القيم في المنظومة المغربية

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف القيم

إن ملاحظة منظومة القيم السائدة في أمة من الأمم يمكنك من تحديد كون هده الأمة أصيلة أو هجينة صلبة ومتينة أم أنها قابلة للاختراق والتشرذم , وهل تتوفر على عوامل الاستمرار والإنتاج أم هي هزيلة ضعيفة حاملة لعوامل الاندثار والهزيمة والأفول والفناء , فرقي القيم مؤشر على مستوى التحضر والتقدم .
والقيم هي مجموع القواعد النبيلة التي يسعى كل مجتمع الى ترويجها وارسائها داخل نفوس مواطنيه ومما لا شك فيه أن هده القيم تجد أصلها الأول في الأديان السماوية والتي تدعو في مجملها الى الحب والجمال والاحترام وتقبل الآخر والإحساس بالمسؤولية اتجاه المجتمع وحب الوطن والمحافظة على التراث الحضاري للأمة ,والتي تسعى في مجملها الى جعل الفرد صالحا في المجتمع في اطار وهدف أسمى وهو نجاح الأمة وسعادتها .
لدلك فإن كل الأمم تحاول أن تخلل نضامها التعليمي بمجموعة من القيم والمبادئ التي تستمدها من ثقافة المجتمع كالدين والهوية الحضارية إضافة الى قيم كونية كحقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة …

مرجعيات منظومة القيم بالمغرب حددها الميثاق الوطني للتربية والتكوين في التقسيم الرباعي المبني على:

-العقيدة الإسلامية كمورد أول لهده القيم
-قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية
-قيم المواطنة
– قيم حقوق الإنسان
فهل حقا مناهجنا وبرامجنا الدراسية تستمد القيم من أصلها أم أنها تتحرك في فضاء مغمور ومشحون بالتناقض؟؟؟
ثم هل من واجبنا كطلبة وفاعلين في مجال التربية الانتقاد أم أننا أمام وضع يستوجب منا التطبيع مع منظومة الفساد؟؟؟

المنظومة التعليمية المغربية

بسم الله الرحمن الرحيم
((إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله ))
لقد مرت المنظومة التعليمية المغربية بالعديد من الإصلاحات مند 1957 مرورا بإصلاح 1985 ثم إصلاح 1992 وكان أبرز تلك الإصلاحات سنة 1999 والدي سمي بالميثاق الوطني للتربية والتكوين ثم الكتاب الأبيض سنة 2002 ثم المخطط الاستعجالي 2009-2012 تم الرؤيا الاستراتيجية 2015-2030 ,ولقد كانت تركز كل هده الاصلاحات على مركزية تكوين مواطن صالح ودلك عبر ترسيخ مجموعة من القيم التي تستمد من الدين الاسلامي ومن الموروث الحضاري والثقافي للبلد .مرورا بترسيخ قيم المواطنة وحقوق الانسان الامر الدي لم يستوعبه الكثير من المحللين والتربويين , الدين لا حظو مجموعة من الاختلالات والتي كانت السبب فيما بعد في الفشل الجزئي لمنظومة القيم بالمغرب.
فالذي كان يُعد هده الاصلاحات والمواثيق غالبا ما يكون مجموعة اشخاص او هيئة بعيدة عن بؤرة الاختلالات التي تعاني منها المنظومة مستبعدين كل مَن مِن شانه ان يقدم اجوبة واضحة وصريحة وناجعة للمشاكل التي تعاني منها المدرسة وهم الاطر الممارسة على الميدان من طلبة أساتذة ومديرين …
ومن بين الاختلالات الواضحة كدلك التي ادت بشكل او بآخر الى ما نحن عليه ان الوزارة الوصية لم تلزم الشركاء بقانون يحتم عليهم المشاركة في تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني وباقي الاصلاحات فمثلا الوزارة الوصية تقوم ببناء مدرسة في العالم القروي ولكنها لا تلزم وزارة التجهيز والنقل بإنشاء طريق رابط بين المدرسة والقرية(الدوار) الشيء الدي يحول دون تحقيق اهداف رسمت في الميثاق والتي من بينها تكافئ الفرص …
ومن بين الجيوش المأجورة كدلك على تخريب قيم المغاربة خصوصا الاطفال(التلاميذ )هناك :الاعلام والدي يخرب دلك الخزان القليل من القيم التي اكتسبها الطفل من المدرسة والاسرة والمسجد فتجعله قنبلة قابلة للانفجار في اي لحظة عبر الاغتصاب والتشرميل وضرب أستاذه والتهكم وعدم الانضباط (جيل من الضباع بتعبير محمد كسوس ) .

