متمردة - #قصة

متمردة – #قصة

المرحلة المبكرة في حياة رهف

“رهف” فتاة فى العشرين من عمرها, خجولة للغاية, يشعر أهلها وكأنها ليست فى المنزل, فهى إسم على مسمى فعلآ, حتى وهى طفلة صغيرة, كانت قليلة البكاء, وعندما كانت فى الحضانة, كان جميع معلماتها يحبونها, لأنها فتاة هادئة مهذبة, وتسمع الكلام وتنفذة دون أى إعتراض, حتى إن مديرة الحضانة أخذت تشك بأن رهف تعانى مرضآ نفسيآ ما, مثل التوحد مثلآ, فعندما جاءت والدتها ذات يوم لتأخذها من الحضانة, أرسلت المديرة فى طلبها, وسألتها عن حالة الطفلة فى المنزل, فأكدت أمها أن رهف هادئة بالمنزل أيضآ…………
كبرت رهف سنة بعد سنة, وهى مازلت تتمتع بتلك الشخصية الهادئة الحالمة……

*******************

– هذة الفتاة الهادئة التى هناك, جميع المعلمين يثنون عليها دائمآ, نريد أن نلقنها درسآ حتى تخرج من ثباتها العميق هذا.
– ولماذا هذا الشر يانرمين, إنها لا تتحدث مع أحدآ, وليس لها أصدقاء هنا.
– هذا لإنها فتاة متكبرة, وترى نفسها أفضل منا.
– هل وضعتى خطة إذن للإيقاع بها؟
– إمممممم……….مارأيكن نسرق حقيبتها المدرسية, لنتعرف على مابها؟
– وكيف سنقوم بسرقة حقيبتها, وهى لا تفتأ تتركه من يدها أبدآ؟
– أممممممم ……..وجدتها, عندما تدخل الحمام دائمآ ماتترك حقيبتها على باب الحمام, لأن بها كتاب التربية الدينية, سننتهز تلك الفرصة ونسرق حقيبتها
– وأين سنخبئها يافالحة؟ وهى طبعآ ستبلغ الإدارة
– سنعطى البواب مالآ ليخبئها عنده, ولن يفكرأحدآ أبدآ فى تفتيش حجرتة…….

*******************

نفذ الفتيات مخططهن بالفعل, لكن الغريب أن رهف لم تبلغ الإدارة قط, كأن شيئآ لم يحدث, وذهبت إلى منزلها بلا حقيبة, ولكن فى اليوم التالى جاءت والدتها إلى المدرسة وحققت فى الموضوع, ولم يكتشف الفاعل قط, فإضطرت أن تشترى لها كتبآ أخرى وحقيبة جديدة بأدواتها المدرسية………….

*******************

وعندما كبرت ودخلت فى مرحلة المراهقة, أصر والدها على إرتدائها الحجاب, وقنن خروجها بمفردها, فأصر أن تصحبها والدتها أو أخوها الأصغر معها فى أى مكان تذهب إليه, فساهم هذا أيضآ فى عزلتها ووحدتها والكلمات القليلة التى تخرج منها, حتى عندما تحرش بها أحد الصبية وهى عائدة من مدرستها, فإكتفت فقط بأن بكت بكاءآ غزيرآ, سرعان ماجف عند عتبة منزلها, ودخلت كأن شيئآ لم يكن!!!

في الجامعة

وتجرى السنوات………..وتلتحق رهف بالجامعة, وأصبح لها صديقة واحدة فقط تشابهها فى طباعها, تقضى معها معظم وقتها بالجامعة, وفجأة إرتبطت تلك الصديقة بـأحد زملائهم فى الجامعة, وحينها تغيرت شخصية صديقتها هذه إلى العكس تمامآ, فأصبحت شخصية متفتحة لها أصدقاء كثيرون, وتشترك فى كل أنشطة الجامعة مع هذا الشاب, حاولت رهف مجاراة صديقتها فيما تفعلة, لكنها فشلت فى ذلك, وبعدت عن صديقتها الوحيدة, وزادت وحدتها أكثر فأكثر…………

