رمضان .. جوهر الحكمة !

رمضان .. جوهر الحكمة !

رمضان كريم .. أعاده الله علينا و عليكم باليمن و البركات .. زينة و أنوار مبهجة تكسو الشوارع و المآذن .. أطفال تحمل فوانيس بأشكال متنوعة .. مطاعم على أهبة الاستعداد .. موائد رحمن يتم نصبها لاستقبال الصائمين .. مصانع حلويات تبتكر أنواع جديدة من القطايف و الكنافة .. تلك هي الطقوس التي اعتدنا عليها في الشهر الكريم .. ألفناها منذ الصغر و أصبحت عادات تلازمنا و مصابيح تتوهج في أذهاننا بمجرد إدراكنا لاقتراب الشهر المبارك .. لكن هل هذا هو الغرض من شهر الصوم !

هل الموائد و الزينة و الفوانيس هي الصورة التي رسمناها للشهر دون غيرها .. لم يخطر على أذهاننا أو تلمع في خواطرنا علامات استفهام و تعجب تلحق بسؤال عن الحكمة من الصوم !

تحمل مشقة صوم نهار رمضان

جلد الذات و تحمل المشقة ؛ مشقة المعدة الخاوية و الحلق الجاف طوال ساعات العمل و الحر المنهكة .. مشقة الصبر و التحمل على رؤية ما لذ و طاب من الطعام الدسم و الإعراض عن الماء البارد الذي يعيد الحياة لتلك الأراضي الجافة .. و نزال لا نعي سبب خضوعنا لذلك الإنهاك و الاستسلام لتلك الطقوس التي لم يخطر ببالنا يوماً عن التدبر فيها .. البحث عن المعنى الباطن فيما وراء السطور .. أن نشعر بالفقراء و المساكين لنعطف عليهم عندما نراهم مستحضرين صورة الجوع الذي اعتصرنا يوماً في نهار رمضان ليست عنوان الشهر الرئيسي إنما يمكن اعتباره بند و سبب من الأسباب المتعددة .. ما كان فرض الإله علينا بالخضوع لهذه الطقوس إلا لنعتبر من الوجود و نتفكر في أمرنا على الأرض بشكل عام و مطلق.

عيوب وجودها مقصود في جسد الإنسان

انشغلنا طوال العام بسد أفواهنا و إشباع غرائزنا ليل نهار .. انغمسنا بأرواحنا المنيرة في طين الجسد الأجوف الملئ بالثغرات .. الجوع و العطش و الرغبة الجنسية ما هي إلا ثغرات و عيوب وجودها مقصود و متعمد في الجسد .. ذلك هو عين الاختبار !

اختبار للروح النابعة من روح الله .. عندما تلتصق بالجسد المعيب و تلازمه لفترة .. كيف سيكون رد فعل تلك الروح ؟ هل تلهث في سعيها لسد ثغرات الجسد و تسقط في فخ الدنيا أم أنها تصبر و تثبت .. هل ستقاوم ما تحب و تتحمل ما تكره أم سيخفت نورها الساطع في ظلمة الجسد حتى تبتلعها؟

رمضان أسلوب حياة

لذلك وضع الله بين شهور السنة شهراً واحداً لنسير على صراط الروح .. نتجنب فيه زينة الدنيا و نكمم فيه أفواه الجسد الصارخة لعلنا نتذكر ما فاتنا .. لعلنا نستفيق على حقيقة أن رمضان ليس مجرد شهر عابر نربط فيه على بطوننا و نتحمل كارهين إلى أن ينتهي في سلام .. إنما رمضان أسلوب حياة و قاعدة راسخة لمن يريد أن يعلو بذاته إلى المعرفة الخالصة بالله .. لمن يبتغي الحصول على جوهر الحكمة المكنونة في ثنايا الفروض المنزلة من الإله الحكيم.

كيد الشيطان في رمضان

ذلك الشهر المبارك الذي تتكبل فيه الشياطين و المردة إجباراً و هذا يرجع لإرادة الله اللطيف في التسهيل على عباده و تهيئة المناخ المناسب للتغيير و انتزاع الحكمة من الشهر في غياب وساوس الشيطان و سمومه التي يبثها في نفوسنا .. إنه فقط أنت و نفسك هي العقبة الوحيدة التي ستواجهها في هذا الاختبار القصير .. إن نجحت في اجتيازه فأنت بذلك قادر على اجتياز نيران المردة و الأبالسة طوال العام .. من ينجح في التغلب على نفسه المعقودة في جسده يضمن له الله رد كيد الشيطان .. ” إن كيد الشيطان كان ضعيفاً “

أضف تعليقك هنا