعي يحيل القاضي الأمر إلى حكم من أهل الزوج، وحكم من أهل الزوجة حيث يتعرف الحكمان على أسباب النزاع والشقاق بين الزوجين، ويرفعا تقريرهما إلى القاضي بهذا الخصوص، فإن كانت الإساءة من الزوجة بشكل كامل يحكم القاضي بالتفريق بين الزوجين بعد أن يقرر الحكمان مخالعتها على حقوقها المثبتة في عقد الزواج أو جزء منها، وإن كان النزاع والشقاق من الزوج يقرر الحكمان التفريق بين الزوجين مع ثبوت كامل الحقوق المالية للزوجة، وإن كان الشقاق والنزاع مشتركاً بين الطرفين فيقرر الحكمان التفريق ونسبة ما يتحمله كل واحد منهما من التزامات تجاه الآخر، ومن الجدير بالذكر أن المرأة لها الحق في معاودة رفع الدعوى مرة ثانية إذا رُدت قضائياً في المرة الأولى، في حين أن هذا الأمر لا يملكه الرجل.

ولكن على ارض الواقع

لقد أثار هذا التعميم حفيظة ناشطين وناشطات و مؤسسات نسوية حيث انه تم بشكل كامل أو جزئي من حقوقها بالنفقة وحضانة الأطفال ومؤخر بحرمانهاانتهاك لحقوق المرأة اعتباره، وله أبعاد سلبية تتمثل بإجراءات كيدية ضحيتها المرأة للتنازل عن و تعزيز لسلطة الرجل التعسفيةالطلاق مستحقاتها، خاصة وانه آخر البيانات لدى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2012 عن العنف المبني على النوع الاجتماعي، تشير إلى وجود 12% من حالات العنف في فلسطين ضد الرجل، وفي غزة تتراوح النسبة بين 6-7%.

هذا بالإضافة إلى التعميم القضائي رقم ” 04/2016 ” الذي ينص على أنه إذا تزوجت الأم طالبة الاستضافة في دعاوى الاستضافة برجل أجنبي غير محرم للصغير وثبت ذلك بالبينة ففي هذه الحالة يسقط حقها في الاستضافة ، وأكد التعميم على أنه إذا بلغ الصغير خمسة عشر سنة هجرية أثناء النظر في الدعوى فإنها تُرد ما لم يكن هناك مانع شرعي، فقد رأى الكثير من المحاميين الشرعيين بأنه لا مبرر لهذا التعميم فهم يعملون منذ عدة سنوات وفقا للتعميم القضائي رقم “22/ 2010” الذي ينص على أن الزوجة المطلقة التي تزوجت برجل أجنبي لا يحق لها استضافة أطفالها في بيت زوجها، و عللوا تجديد هذا التعميم بأنه ربما بسبب ربطه بمسألة استضافة الصغير البالغ فوق 15 سنة هجرية، مع التأكيد على أن مثل هذه التعميمات تضع المرأة بين خيارات صعبة إما أن تتنازل عن حقها في الزواج أو تتنازل عن حقها في حضانة أو استضافة أبناءها.

بناءً على ما سبق

يمكن اعتبار أن هذه التعميمات انتقائية وتصب في مصلحة الرجل، لا سيما وان النساء مازلن يواجهن في المحاكم من أزواجهن أبشع الاتهامات و أخبث الحيل لإجبارهن على التنازل عن حقوقهن في قضايا الطلاق و النفقة و الحضانة، فلماذا لم تصدر لليوم تعميمات تقر الخلع للنساء أو ترفع سن حضانة الأطفال للمطلقات حتى سن 15 عام! ، بلا شك أن كل هذا يجعل من خزائن العنف ضد المرأة وافرة لا تفرغ .

فيديو مقال التعميمات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الفلسطيني التي تخص المرأة .. ما لها و ما عليها

أضف تعليقك هنا