******************

هشام………ذلك الشاب الذى كان يراقب رهف من بعيد لبعيد, منذ أن إلتحقت بالجامعة, كان يتعجب من هدوئها الشديد ووحدتها الملفتة للنظر تلك, بينما هو يختلف عنها كليآ, فهو شابآ إجتماعيآ جدآ ومرحآ, وتقريبآ صديقآ لمعظم الطلاب فى الجامعة, ومتحدثآ لبقآ, فحينما يتحدث فى أى مكان, تجد حولة العديد من الطلاب يستمعون لة بشغف, ومرحآ للغاية, فقد كان يتناول كل الأمور بسخرية, فتجد الطلاب حولة يضحكون ملىء أفواههم, والشعور بالسعادة يغمرهم, ولكن عيبة الوحيد إنة كان قليل التدين, فقد كان لا يصلى, لكنة لم يفعل شيئآ خطئآ قط, ليس لأن ذلك حرام, ولكن لأن ذلك ضد مبادئه, فهو يضع لنفسة قواعد معينة يسير عليها فى حياته, ولكن فى المطلق الجميع معجب بة ويحبونه………..

تحليل شخصية رهف

نلقى نظرة أكثر قربأ على رهف…………….
رهف تلك الفتاة الرقيقة الهادئة, يعتمل فى عقلها صراعات وأحاديث مطولة والعديد من الأفكار المجنونة, كل ذلك يدور فى عالم عقلها, لا يقدر أبدآ على الخروج للنور, ولكن لماذا؟………لماذا هى كذلك؟!

منذ أن كانت رهف طفلة صغيرة, عندما كانت تجرب أن تقوم بعمل حركة تتسم بالشقاوة مثل أقرانها, كانت تسمع والدها يغضب ويعلو صوتة, لإنة يحب الهدوء فى المنزل بعد عودتة من العمل, بينما أمها قبل مجىء والدها , تجعلها تجلس أمام التليفاز أمام قنوات الأطفال, بينما هى فى المطبخ تطهو الطعام, أو تقرأ, حيث أن أمها مدمنة قراءة, فتجلس لتقرأ ساعات طويلة صامتة, ولا تجد رهف أحدآ تتحدث معة, أو تلعب معة, فأصبحت رهف قليلة الكلام جدآ, وحينما يسألها أحدآ عن شيئآ ترد على مقدار السؤال فقط, حتى عندما تكون جوعانة تفتح الثلاجة للبحث عن شيئآ تـأكلة, وإذا لم تجد, تشرب بعض الماء, ثم تذهب إلى حجرتها, فليست مثل بقية الأطفال, عندما يجوع أحدهم يملأ الدنيا صراخآ, وينادى على أمة بصوتآ جهوريآ “أنا جعاااان ياماماااااا”

فهذة هى أمها……..وهذا هو أبوها……….ورهف هى النتيجة الطبيعية لهما

البدء في تكوين الصداقات وتحوّل شخصية رهف

صديقة رهف “سندس” شعرت بالخجل من نفسها, لإنها إنشغلت بحبيبها”حسام” عن صديقتها رهف, وهى تعلم جيدآ إنة ليس لها صديقات أخريات غيرها, فقررت أن تعود إليها, ليس ذلك فحسب, بل قررت أن تحاول تغييرها, لأن شخصيتها تلك ستجعلها ورقة فى مهب الريح……….
إتصلت برهف وإعتذرت لها عن إنشغالها فى الفترة السابقة بحياتها الجديدة, وإتفقت معها أن تذهب إليها فى البيت لتستأذن والدها أن تأخذها معها إلى النادى, وكانت المفاجأة أن وجدت حسام فى إنتظارهما, وكان بصحبتة بعض زملائهما من الجامعة, ومن بينهما “هشام”!!
هل كانت رهف لا تعرفه؟

رهف كانت تعرف الجميع فى كليتها, ولكن لا يعرفها إلا القليل, وكانت تلاحظ أن هذا الشاب الذى يدعى هشام ينظر لها من حين لأخر!

