أكاذيب تاريخية 2 – هارون الرشيد

الجدل حول شخصية هارون الرشيد

هارون الرشيد من أكثر الشخصيات فى التاريخ الإسلامي إثارة للجدل. فالمؤرخون اختلفوا حوله، وانقسموا لفريقين الفريق الأول صاحب رأي: هارون الرشيد الإمام  العادل التقي الملتزم الذى كان يحج عاما، ويجاهد عاما. أما الفريق الآخر فكان يتحدث عن هارون الرشيد الخليفة العباسي الذي وصل عدد الجواري فى قصره لـ 1000 جارية وانتشر في قصره الخمر والغناء. ولكل رأي مؤيده المتشدد لرأيه دون النظرة الحيادية لحياة هارون الرشيد.

فالخليفة هارون الرشيد كان يجمع بين الحالين السابقين، فهو كان أعلى منصب ديني وسياسي في ذلك الوقت فهو خليفة المسلمين، وهو في كل الأحوال سيطبق الشرع، ويجاهد سواء رضي أو لم يرض. فشرعية حكمه مستمدة من أنه ولي أمر المسلمين. كما أن الرشيد إنسان وجد نفسه في أفضل الأزمنة للخلافة، فالمال كثير والدولة تتسع، ومع اتساع رقعة الدولة تزداد ملكات اليمين والسبايا من كل الأقطار.

وصف المؤرخين للخليفة هارون الرشيد

لذا نجد أن المؤرخ الكبير ابن خلدون يذكر: “ما يُحكى من معاقرة الرشيد الخمر، واقتران سكره بالندمان؛ فحاشا لله، ما علمنا عليه من سوء، وأن هذا حال الرشيد، وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء، ومحاورته الفضيل بن عياض وابن السماك، ومكاتبته سفيان الثوري، وبكاءه من مواعظهم ودعاءه بمكة في طوافه وعبادته وتنفله”.

وذكر الخطيب البغدادي في كتاب “تاريخ بغداد”: “وحكى بعض أصحابه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، إلا أن يعرض له علة، وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج أَحَجّ معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا ل  يحج أحج في كل  نة ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة”.

فى حين يرى الدكتور خالد كبير: “إن قوله بأن الرشيد و أجداده كانوا يتجنبون المذمومات في دينهم ودنياهم ،والتخلق بالمحامد وأوصاف الكمال، هو قول ليس صحيحا على إطلاقه، فقد يصدق على بعض سلوكياتهم، أما عامتها  فلا يصدق عليها بحال، والشواهد على ذلك كثيرة، منها أنهم من أجل الملك قتلوا بحق وبغير حق، وسفكوا الدماء، وهتكوا الأعراض، ونقضوا العهود، وارتكبوا مجازر رهيبة، قُتل فيها خلق كثير لا يُحصيهم إلا الله تعالى.

الرشيد ليس قديسا زاهدا، وليس رجلا سكيرا 

ومعروف عنهم – على ما يُروى – أنهم أعطوا الأمان للأمويين بالعهود والمواثيق، ثم لما جمعوهم نقضوها وقتلوهم شر قتلة”، وبالتالي فهارون الرشيد هو ليس القديس الزاهد، وليس الرجل السكير الفاجر بل هو إنسان وسط جمع بين الصلاة وتطبيق ما يفهم من الدين وملذات الحياة ونعيمها وكل ما أمكنه من متع.

ويكفي ما أجمع عليه المؤرخون من مظاهر حفل زواج هارون الرشيد من زوجته الأولى زبيدة حيث وهب الخليفة المهدي للناس أواني الذهب المملوءة بالفضة وأواني الفضة المملوءة بالذهب والمسك والعنبر، وبلغت تكاليف هذا الزواج 388.000 دينارا، وقيل أن السيدة زبيدة ذكرت أن تكاليف زواجها من الرشيد كانت مئتين وخمسة وثلاثين مليون درهم أو سبعة وثلاثين مليون درهم.

فيديو مقال أكاذيب تاريخية 2 – هارون الرشيد

أضف تعليقك هنا

محمد مصطفى عبد المنعم

محمد مصطفى عبد المنعم