جملة من التناقضات بين القيم

كذلك جملة من التناقضات أولها في مرجعية القيم والتناقض بين قيم العقيدة الاسلامية وبعض قيم حقوق الانسان والتي وقع عليها المغرب : مثال
-في قيم العقيدة الاسلامية :الكفر والجنس وشرب الخمر تعتبر أكبر الكبائر.
-في قيم حقوق الانسان :الكفر والالحاد والجنس وشرب الخمر حرية شخصية.
وكدلك التناقضات الموجودة في محتويات الكتب المدرسية من حيث درجة الاعتماد على تراتبية مراجع القيم بدءا من قيم العقيدة الاسلامية مرورا بقيم الهوية الثقافية والحضارية فقيم المواطنة فقيم حقوح الانسان .
ان المتأمل المقارن لما جاء في الكتب المدرسية الحالية ونضيرتها في سنوات الثمانينات والتسعينات يجد نفسه امام دوامة من المفارقات الشاسعة, فالقديمة خرجت لنا اجيالا رسالية متوازنة جادة ومسؤولة ومحافظة ومواطنة وغيورة اما الثانية الحالية فأنجبت أجيالا تشرمل وتغتصب وتفترس وتضرب الاستاد …الأمر الدي يطرح الكثير من الاسئلة …ما الفرق بين المقررات القديمة والجديدة.. وما الرسائل التي كانت تحملها الكتب والمقررات القديمة ولا تحملها الحالية.
اظف الى دلك ما يروجه بنو علمان من تبرج وعري فاضح وقيم الانحلال والتفسخ والديوثية والتي تتنافى بشكل مطلق مع قيم العقيدة والهوية المغربية والمواطنة …الامر الدي يؤرق ويضعف كل الجهود التي ترمي الى اخراج جيل واعي مسؤول متوازن رسالي مفعم بقيم المواطنة والمحافظة والبساطة والجدية والاحترام والاخلاق والمبادئ …
وان من واجبنا كفاعلين في المجال التربوي ان نعمل بشكل دائم على محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه وتقويم ما يمكن تقويمه من موقعنا والدي لا يسمح لنا الا التعبير عن استيائنا ورغبتنا في التغيير عن طريق الكتابة والتدوين والانتقاد ودلك انطلاقا من معرفتنا على ان العلوم والمعارف لم تولد في الوهلة الاولى قائمة وناجحة الا عندما خضعت للانتقاد والتمحيص والتحليل والتجديد .وانتقادنا هدا ناتج من ارادة قوية في التغيير والتحسين نحو الافضل.

ختاما…

لا بد من التأكيد على ان الاحداث المتسارعة في الساحة العالمية والدراسات والابحاث الانطروبلوجية التي تقام على مستوى الامم تأكد على ان الامة التي ستقود العالم مستقبلا والتي ستكون قادرة علة امتلاك اليات الاستمرار والبقاء والانتاج والترقي والسيادة والقيادة ليست هي الامم التى تعرف انتاجا ماديا ضخما او تقدما علميا مبهرا بل هي الامة القادرة على انتاج القيم فقد سئل أحد العلماء عن مستقبل أمة من الأمم فقال (ضعوا أمامي مناهجها الدراسية أنبئكم بمستقبلها ) . ويقول فيكتور هيكوا ( كل طفل تعلمه هو رجل تكسبه ). وبدون مزايدات فان الامة الوحيدة القادرة على داك بعد افلاس الغرب هي امة الاسلام .هي امة محمد صل الله عليه وسلم. هي امة اقرأ .

أضف تعليقك هنا