*****************

– سعيد بالتعرف عليكى ياأنسة رهف
– أهلآ وسهلآ بحضرتك ياأستاذ هشام
– كنت أود أن أتعرف عليكى منذ فترة كبيرة, ولكنك تفضلين العزلة على ماأعتقد
– “تبتسم فى خجل” لا أحد يفضل العزلة, ولكن لا أجيد مهارة التعرف على الأصدقاء
– نعم عندك حق, كل سلوك يفعلة الإنسان هو مهارة يجب تعلمها جيدآ, والأهم من تعلمها, شجاعة تنفيذها, يظهر عليكى إنك شخصية عميقة
– “تضحك بصوت هذة المرة” صدقنى لأول مرة أقول هذة الأفكار, لم أفكر بها قبل ذلك
– لدينا ندوة غدآ فى الساعة الخامسة, فى المركز الثقافى التابع للنادى, هل ممكن أن تحضرى؟ صدقينى…..ستستفيدين كثيرآ
– سأحاول المجىء……أوعدك بذلك

******************

وتكررت مقابلات رهف وهشام, وكانت فى البداية مع الأصدقاء, ثم تطورت بعد ذلك, أن أصبحا يخرجا بمفردهما!
سافر والد رهف وأخيها الأكبر إلى دولة عربية, للعمل بمرتب مجزى هناك, وأصبحت هى وأمها بمفردهما فى المنزل, وعلى العكس من إعتقاد البعض بأن ذلك سيحزنها, بل جعلها هذا سعيدة جدآ, لأن والدها وأخاها هما رمز التسلط من وجهة نظرها, فأتاح لها هذا الفرصة أن تخرج مع هشام وقتما تحب…………

لقد أخرجها هشام من دائرة مغلقة كانت تعيش بها, إلى حياة واسعة, مليئة بالبهجة والسعادة والضحك, وعرفها على الكثير من الأصدقاء, وزادت أيضآ ثقافتها, لأن هشام كان يذهب بها إلى الندوات ويناقشها فى الكتب, ويسألها دائمآ عن رأيها فى الأحداث الجارية, فكان هذا يدفعها إلى المذيد من الإطلاع, حتى تستطيع مجاراتة فى أحاديثة…….

******************

وقامت الثورة, وكان هشام من أوائل المتظاهرين, الذين نزلو اإلى ميدان التحرير, وهنا ظهرت شخصيتة الثورية والمحورية فى جذب الشباب إليه, بهتافاتة وخطاباتة الرنانة التى لا تنتهى, وكان يصطحب معة رهف دائمآ فى كل مكان يذهب إلية, وخصوصآ بعد أن زاد إنشغال أمها عنها بوالدتها المريضة, فكانت رهف تجلس معة فى الخيام فى الميدان مع بقية زملائهما, يخططون معآ الخطوات القادمة, ومرت عليهم لحظات صعبة للغاية هناك, ضرب البنادق والقنابل المسيلة للدموع……….وكثير من الأشياء الصعبة التى لا تقدر عليها بنت رقيقة مثل رهف, وتغيرت رهف شيئآ فشيئآ, وأصبحت هى الأخرى تخطب إلى الفتيات, وتحث صديقاتها فى النادى والجامعة على الذهاب إلى الميدان………..

وإنتهت الثورة………. وإنتهت معها شخصية رهف الرقيقة الوديعة الهادئة……..وولدت شخصية جديدة قوية واثقة من نفسها, لبقة ومثقفة…………..

هى كانت تحلم أن تصبح هكذا, ولكنها كانت تعتقد أن هذا بعيد المنال, لم تكن تعلم, أن تصبح كما تريد بعد هذا الوقت القصير, والفضل كلة يرجع إلى هشام, الذى أحبتة بصدق وآمنت بة, وأصبح محور حياتها…………….

التخرج من الجامعة والعمل

وتخرج هشام من الجامعة, وإشتغل فى عدة وظائف متفرقة, حتى تم تعيينة فى إحدى المصالح الحكومية, وقضت رهف سنوات كليتها سريعآ وتخرجت, وقام والدها بالوساطة لها لتتعين فى إحدى الشركات الأجنبية بمرتبآ كبيرآ, ولكن هذة الوظيفة كانت تطلب فتاة غير محجبة, وترتدى ملابسآ على الموضة, لإنها تتعامل مع الأجانب, والغريب فى الأمر أن رهف وافقت على الفور دون أى تفكير, وكان هشام يشجعها دائمآ أن تكون حرة, وأن تفعل ماتراة هى أفضل بالنسبة لها, وكان يطبق هذا فى علاقتة معها, وأصبحت رهف شخصية أكثر تحررآ بعد إلتحاقها بهذة الوظيفة, وتوسعت دائرة معارفها للغاية, وقلت مقابلاتها مع هشام بسبب ظروف عملها الجديد………..

