قلوب من حجر .. رمي فلذات اكبادنا في الطرقات #العراق

 

بسم الله الرحمٰن الرحيم

(( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ))

وأد الأطفال العصري

رغمَ التطور الكبير في وقتنا الحاضر ألا اننا نعود الى زمن الجاهلية حيث كانوا يقومون بوأد البنات وهنَ احياء لكن الذي يحدث الان بطريقة مختلفة الا وهيَ رمي الأطفال في الطرقات او تركهم بالمستشفيات .

يروي شاباً من اهالي ( عنك دحيلة ) في محافظة ديالى كنتُ على الطريق الرابط بين بعقوبة-بغداد في الساعة الثامنة صباحاً أستوقفني راعي غنم وقال سمعتُ هناك صوت اشبه بحيوان او طفل رضيع فذهبتُ لأتأكد من مصدر الصوت, وجدتُ طفلاً مرمي على وجههِ في الارض قرب بزل مياه محاط بستة كلاب على شكل دائرة اشبه بوضع حراسة .

ابعدتُ الكلاب وعند التقرب من الطفل تبين لي انها طفلة حديثة الولادة بثوب قذر مَدمي وبجانبها كيس فيه ملابس ومستلزمات طفل ( ذكر ) كاملة, عند حملي لها رأيت النمل الفارسي أكل جزء من اصابعها وشفتيها الرقيقتين اخذتها الى والدتي لتعتني بها .

وقالت أم الشاب أن الطفلة كانت بحالة مزرية جدا لدرجة انها كانت تلتقط انفاسها الاخيرة, وكان النمل والحشائش يغطي اغلب جسدها وكانت فاقدة اجزاء من اصابع يدها الصغيرتين وشفتها السفلى, فأخذتُ الطفلة لتسليمها الى مركز شرطة ديالى .

استلمت أدارة مستشفى ( البتول التعليمي ) في ديالى حالة الطفلة من مركز الشرطة .

وتبين انها تعرضت للنهش من قبل الحشرات مما أدى الى فقدان خمسة أصابع من يدها اليمنى وأصبعين من يدها اليسرى, وكانت تعاني من جفاف عام في جسمها بسبب تركها في العراء ليومين كاملين .

وأضاف ضابط في مركز شرطة ديالى أنها ليست الحالة الأولى من نوعها في المحافظة بصورة خاصة والعراق بصورة عامة .
صورة للطفلة

 

 مقابلة صحفية أجريناها مع الباحثة الاجتماعية ( نادية عبد الحسين ) مديرة قسم البحث الاجتماعي والدعم النفسي – دائرة المرأة / وزارة العمل والشؤون الاجتماعية .

حيث إفادة بالنسبة لظاهرة رمي الأطفال التي انتشرت حديثاً وتداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لها اسباب عديدة منها أسباب اجتماعية اغلبها ناتجة من الزواج القصري اللواتي يتزوجنَ وهنَ لا يفقهن الحياة الزوجية  فتتخلص من طفلها بأي وسيلة كانت حتى تهرب من الحياة الزوجية, أو من الزواج الغير شرعي أو اسباب نفسية, واحيانا الزوج لا يرغب بولادة الانثى لأننا نعيش بمجتمع ذكوري  ويفضل الذكر على الانثى هذا بحد ذاته تخلف .

اغلب الاطفال الذين يَرمون هم اطفال من علاقة غير شرعية, فيتخلصون منهم خوفاً من الفضيحة والقتل, ومثلَ ما تعلمون نحنُ مجتمع عشائري تحكمهُ العادات والتقاليد, ومهما يكن لا يجب على الأم أن ترمي طفلها وتتخلص منهُ بهكذا حالة مهما تكون الأسباب لكن بإمكانها تسليمه لمؤسسة لرعاية الأطفال, لكن هذهِ الأم تجردت من الإنسانية لتتصرف مثل هكذا تصرف قبيح بل حتى الحيوان يرعى طفلهُ ويحميه بحرص, فكيف لأم حملت طفلها 9 اشهر وبكل سهولة وقساوة قلب ترمي فلذة كبدها ؟

لا نعلم ما الحالة الاساسية التي دفعتها لعمل هكذا فعل شنيع ولكن مهما يكن لا تعطى الحق برمي طفل بريء لا ذنب له في مكان ومستقبل مجهول .

