السقف ينهار

غرفتي و (الصنايعي الشاطر)

فترة وجيزة مرت ، يومها دخلت إلي غُرفتِي لكي أنام .. نَفضتُ فراشي و قولت “باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.”  تصفحت هاتفي بلا هدف حتي أضيع في النوم ،  أغلقت عيني ، و فجأة! ظهر ذلك الصوت .. تكتكة مجهولة المَصدر ، قمت مفتزعة أنظر يميني و شمالي أبحث عن الصوت الذي سكت الآن ، في ذلك الحين مر أبي من أمام غرفتي و دار ذلك الحوار “

الأب:  افتح النور كدة؟    ……     فيه ايه !

أنا:     “مش عارفة فيه صوت غريب .. “

و حينما خطيَ أبي لداخل الغرفة أنهار الجزء المعاكس من  السقف ، أنطلق مني صرخة مدوية و كرد فعل سريع أجتذبته من يده.. ، لم يكن جزء كبير قطعة من الجبس و الطوب لا تتعدي 25 سم و لكن هول سقوطها المفاجئ جعل منها كسقوط نيزك مشتعل أو كقنبلة هيروشيما ..
في لحظات ساد فيها الصمت .. تجمع العائلة في غرفة واحدة ليشاهدوا سبب الصراخ ، كان الخوف يعُم أركان البيت و قرر أبي عدم نومي داخل تلك الغرفة و تم حَظر التجوال فيها أو حتي المرور من أمامها  حتي يجد (صنايعي شاطر) يرمم سقفها ..
مر اليوم الأول و الكل يرتقب و يتأفأف من التكدس في غرفتين فقط ، مر اليوم الثاني و نحن نبحث عن (الصنايعي الشاطر) ، مر اليوم الثالث فتجرأت علي دخول الغرفة و الخروج منها بسرعة ، مر اليوم الرابع و تسألت ” ماذا سيحدث و إن نحيت السرير إلي الجانب الاخر من الغرفة و نمت؟ لا شئ! ” و بالفعل يومَها نمت بغرفتي ، مر اليوم الخامس السادس السابع …. و تأقلمنا علي الوضع و كأن شيئاً لم يكن و تكاسلت القوة المفتزعة و زالت حِمية البحث عن (الصنايعي الشاطر) لنؤخرها بأعذار مختلفة إلي حين أخر.

الاعتياد (الانطفاء)

موقف صغير أستنتجت منه شيئاً قاتلاً يُسمي ( الاعتياد ) ، قد يسمونه علماء النفس ( الإنطفاء ) ..
كل الأشياء المؤلمة ، الأحداث الفاجعة ، لحظات الفراق و الموت ، ساعات اليأس و تَمني عدم الوجود و التلاشي ، كل الصدمات التي تخبرنا “تلك نهاية العالم إفجع ، إرتعد ، مِت خوفاً .. فلا شئ سيرجع كما كان ، ستقف هنا حياتك و لن تستطيع المُضي قدماً ..”
تلك الساعات التي تتبع دفن شخص عزيز ، فسخ خِطبة ، أو حتي فقدان صديق ..
سنهلع يوم يومان شهر سنة .. و مِن ثُم نباشر حياتنا و نعتاد الأمر ، سيتجمد ما تم حرقه بداخلنا ، سيزول الخوف مرة بعد مرة

الاعتياد سلاح ذو حدين

فالاعتياد سلاح ذي حدين ، اذا اختلطت بالنسيان جَعل المُر في حياتنا ككوب الشاي بربع معلقة سكر (مزاج! و علو كيف) ، و إذا أختلطت بالحُب و الشغف جَعلهم روتيناً بائساً كفيل بأن يُدمر علاقتنا ..
لا تبتئس .. فكل هذا الألم سيزول ، كل ما يشغلك خوفاً اليوم ستقف أمامه غداً و هيكون (أقل من العادي).. احتراقك هذا يجعلك طائر عنقاء صغير يتجدد من رماده ، ستطوف في كل أرجاء الغرفة حتي و إن أخبروك بأن .. السقف ينهار.

فيديو مقال  السقف ينهار

أضف تعليقك هنا