وتجرى الأيام……….وطبع عمل رهف على شخصيتها, فأصبحت تخرج كثيرآ وتتأخر كثيرآ وتسافر كثيرآ, وطبع عمل هشام على شخصيتة أيضآ, فبعد أن كان حرآ طليقآ من عمل إلى عمل ليس لة مواعيد ثابتة لأى شىء فى حياتة, أصبحت حياتة نمطية ذات مواعيد محددة.

زواج رهف ومشاكله

طلب هشام من رهف أن يتقدم لها, فوافقت على الفور, حتى دون أن تطلب إستشارة والدها أولآ, لكن طلبت منة أن يبقيها على حريتها, ولا يقيدها هذا الزواج, ولا يؤثر على عملها, وأن تؤجل إنجاب الأطفال حتى تعيش حياتها أولآ على حد قولها………
وتمت هذة الزيجة سريعآ………..

ولكن هشام زوجآ مصريآ أصيلآ مثل أى زوج آخر, ينتظر من زوجتة أن تقوم بواجباتها, مثل أى زوجة أخرى, ولكن إكتشف أن رهف لا تجيد أيآ من أعمال المنزل, فلا هى تجيد الطبخ أو الغسيل أو التنظيف ولا أى شيئآ آخر, فإتفق معها أن يساعدها فى كل شىء حتى تتعلم, فإستجابت فى أول الأمر, ولكن سريعآ ماملت من ذلك, وأصبح هو يقوم بكل أعمال المنزل, حتى هى لم تكن تعرف كيف تضع الغسيل على الأحبال فى البلكون, فكان هو يقوم بوضعها, ويرى النظرات اللائمة فى عيون النساء اللائى يقفن ينشرن غسيلهن, وكان يتحمل كل ذلك على أمل أن تتعلم قريبآ وتقوم هى بواجباتها, ولكن تمر الأيام ويزداد إنشغال رهف يومآ بعد يوم, حتى وصلت إلى أن أصبحت تخرج من المنزل دون إذنة, وتعود فى ساعة متأخرة من الليل, وتتحدث ليلآ إلى أصدقائها الرجال, مع إنة مؤمن تمامآ بحرية المرأة, إلى أن الأمر كذلك زاد عن حدة كثيرآ جدآ, وقرر أن يضع حدآ لكل ذلك الذى يحدث, فدخل عليها ذات ليلة, كانت تتحدث فى هاتفها الخلوى مع أحد زملائها, وتضحك بصوتآ عاليآ…….

– من فضلك إغلقى الخط حالآ, لأنى أريد أن أتحدث معكى فى أمر هام
– ألا ترى إننى أتحدث فى الهاتف؟ إنتظر قليلآ حتى أفرغ
وقام بإنتظارها بالفعل أكثر من نصف ساعة, حتى ضاق ذرعآ, وإستبد بة الغضب, ودخل عليها مرة ثانية ومسك هاتفها وألقاة فى الأرض فتحول إلى جزئين, فغضبت كثيرآ ونظرت لة بإستنكار شديد
– كيف تجرؤ أن تفعل هذا أيها الهمجى؟
– كل هذا الذى تفعلينة وتستنكرى سلوكى!
– مالذى أفعلة؟ أتحدث إلى زميلى فى العمل بكل إحترام
– نعم؟! بكل إحترام؟! رنة ضحكتك تسمع الجيران وتقولى أتحدث بكل إحترام؟!

أنت أصبحت لا تمتين إلى الإحترام بأى صلة, ولكن هل أقول لك شيئآ………أنا السبب فى كل ذلك, أعطيتك حرية لا مثيل لها, ولكن الذى لم تفهمية أن الحرية تكون حرية مسئولة, وأنت من بداية زواجنا لا تتحملين أى مسئولية, أنا من يقوم بالطبخ والتنظيف والغسيل وشراء إحتياجات المنزل, هل تجدى أى بيتآ مصريآ يقوم فية الزوج بكل شؤون المنزل, بينما الزوجة تتأخر لساعة متأخرة من الليل, وتدخل وتخرج كيفما تشاء, وترتدى كيفما تحب, ولكنك تماديتى كثيرآ جدآ عن حدك, وأصبحت اللامبالاة هو عنوان سلوكك فى كل أمور حياتك , حقآ لقد ضقت ذرعآ بك, ولم أعد أطيق الحياة معك