أسباب رمي الأطفال بالطرقات

فكثير من النساء يتعرضنَ للاغتصاب أو من العلاقات الغير شرعية, وبالتالي ينتج حمل وهذا الحمل يترتب عليهِ أثار اجتماعية منها غسل العار و القتل, وتكون منبوذة في المجتمع فحتى تتخلص من هذه البصمة ترمي طفلها وهذه هي قمة الاخلال بالحقوق البشرية والحقوق الانسانية.

وبالنسية لمصير الاطفال بدأت المؤسسات والمنظمات بالانتباه لمثل هذه الحالات وصارت تعرض خدماتها اليهم بل حتى الناس العاديين لسماعهم بهذهِ الحالات يعرضون خدماتهم واهتمامهم بالأطفال واحياناً تبنيهم .

لأن هذا الطفل سوف يكون مجهول النسب ويترتب عليه اثار سلبية لكن لصغر سنهِ لا يعلم واقعة المرير فانه سوف يكبر بظل عائلة مكونة من ام واب وظروف اجتماعية طبيعية .

ونظراً للظروف التي مر بها العراق مؤخراً من ارهاب وتهجير وقتل والطائفية الي اخذت مأخذ كبير من النساء فبالتأكيد يكون البلد مهيأ لمثل هكذا حالات وقضايا .

وبالنسبة لموضوع تبني هؤلاء الأطفال…..

فاذا كان عن طريق سياقات ادارية فهوَ صعب جداً ويترتب عليهِ سنوات عديدة لكن عندما يكون عن طريق مناشدة من وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يكون أسهل وأسرع نوعاً ما .

وأضافت ( عبد الحسين ) أنني زرتُ دار للأيتام وجدتُ ما يقارب (10) اطفال رضع ترعاهم موظفة واحدة فقط, تعجبت كيف يمكنها السيطرة على هؤلاء الاطفال ولماذا لا يعطونهم الى الناس الذين يرغبون بتبنيهم  ؟

الجواب كان: سياقات التبني صعبة جدا وتتطلب موافقات وشروط لازمة لتبني الطفل مثل (يجب ان يكون الشخص المتبني لا يملك اطفال ما يقارب الـ 5 سنوات) وغيرها من الشروط العديدة هذه الشروط تجعل موضوع التبني صعب للغاية وتبعدهم عن هكذا فكرة .

حلول للحد من هذه الظاهرة

وأشارت ( عبد الحسين ) يمكننا الحد من هذهِ الظاهرة بتشريع قانون العنف ضد المرأة فسوف يحل الكثير من المشاكل ويحميها من امور كثيرة مثل قضايا القتل وغسل العار وغيرها من الامور التي تظلم بها المرأة, بدأ المجتمع يعي خطورة هذهِ الحالة ويتفهم ان المرأة ضحية المجتمع وخصوصا ان كانت مغتصبة وبالتالي تكون ضحية العشيرة والاعراف والتقاليد, نحن نستغل كل تجمع نسوي بإعطاء محاضرات  تثقيفية مستمرة ونُفهم النساء عن حقوقهنَ القانونية بان لا ترضى بالعنف ضدها بل العكس  يجب دائما ان تقوم بأخبار الجهة المسؤولة لحقوق المرأة عن  العنف الذي تتعرض لهُ ومن خلال هذه الارشادات والمحاضرات لتوعية النساء بدئنا نلاحظ تقبلهنَ للإرشادات بصورة كبيرة وبدأوا يدافعونَ عن حقوقهم بل يأتون للتبليغ عن العنف ضدهن, كذلك نقوم بجلسات دعم نفسي للنساء اللواتي تعرضن للانتهاك والتعنيف فاستطعنا ان نقدم شيء ضد هكذا ظواهر .

