مشروعات وحدوية عربية لم تر النور

النزعات القومية في الدول العربية

منذ أوخر العهد العثمانى فى البلاد العربية واستقلال حكام تلك البلاد عن الباب العالى  وقد ظهرت النزعات القومية فى مختلف الأقطار العربية ولا عجب أن نرى إبراهيم باشا ابن محمد على يقول عندما سئل: أين ستتوقف فتوحاتك؟ فقال :عندما ينتهى اللسان العربي.

وهو برده كان يلمح إلى أن الوحدة العربية هى فى مقابل سيطرة الأتراك وقد ظهرت دعوة الجامعة الإسلامية لتجمع طوائف المسلمين تحت قيادة السلطان ومع سقوط الدولة العثمانية لم تعد دعوة الجامعة الإسلامية ذات جدوى وبدأ المثقفون فى مختلف الدول التوجه للنزعات القومية الضيقة فظهرت النزعة المصرية والسورية واللبنانية …إلخ

وهنا ظهرت فكرة القومية العربية بقوة فقد كان تشرذم الدول العربية سببًا لضعفها واحتلالها لمدة طويلة وبدأت فكرة الجامعة العربية تظهر فى مقابل فكرة الجامعة الإسلامية التى أنهارت وقد عزز ذلك الاتجاه ما صرح به وزير الخارجية البريطانى خلال الحرب العالمية الثانية  أنتونى إيدن “بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين “العطف” إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية” كان هذا التصريح لمداعبة مشاعر العرب وكسب مزيد من التأييد لبريطانيا خلال الحرب ضد النازى لكن تم استغلال التصريح وبدأ التحضير لإنشاء جامعة الدول العربية

وفى ذات الوقت ظهرت فكرة أخرى وحدوية لكنها لم تكن فكرة جامعة بل كانت فكرة مقتصرة على وحدة الشام فقط وهو ما عُرف بمشروع سوريا الكبرى

محاولة الاردن لتكوين سوريا الكبرى

استجاب الامير عبدالله بن الحسين أمير شرق الأردن لتصريح ايدن حيث رأى فيه فرصة لتحقيق طموحه بالخروج عن نطاق إمارته الصغيرة وانتهز  فرصة استيلاء بريطانيا وحكومة فرنسا الحرة (فيشي) على دمشق سنة  1941وبدأ العمل من أجل أطماعه فى تكوين سوريا الكبرى تحت حكمه بضم ( سوريا ولبنان وفلسطين ) إليه واتخذ لذلك عدة إجراءات حيث  أرسل عدة برقيات لتشرشل يذكره فيها بحق الأسرة الهاشمية فى عرش سوريا منذ عام 1916م كما أتخذ مجلس وزرائه برئاسته فى عام 1941 م  قرارا رحب فيه بتصريح ايدن  متحدثا عن الوحدة بين البلاد السورية وليس الوحدة العربية كما بعث الأمير  فى يوليو 1941 م  برسالة لمستر ليتلتون وزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط  تحدث فيها عن الوحد السورية برئاسته هو  كما طالب فى مطلع عام 1942م برفع الانتداب عنه ليحقق وحدة الاردن وسوريا  ونجده كان متخوفا من فكرة الوحدة العربية الشاملة حتى  لايفقد الزعامة حيث بعث ببرقية لنورى السعيد سنة 1941 م يقول إن من واجب عمان وبغداد السعى للسير على سياسة هاشمية موحدة  وبذل الجهد لأحياء الثورة مرة أخرى وإعادة الدعوة الهاشمية .