– لست أنت هشام الشخص الذى أحببتة حقآ, لقد تغيرت كثيرآ, نحن لم نتفق أن أكون خادمة لهذا المنزل
– لقد إتفقنا أن نساعد بعضنا فى كل مايتعلق بالمنزل, لكن فى واقع الأمر أنا من يقوم بكل شىء
– لإنى أعمل كثيرآ, ووقتى لا يسمح لى بالعمل فى المنزل أيضآ, ولكنك تعمل عملآ حكوميآ, وتنتهى منة فى ساعة مبكرة من النهار, ليس هذا ذنبى إنى أعمل أكثر منك كثيرآ, ولا تنسى إنى أساهم أكثر منك فى مصاريف المنزل
– إلى هذة النقطة ينتهى حديثنا, لن أستطع أن أكمل حياتى معك بهذا الشكل, لابد أن نجد أرضية مشتركة نستطيع أن نقف عليها أنا وأنت, أو تنتهى حياتنا عند هذا الحد……..تصبحى على خير……….

*************

دخل هشام إلى حجرة نومة, وترك رهف بمفردها وهى فى حالة شديدة من الغضب, هى تعتقد إنها على صواب, وأن عمرها أقصر من أن تضيعة فى شئون المنزل العقيمة هذه, ولكن هى فى قرارة نفسها تشعر بعدم الراحة, لا تعرف لماذا, وألقت نظرة على ماحولها فى المنزل…….بالفعل…….هذا المنزل يحتاج إلى نظافة, من يدخلة يقول فورآ لا يوجد أنثى بهذا المنزل, وتساءلت فى قرارة نفسها, لم الجميع يربط نظافة المنزل بالمرأة التى بة فقط؟!

فالمرأة فى جميع أنحاء العالم, كتب عليها كل مايتعلق بالمنزل والأولاد, حتى أوشك أن يكون واجب دينى كالصلاة!!
أخذت تفكر قليلآ…..ثم دخلت الحجرة إلى هشام, فوجدتة فور رؤيتها, سحب الغطاء على وجة, كأنة لا يريد أن يراها, فجلست بجانبة بدلال وأزاحت الغطاء عن وجهة, وطبعت قبلة حانية على وجهة قائلة”غدآ عندما تعود إلى المنزل, ستجدة لامعآ من النظافة, وسأحولة إلى جنة ياحبيبى…….
وكأن هشام كان ينتظر هذا الكلام بفارغ الصبر, تحول إليها على الفور, وقال لها والبهجة تملأ وجهة “حقآ ياحبيبتى؟”
– غدآ قريب ……….سترى بنفسك

**************

وفى العمل, أخذ هشام ينظر إلى الساعة المعلقة أمامة, يسترجى عقاربها أن تجرى سريعآ, حتى يعود إلى منزلة, ليراة بنظرة أخرى كما وعدتة زوجتة أمس, وعندما جاء موعد الإنصراف, أخذ يجرى إلى سيارتة, وقاد سريعآ حتى وصل إلى منزلة, وهو يقول لنفسة….أتمنى أن أجد رهف قد إنتهت من أعمالها المنزلية من التنظيف والطهى, حتى نقضى معآ وقتآ رومانسيآ جميلآ, وحتى وإن لم تكن إنتهت بعد…..فإن مظهرها وهى تنظف وتطهو, يبعث على الفرحة والبهجة بالنسبة لة, فإنة منذ بداية زواجهما, قلما جدآ جدآ مايجدها تمارس أى عمل من الأعمال المنزلية…………..

