مملكة إسرائيل؛ وهمٌ يختلق تاريخ.

نظرة المؤرخين الغربيين  إلى الديانة الموسوية التوحيدية

برغم تأثر الغرب الكبير بالتراث الفلسفي -الهيليني- القديم، إلا أن جانب كبير من المؤرخين الغربيين ينظرون إلى الديانة الموسوية التوحيدية على أنها منبع الحضارة الغربية في مقابل الديانات المحلية التي كانت سائدة في كنعان- فلسطين القديمة – والتي يُنظر إليها باعتبارها ديانات لا أخلاقية وفاسدة، ومن هنا نشأت فكرة البحث عن إسرائيل القديمة باعتبارها منشأ الحضارة الغربية.

ولأن تلك الفكرة متأصلة في الوعي والوجدان الغربي على جميع المستويات؛ حيث الشخص العادي الذي ينشأ وهو يرتل منذ صغره التراتيل الدينية حول إسرائيل القديمة وبيت لحم والناصرة، وبالتالي يصعب إستئصال مثل هذه الأفكار من الضمير الغربي.

كان من إفرازاتها مائة عام من الحملات والاستعمار والقتل والسلب والنهب باسم الصليب في العصور الوسطي، وما يزيد عن النصف قرن باسم إسرائيل منذ منتصف القرن العشرين وحتي اللحظة.

*وعد بلفور لم يكن البداية

في عام ١٨٦٥م أي بعد حوالي ٢٥ عاما من افتتاح أول قنصلية بريطانية في القدس وبدء التغلغل الأوروبي في فلسطين والدولة العثمانية عموماً تم إنشاء ” صندوق اكتشاف فلسطين “، وكان أول رئيس له هو أسقف “يورك”، وكان غرض هذا الصندوق هو البحث في آثار جغرافيّة فلسطينة وفي تاريخ فلسطين الطبيعي لإثبات التراث الإنجيلي بطرق علمية، وكذلك التعرف على الأماكن لمحاولة الوصول إلى برهان علمي على المعتقدات الدينية.

أعمال صندوق المسح الجغرافي لفلسطين

وكان أول أعمال هذا الصندوق هو المسح الجغرافي لفلسطين الذي جاء على شكل ٢٦ خريطة مفصلة تفصيلاً دقيقاً، وتصنيف الأماكن إلى ٤٦ تصنيفا مثل: مدينة – قرية – خربة – بير – مزار – تل – نبع – قلعة – نهر… الخ.

وصدرت مع الخرائط ١٠ مجلدات تشمل الجيولوجيا والنبات والحيوان والطيور والمياه والآثار والطوبوغرافيا وملاحظات عن المعنى التاريخي لقرى فلسطين. كما قام فريق المساحين بمسح. (٦٠٠٠ ميل مربع) من فلسطين واستمر العمل من سنة ١٨٧١م إلى ١٨٧٥م وانتهى بنشر اﻟﻤﺠلدات والخرائط في عام ١٨٨٨م.

*لعبة التاريخ؛ المركز والمحيط

ما يحاول الباحثون التوراتيون والغربيون فعله هو جعل التوراة  المصدر الوحيد لتاريخ المنطقة وما دونه مجرد خلفية لذلك التاريخ المذكور في التوراة. ومن جانب آخر إسناد معرفة وتفسير السياق التاريخي للمكتشفات الأركيولوچية في تلك المنطقة للكتاب المقدس فقط.

فعلى سبيل المثال فإن الاعتقاد الثابت من جانب المؤرخين الغربيين بأن رسم الخرائط وأعمال المسح الميدانية وإطلاق أسماء توراتية عبرية – كما يزعمون – على الأرض قد يعطي الحق في ملكيتها؛ تماماً كما نرى اليوم بجلاء كيف أن الإسرائيليين يحاولون إعطاء شرعية لاحتلالهم قرى ومدناً فلسطينية، وذلك عن طريق تغيير أسمائها العربية وإعطائها أسماء توراتية بدلا منها لمحاولة إثبات أن لهم حقا تاريخيا بها.

كيفية هدم الادعاءات الصهيونية

لكن الملاحظة الأهم والكفيلة بهدم تلك الادعاءات هي أن اللغة العبرية ذاتها لغة من الفصيلة ” السامية ” التي تنتمي إليها العربية والفينيقية والآشورية والآرامية وغيرها. واللغات السامية هي جملة اللغات التي كانت شائعة منذ أزمان بعيدة في آسيا وأفريقيا وما تفرع منها.

وتنقسم تلك الفصيلة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: الشرقي (الأكدي أو البابلي والآشوري) والغربي (الكنعاني والآرامي) والجنوبي (العربي والحبشي). وتشمل اللغات السامية الغربية اللهجات الشمالية والجنوبية.

فينقسم الفرع الشمالي إلى شعبتي: الكنعانية والآرامية؛ أما الشعبة الكنعانية فتتكون من الكنعانية القديمة والمؤابية والفينيقية والعبرية والأوغاريتية (مدينة أوغاريت القديمة شمال اللاذقية في رأس شمرا حالياً).

وقد أجمع العلماء الباحثون على أن أقدم اللغات السامية هي اللغة العربية القديمة والأكدية والكنعانية. أي أن الأسماء القديمة للمدن الفلسطينية هي أسماء فلسطينية كنعانية قديمة، وهي التي كانت سائدة في فترة ما قبل، وأثناء، وبعد الوجود العبراني في فلسطين القديمة.

وهذا الموضوع يحتاج إلى جهد كبير من الباحثين العرب لكي يستكملوا النقاط الناقصة فيه، ويثبتوا تحيز الباحثين الغربيين واليهود في كتابة التاريخ القديم.

وللحديث بقية…

فيديو مقال مملكة إسرائيل؛ وهمٌ يختلق تاريخ.

أضف تعليقك هنا