ليت أمي اخبرتني

ليت أمي اخبرتني

براءة الأطفال

لم أكن ارى العالم سوى عملة لها وجهان أحدهما ملكا والثاني كتابة، خير وشر، حلو ومرً وماعدا ذلك لم أكن ارى،

لم أكن احفظ من الالوان سوى لونان، أسود وأبيض، الاسود يشير للبشاعة والابيض للنقاء وحينما تقدم بي الفكر عرفت أن الاحمر لون الدم والأصفر لون النار وماعدا ذلك من الالوان لم أكن افهم.

لم أكن اشعر تجاه البشر سوى بحب وكره، حب وتعلق بالأنقياء وكره ونفور من الاشرار وماعدا ذلك لم أكن اشعر،

لم أكن ادرك من معاني الاخرة إلا الجنة والنار، الجنة للأتقياء والنار للمشركين وماعدا ذلك لم أكن ادرك.

لم يخبرني ابي أن الحياة اصناف كثيرة وليس ذاك الصنفان السابقان فحسب، ولم تخبرني أمي أن مشتقات الالوان مئات وكل لون منهم على لون اخر يعطيك لون ثالث ليس بالأول ولا الثاني.

عندها إكتشفت الحياة الحقيقية

طفل برئ لا يرى الا اثنان ولا يفهم غيرهما، ظلت السذاجة تمتلكه حتى اصطدم رأسه بصخرة كبيرة جعلته يرى الامور على حقيقتها ف بين كل اثنين ادركهما ثالث وربما رابع وخامس و…. عدد لاحصر له من الوجوه وكل وجه يتقلب يمينا ويسارا بألف وجه اخر، ولكني أتعجب فلم لم يخبرني ابي ولما لم تخبرني أمي أن الحياة ليست سذاجتي النمطية وإنما صراعات لم أكن اتوقعها فحتى لو حاولت أن اتخيلها فلن يطول خيالي حقيقتها أو يدرك نهايتها.

فضلك يا أمي

اعطيتيني يا أمي الامان والحنان من منبع لا ينضب وحينما كبرت تركتيني  حتى ارتميت في أحضان الدنيا التي ليس لها أمان، حينما كنتي تضميني يا أمي كنت أشعر أن العالم ملكي واني مركز الكون لأني مركز اهتمامك، وحينما كبرت وجدت الكون كله يسير من دوني فظننت أنه يسير بلا مركز فاسرعت بلهفه كي أُعيد المركز في مكانه حيث أُعيد نفسي موضعا للاهتمام، فصدمتني تلك الصخرة صارخة في وجهي بأن ليس للكون مركزا سواه.

حنان الأم

سهرتي الليالي يا أمي تحاولي جاهدة أن تقصي لي القصص كي انعم بنوما هانئا، فكانت قصصك وحكاياتك كإنشودة السلام في أذني لم اكن اعرف بعدها ان للكره وجود، لما لم تخبريني يا أمي أنها اساطير في دنيا الخيال حدوثها في عالم البشر محال،

كنتي تُقبليني كل ليلة وكأن قبلتك هي أكسير الحياة، فلما لم تخبريني ان الدنيا ليست مثلك يا أمي فهي لا تعرف سوى الصفعات، حينما كنت اسرع للنوم واغوص فيه كنت اشعر بكي تأتي على مهل كي تطمئني ان الغطاء يكسوني جيدا وان النافذة مغلقة حتى لا يسطوني برد الشتاء، لم تخبريني يا أمي ان شتاء الدنيا قارس لا يُجدي معه غطاءك.

عندما كبرت

كبرت وتغيرت يا امي كل حياتي ولكن الخوف لم يتركني يوما.

مازلت طفلا ضعيفا ارغب في أن ارتمي في احضانك قبل كل مساء.

مازالت أخشى أن يكون الليل اخر ليالينا، فادخل غرفتك خلسة اتفقد انفاسك الهادئة كي اطمئن انكي معي يا حبيبتي.

لما لم تُعلميني يا امي ان اعيش يوما من دونك؟

لما لم تخبريني ان الحياة اقوى منكي وانكي مثلي ضعيفة؟

عذرا يا أمي يا حبيبتي لا أقصد أن القي عليكي اللوم ولكن كان عساكي أن تخبريني،

ليتك يا أمي اخبرتيني ان الدنيا ليست عادلة، ليتك يا حبيبتي اخبرتيني ان السلام الذي يملؤ قلبي لن يجدي في دنيانا.

ليتك اخبرتيني يا أمي أني لست مركزا للعالم.

أضف تعليقك هنا

إيمان النفيلي

إيمان النفيلي
كاتبة حرة، باحثة في مجال اقتصاديات السعادة ومدربة بالنقابة العامة لمدربي التنمية البشرية.