**************

دلف إلى منزلة وقد قابلتة رائحة شهية, تخرج من المطبخ, وصوت غسيل الصحون, ولكنة إندهش عندما سمع صوت المكنسة من حجرة الجلوس, فقال لنفسة…….من تكون مع رهف الآن تساعدها فى أعمال المنزل, أتكون أمها؟….لا أعرف حقآ……….
– رهف……..حبيبتى……….أين أنتى ياعمرى؟
فوجىء بسيدة يراها لأول مرة تخرج من المطبخ, وتقول لة:
– الست ليست بالمنزل يابية, إنها فى العمل, وقد إتفقت معى منذ الصباح الباكر, أن أجىء مع إبنتى هنا, لتنظيف المنزل, وطبخ طعامآ يكفى أسبوعآ كاملآ يابية, حضرتك تأمر بخدمة؟……..أقوم بعمل مشروبآ لحضرتك قبل الغداء؟
كان هشام مذهولآ بما يرى ويسمع!
أتلك كانت المفاجأة التى تنتظرة؟
مامعنى إنة متزوج إذن وسيدات غريبة تجوب فى المنزل جيئة وذهابآ فى غياب المدام!
المدام؟؟
أين هى هذة المدام؟؟
فقام على الفور بالإتصال عليها, فلم ترد علية, فإتصل مرة أخرى, فإذا هى تغلق علية الخط!
فزاد غضبة وخرج من المنزل وأغلق الباب ورائة بعنف, وأغلق هاتفة تمامآ وهو يقل درجات سلم العمارة نزولآ, وإستقل سيارتة الصغيرة يمشى فى الشوارع على غير هدى, ثم إتصل على هانى صديقة وطلب منة أن يطلب لة من المدير أسبوعآ أجازة إعتيادية لإنة مريضآ, ثم أغلق الخط, قبل أن يبدأ هانى فى سرد أسئلتة, فهو ليس لدية طاقة للكلام أو المناقشة, أخذ هشام يفكر, إلى أين سيذهب؟
هو يريد أن يسافر إلى مكان لا يعرفة أحدآ فية, فتذكر أن معة مفتاح شقة خالتة فى العجمى بالأسكندرية, والوقت شتاءآ…..أى تقريبآ ليس هناك أحدآ من السكان يزعجة هناك, فغير إتجاة السيارة إلى طريقة فى الأسكندرية…………

*************

إتصلت رهف على هشام عدة مرات لتجد أن هاتفة مغلقآ, فطلبت هانى صديقة, ليقول لها إنة طلب أسبوعآ أجازة, فإتصلت بوالدتة لتقول لها, إنة لم يهاتفها منذ يومين, فغضبت رهف جدآ, لإنها ترى إنها قامت بعمل مافى وسعها حتى يكون سعيدآ, هو يريد أن يجد المنزل نظيفآ وطعامآ منزليآ, فقامت بعمل ماأرادة, ماذا سيستفيدة هو إذا قامت هى أو غيرها بتلك الأعمال التى تضيع عمر المرأة……….هى من ستدفع أجر من يقوم بهذا العمل العقيم بدلآ منها, لماذا إذن يريدها أن تقوم بمثل هذا العمل الشاق لوحدها؟

هل يحبها هكذا وهو يراها تتعب فى عمل لا طائل منة, وممكن أن يقوم بة غيرها, والنتيجة واحدة!
حقآ لا تفهم منطق هذا الرجل, ثم أخذت تفكر برهة, ثم قالت لنفسها: العمر لحظة, لن أضيع لحظات عمرى فى التفكير والحزن والغضب, فدخلت المطبخ لتقابلها رائحة الطعام الذكية, فصنعت لنفسها طبقآ مشكلآ من معظم أصناف الطعام, وقامت بتشغيل التليفاز على مسرحية كوميدية وهى تأكل, ثم أكلت بعض الحلوى, وذهبت لتنام, ولكن قبل أن تنام, إتصلت بأصدقائها تتفق معهم على أن يسهروا ليلآ على مقهى فى وسط البلد, ونامت نومآ عقيمآ هادئآ!!!!

