فلسفة الخير بين المطلق والنسبية .

فعل الخطأ بدافع  الخير

هل مساعدتنا ستساهم بالمساعدة ام ستزيد الموقف تعقيداً ؟ هذا السؤال قد يبدو في الوهلة الأولى اعتباطياً ولكن ماذا عن كل تلك الأسئلة التي غيرت سريان التاريخ ألم تكن اعتباطيةً أيضاً ؟ يبدو انني لا اساعد في كشف المشكلة لذا لنبدأ من جديد لعلنا نصل إلى نتيجة .

دائماً ما يحاول الكثيرون المساعدة وقد واجهت كثيراً في حياتك ان هنالك من يجعل من مشكلاتك أكثر سوءاً مما هي عليه ولكنه لم يقصد ذلك فقد كان دافعه الخير ، في ذلك الوقت تتسائل عما اذا كان الخير مطلباً في كل الأحوال ! حتماً هو كذلك ، ولكن الا يمكن ان تكون هنالك طريقةٌ اخرى لتنفيذه ؟

‏على الإنسان أن يبذل قصارى جهده في محاولته على عدم ايذاء الآخرين بدلاً من محاولة نفعهم ، فما نراه خيراً ليس بالضرورة ان يراه الآخرين خيراً ايضاً . التمني لهم بالخير قد يكفينا في كثيرٍ من الأحيان وان يمنعنا ايضاً من الحرج . فمحاولة الأهل في تفوق ابنائهم يدفعهم لأن يحثوا ابنائهم على بذل الجهد المضاعف للتقدم ، ولكن في احيانٍ كثيرة يكونون قد بدأوا بالحرص المبالغ فيه وتخطوا حدود حرية الشخص في ما يفعله فما يراهُ خيراً قد لا يتفق كلياً مع والديه .

محاولة الأجيال التي من قبلنا لفعل الخير قد حرمت كثيراً من النساء حق التعلم ، فمنعهم لهم لم يكن بدافع الكره انما بدافع الحرص الذي يعني في جوهره الخير والمحبه فهل كانت هذه الدوافع خيراً ومحبةً محمودةً ايضا ؟

تبني فلسفة تجنب ايذاء الاخرين

وقد نذهب الى ابعد من ذلك ونقول محاولة نفع الآخرين تسبب اضراراً لن تحدث لو اننا حاولنا ان نتبنى فلسفة تجنب ايذاء الاخرين والتدخل في شؤونهم ، والامتناع عن فعل الشر قد يكون اقل منفعةً! ولكن أليس أقل ضرراً أيضاً ؟

في الاقتصاد يرى الكثير من الإقتصادين وهم من يطلق عليهم اصحاب الفكر -الرأسمالي- ان ابتعاد الحكومة عن السوق وجعله حراً يصب في مصلحة السوق نفسه ويترتب ذلك ان الجميع رابح سواءٌ العامل او صاحب العمل البائع او المشتري اما من نطلق عليهم باصحاب الفكر -الإشتراكي- فيرون ان عدم تدخل الحكومة في السوق سيجعله اكثر ظلما على المواطنين .

فكما ادى ترك السوق حراً ودون ضوابط وقوانين مقيدة الى انهيارٍ إقتصاديّ – الإنهيار العظيم – في الولايات المتحدة الامريكية في عام ١٩٢٩م ، أدى التدخل الإشتراكي عبر تأميم المصانع – جعلها في يد الحكومة – في مصر إلى تدميرها في ستينيات القرن المنصرم في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر .

هذه الفكرتين البسيطتين قد عصفت في تاريخ البشرية ولم يعد مثل ما كان قبلهما فقد كانت الحرب الباردة التي امدت لعشرات السنوات نتيجةً لتلك الفكرتين وراح ضحيتها مئات الأبرياء إن لم يكن الآلاف .

ما يهمنا هنا…

ان نرى الاشياء بشكلٍ أعمق لربما تدمرت أمماً وقتل الملايين في المستقبل جرّاء إستعجالنا في إطلاق الأجوبة . وهل يجب علينا ان نتسائل متى يبدأ الشروع بعمل الخير ومتى ينتهي وهل هنالك حدودٌ واضحةً لذلك التدخل، وقبل ذلك كله يجب علينا ان نتسائل ما هو الخير وما هو الشر ؟ وهل الخير في نظر شخصٍ ما هوَّ مثيله للآخر ؟

لربما يجب علينا ان نعيد النظر في أن الأسئلة الفلسفية ليست كما يظن الكثيرين بعيدةً عن الواقع ولا تمتُ له بصلة فكل ما تحدثت عنه قد بدأ بفلسفة وإنتهى بكل ذلك ، والآن هل كان سؤالنا اعتباطياً حقاً ام هو اكثر من ذلك ؟

فيديو مقال فلسفة الخير بين المطلق والنسبية 

 

أضف تعليقك هنا

عمر محمد المطيري

حساب التيلغرام https://t.me/O_MNM