 

ونتيجة لهذه الجهود نجد نتيجة سلبية فبالنسبة لبريطانيا  فقد طلبت منه ارجاء النظر فى الموضوع  لأنها لاتريد توريط نفسها بفرض أى مشروع وحدوى على الأقطار العربية  وبالنسبة للعراق استقبل نورى السعيد بعدم اكتراث لنيته التقدم بمشروع الهلال الخصيب بزعامته وأظهر انشغاله باستقرار الاوضاع الداخلية بعد القضاء على ثورة رشيد الكيلانى

أما فى مصر

فقد كان الأمير يخشي أن تتجه مصر نحو الوحدة فتحتل الزعامة فى التحرك العربي باعتبارها أكبر الأقطار العربية ولم يفت مصر استنكار محاولات الأمير عبد الله أنطلاقا من موقف مصر التقليدى من سيطرة الهاشميين على تلك المنطقة

وهكذا تجمد مشروع سوريا الكبرى وبقي حلما يراود الأمير حيث أصدر علم 1947م كتابا (الكتاب الابيض الاردنى) يحوى وثائق هذا الموضوع ولعل أهم عوامل تجميد المشروع كونه يهدف لفرض وحدة ضيقة  وتحقيق مجد شخصى لحاكم عمان دون موافقة شعوب الاقطار العربية واستنادا على السلطات الاستعمارية

مشروع الهلال الخصيب

كان من نتيجة تصريح إيدن أن أتجه تفكير نورى السعيد إلى الوحدة بين العراق ومنطاق شمالى الشام فيما عُرف بالهلال الخصيب وكان هدف السعيد من وراء المشروع الوصول إلى البحر المتوسط حيث كان المنفذ البحرى الوحيد للعراق على الخليج العربي وواستغل السعيد لذلك طموح العرب نحو أى مشروع وحدوى وقدم نورى السعدي مشروعه إلى السلطات البريطانية عندما شعر  بضعف فرنسا القوة المستعمرة في سوريا التي سعت دومًا إلى الهيمنة على المنطقة وتقسيمها إلى دويلات أيد الشمال السوري الفكرة نظرًا للعلاقات التجارية والاجتماعية التي كانت حلب ومنطقتها تتمتع بها مع العراق. في سورية، كان حزب الشعب داعمًا للفكرة، بينما كانت الكتلة الوطنية وضباط الجيش معارضين لها. كادت الفكرة تنجح تحت حكم الرئيس سامي الحناوي عندما بدأت محادثات للوحدة بين سوريا والعراق، إلا أن انقلاب أديب الشيشكلي المعارض بقوة للمشروع أجهضه في مهده.

مشروع الجمهورية العربية الإسلامية

مع عجز الجامعة العربية عن حل مشكلات عربية متعددة بدأت فكرة الاتحادات العربية تنشأ مرة أخرى منها ما رأى النور لكنه فشل بعد حين كمشروح اتحاد الجمهوريات العربية بين كل من مصر وليبيا وسوريا ومنها ما نجح وهو مستمر حتى الأن كإتحاد الإمارات العربية المتحدة لكن مشروع الجمهورية العربية الإسلامية كان أحد المشروعات الوحدوية العربية التى لم تر النور أعلن عن المشروع عام 1974 بين الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة والرئيس الليبي السابق معمر القذافي. جاء إعلان الوحدة بصفة مفاجئة بعد انعقاد مقابلة للقائدين في جزيرة جربة إثر زيارة غير مبرمجة للقذافي. كان الاتفاق يقتضي بتولي بورقيبة منصب الرئيس، القذافي منصب نائب الرئيس، عبد السلام جلود منصب الوزير الأول والوزير الخارجية التونسي محمد المصمودي منصب نائب الوزير الأول. كان مقرراً أن يتم المصادقة على الاتفاق بعد إقامة استفتاء في البلدين، لكن أمام عدم ورود نص في الدستور التونسي حول إجراء استفتاء عام تم تأجيله. وقع في النهاية إبطال الاتفاق بعد رفضه من قبل عدد من السياسيين التونسيين على رأسهم الوزير الأول الهادي نويرة، وعدول بورقيبة عنه. أدى إبطال الاتفاق إلى توتر كبير في العلاقة بين بورقيبة والقذافي.

فيديو مقال مشروعات وحدوية عربية لم تر النور

أضف تعليقك هنا