******************

– أخيرآ فتحت هاتفك ياهشام؟
– هانى؟ أهلآ بك ياصديقى, من فضلك لا تسألنى أى أسئلة, أنا بخير والحمد لله
– الحمد لله ياأخى, هل أنت فى وسط البلد؟
– وسط البلد؟ ولماذا يفترض أن أكون فى وسط البلد ونحن فى منتصف الليل هكذا؟
– لأننى أرى رهف تجلس على منضدة فى المقهى الذى أسهر فية مع أصدقائى, وبصحبتها ثلاثة شباب وفتاة, فمن الطبيعى أن أتوقع إنك معها, ولكن إفترضت أن تكون فى الحمام مثلآ……
– إغلق الخط الآن ياهانى, سأتصل بك لاحقآ
فقام على الفور بالإتصال بوالدة رهف, وأخبرها أن إبنتها المصونة تجلس مع رجال على مقهى فى وسط البلد فى هذة الساعة المتأخرة من الليل!
فلم تجد الأم ماترد بة علية, وقالت لة أن رهف لم تتصل بها اليوم أصلآ, ولا تعلم شيئآ عن مايتحدث عنة, فأغلق معها الخط وإتصل بزوجتة……..
– أخيرآ فتحت هاتفك؟(بنبرة سخرية)
– أنتى إنسانة غير محترمة, وأندم فى كل لحظة على حبى لك وزواجى منك
– هل لحق صديقك هكذا فى الإتصال بك؟
– أنتى ماتزالى على زمتى, وكل تصرفاتك ماتزال محسوبة على
– أنا لا أفعل شيئآ خاطئآ, أنا أجلس مع أصدقائى فى مكان عام أمام كل الناس, ولم أذهب معهم مثلآ إلى مكان مغلق حتى تنهرنى هكذا!
فأغلق الخط فى وجهها وهو يغلى غضبآ………..
– أين أنت يابنى؟…….أنت لم تحدثنى منذ ثلاثة أيام
– أسف ياأمى
– زوجتك فى المستشفى منذ الصباح, وإتصلنا عليك كثيرآ وأنت هاتفك مغلقآ
– (فقام من مكانة على الفور) لماذا ياأمى؟ ماذا بها؟
– ربنا يعوضك يابنى, كانت حاملآ وفقدت الجنين
……لم يدر ماذا يفعل, فركب سيارتة على الفور, فى طريقة إلى القاهرة
وعندما وصل إلى المستشفى, وجدها فى حالة إعياء شديد, ولكنها مبتسمة

**************

– كيف حالك الآن يارهف؟
– يبدو عليك عدم القلق على تمامآ, عمومآ….أنا بخير الآن إطمئن
– لماذا لم تخبرينى إنك كنت حاملآ؟
– (تلعثمت فى الرد ثم أجابت): لم أكن أعرف بحملى هذا, ولكن يبدو أن كثرة العمل والحركة الزائدة تسببت فى ذلك
– العمل……العمل……..العمل
عملك هذا هو ماأسقط جنيننا, أشعر بالفعل إننى تزوجت إمرأة أخرى, لقد أصبحت إنسانة أنانية جدآ, تحبى نفسك فقط!
وهنا دخل الطبيب, وأخبرة إنة يمكنة أن يصطحبها الآن إلى المنزل…………
– إرتدى ملابسك الآن حتى نذهب إلى المنزل
فحاولت الوقوف فلم تستطع, فوقعت على الفور, أسرع إليها هشام فساعدها على النهوض, وقام بمعاونتها على إرتداء ملابسها, وحملها على يدة حتى السيارة, ثم حملها إلى المنزل, وتركها مع والدتها وخرج………
أخذ يتمشى فى الشارع وعقلة سارحآ فى الأفكار…………

شعورأ غريبآ جدآ أن تشعر إنك ستكون أبآ بعد عدة أشهر, دون أن ترتب أو تخطط لذلك, هو كان قد إتفق بالفعل مع رهف على عدم الإنجاب, فلماذا يشعر هو بكل هذا الحزن الدفين!
هل إنة يفتقد حقآ الشعور بأن يكون أبآ لأحد؟
لا يفهم نفسة حقآ………..

رجع متأخرآ إلى منزلة, ليجد رهف فى حجرتهما فى سبات عميق من الإرهاق والتعب, ووالدتها تنام فى حجرة النوم الأخرى التى من المفترض إنها حجرة أطفال, وكان هو ينام بتلك الحجرة منذ فترة, لكثرة مشاجراتة مع رهف………..
دخل إلى حجرتة على أطراف أصابعة, ليحضر لة منامة من الخزانة, وقد عزم على أن ينام على الأريكة فى حجرة الجلوس, ولكنة لم يجد ملابس مرتبة لة, وصعب علية أن يجد طقمآ كاملآ يرتدية, فأغلق باب الخزانة وهو يتأسف على حالة, وفتح الخزانة الأخرى التى قلما يفتحاها التى بها الفرش الإضافى ليفرشها على الأريكة……….
وأنزل مخدة وغطاءآ, وأراد غطاءآ إضافيآ لبرودة الجو, ولكن كان ذلك كلة غير مرتبآ, فوقع كل مابالخزانة على الأرض, فأخذ ماأراد وخرج, وإرتدى المنامة ونام ……….

ولكن كان هناك شيئآ يصدر صوتآ من الوسادة كلما ضغط عليها, فأضاء الأنوار ليرى ماهو هذا الشىء, فإذا هو شريطآ علاجيآ لا يدرى مالذى أتى بة فى دولاب الملابس, وليس مكتوبآ علية سوى إسمة والمادة الفعالة بة فقط, فوضعة جانبآ عازمآ على أن يسأل صديقة بالصيدلية أسفل العمارة وهو فى طريقة إلى العمل غدآ………..