دور الإعلام

ولوسائل الإعلام دور في تثقيف ونشر هذه المفاهيم فالأعلام ضروري جدا في وقتنا الحاضر, ليس علينا بتثقيف المرأة فقط وانما الرجل ايضا وبالنتيجة سوف نستطيع الحد من هذه المشاكل التي ظهرت في الآونة الاخيرة .

 

الباحثة الاجتماعية نادية عبد الحسين .

رأي الدين في ظاهرة رمي الأطفال

وفي مقابلة صحفية اجريناها مع شيخ جامع ( ال ياسين ) قال بغض النظر ان تكون الحالة يسأل عنها من الجانب الديني فهي حالة انسانية, أن الأم التي ترمي أولادها وقد رأوا نور الحياة فهذا بحد ذاتهِ قتل للإنسانية, وبغض النظر أنَ كانَ الانسان مسلم ام غير مسلم يستنكر هذا العمل ويعتبره عمل قبيح بل حتى الحيوانات تستنكر هذا العمل .

إنَ الله سبحانه وتعالى خلق الأنسان بفطرتهِ على حب ابنائه لأن الأبن هوَ فلذة الكبد, فالأم التي تترك طفلها قد تركت فلذة كبدها وأحب ان أبين الحكم الشرعي لهذه القضية فأنهُ حرام كما هو مستنكر عقلا كذلك هوَ مستنكر ومستقبح شرعاً .

فيوجب على الأم والأب أن يكونا راعيين لأولادهم من أول يوم في حياتهم حتى بلوغهم, ولعلَ الأم تفعل هذا العمل بسبب الفقر لكن الله سبحانهُ وتعالى قال ((نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ )) فالله هو الذي تكفل برزق الأنسان وهذه جريمة انسانية بحق الطفل .

وبعض النساء ترمي طفلها نتيجة لضغط زوجها عليها لأنهُ لا يرغب بالإناث وإنما يريد الذكر, وهذا أيضا وقف الإسلام ضده فلا طاعة للمخلوق بمعصية الخالق .

وأضاف أما اذا كانَ الطفل من علاقة غير شرعية وولجت فيهِ الروح فيجب أن تحفظهُ وترعاه لأنَ هذا المخلوق لم يكن له ذنب بما أرتكبه أبويه, فلا يجوز عليها تركه في مكان ومستقبل مجهول .

موقف المجتمع من هذه الظاهرة

وبالنسبة للمجتمع الذي يحيط بهذا الطفل عليهم أن لا ينظروا له نظرة دونية, فأنهُ لا ذنب له فقد يكون من الصالحين والافاضل في المجتمع فالأنسان لا يحاسب بجريرة غيره وإنما ينظر الى ذاتهِ وسلوكه ويجازا عليها, فعلى هذا الطفل في المستقبل ان يبني نفسهُ ولا يجعل من ذنب أبويه عقبة في طريقه توقفهُ عن التقدم .

مشاهدة هذه الحالات تتكرر داخل بغداد وفي اغلب محافظات العراق لأطفال احياء ومنهم من فارقتهم الحياة وهوَ في هكذا وضع مرمي مع النفايات وغيرها من الاماكن الغير صالحة حتى لعيش الحيوانات قد جرى التخلي عنهم من دون ذنب يذكر والأسباب مجهولة وهذه الظاهرة يصعب تحديد حجمها لغياب الإحصاءات, ألا انها استفحلت خلال السنوات الأخيرة داخل العراق واغلب الدول العربية .

فيديو مقال قلوب من حجر .. رمي فلذات اكبادنا في الطرقات #العراق

أضف تعليقك هنا