****************

– ماذا تقول؟
– أقول لك إنة برشام للإجهاض, من أين أتيت بة ياهشام؟
– لم يدرى هشام مايقولة حقآ, فقد كان فى حالة من الغضب أمسكت زمام لسانة, فخرج وهو فى حالة هياج شديد, وقد عزم على أن يعاقب رهف العقاب الذى تستحقة أم مثلها تقتل جنينها!!!!!!!!!!!

**************

لم يستطع هشام أن يذهب إلى عملة يومها, ووقف أمام البناية التى يسكنها, لا يعرف ماذا يفعل, رهف لم تعد تصلح زوجة لة, أم تقتل جنينها تستطع أن تفعل أى شيئآ سيئآ آخر, حتى تحقق طموحاتها التى لا تنتهى, المهم, ماذا يفعل الآن؟
لم يعد يجدى معها الغضب والصراخ وكل هذة المهاترات, الإنسان يغضب ويثور على إنسانآ آخر, لإنة يحبة ويريدة فى أفضل صورة, لكنة بعد مافعلتة رهف هذا لم يعد يبقى عليها, إذن هو الطلاق…………

***************

– هل ستطلقنى وأنا فى هذة الحالة من الإعياء؟
– أنتى سبب إعياءك هذا
– كيف؟
– أنتى تعلمى كيف…….لا داعى للتوضيح
– لو سمحت قل قلى ماسر نظرة الإتهام التى فى عينيك هذة؟
– بكل هدوء أقول لكى, لقد وجدت بالصدفة شريط برشام الإجهاض فى خزانة الفراش الزائد
– لم تدرى ماذا تقول, فأطرقت رأسها إلى الأرض
– صدقينى …….الطلاق هو الحل, خذى كل الأثاث الذى تريدينة, ومؤخر الصداق سأعطية لك على دفعات من راتبى…………..

رهف وحيدة متمردة

بعد شهور قليلة, إكتشف هشام أن زميلتة فى العمل تحبة منذ زمن, لكنة لم يكن يبالى بها, الآن تزوجها فى غضون شهر………..وهى الآن حاملآ, ويعيش هشام أسعد أيام حياته……….

أما رهف فهى تعيش فى شقة بمفردها, وتعمل وتسافر وتسهر ليلآ, وقد قررت إنها لن تتزوج أبدآ, لإنة تريد أن تعيش لنفسها فقط, تستمتع بوقتها إلى أقصى حد, وقتها كلة لها, لا مثل جميع الزوجات اللائى يضيع أعمارهن فى الأعمال المنزلية وتربية الأبناء, ولا يجدن وقتآ لأنفسهن قط, أما أمها التى تقول لها ماذا لو كبرتى وأردتى من يساعدك ويسأل عليكى, فهى ترد عليها دائمآ وتقول لها إنها ستؤجر خادمه تعيش معها وتقوم بكل أعمال المنزل, حتى تتفرغ لنفسها فقط, ماذا يفعل الأبناء لأمهم ؟

تظل الأم تربى الطفل وتعطى وقتها كلة له, ثم يكبر ويتزوج ويصبح همه كله زوجته وأولاده, ولو فتاة فإن زوجها يتحكم فى الوقت الذى ستزور أمها فيه, وتستأذن منه حتى ترى إبنتها!
أما الزوج فإن الزوجة تضيع عمرها فى خدمته, ثم تكبر وتشيخ, فيبدأ إلى النظر إلى الفتيات الصغيرات, بل إنة من الممكن أن يتزوج عليها فتاة صغيرة, حتى يشعر برجولته وإنه لم يكبر بعد, أي أن الزوج والأولاد لا يقدرون عمر المرأة الذى يضيع من أجلهم……..

لا ……..لن تعيش هذة الحياة التعيسة أبدآ………

أصدقائى يطلقون علي الآن لفظ “متمردة”! هل لأنى أريد أن أعيش حياتى كما يحلو لى ومن أجل نفسى فقط ولا أتبع كل مافعلته الأخريات, أصبح متمردة؟

ليكن………إذن أنا متمردة…………….

تمت

أضف تعليقك هنا