ذبابة الفاكهة العدوة والوسيلة الساحرة

هل سبق ولاحظت كائنات تشبه الذبابة المنزلية ولكنها أصغر حجما تحوم حول فاكهة شديدة النضج أو أصابها العفن في منزلك، أو حول أشجار الفاكهة في حديقتك؟ تلك الكائنات هي ذبابة الفاكهة. ذبابة الفاكهة كما يشير الاسم تتغذى على الفاكهة. الاسم عام ويطلق على مجموعة من الذباب الذي يصيب الفاكهة وينتمي لأكثر من نوع تقسيمي. تلك الأنواع تندرج تحت عائلتين هما عائلة الدروسوفيليدي وتعرف بالذباب الغير حقيقي، وعائلة التيفريتيدي وتعرف بالذباب الحقيقي.

ذبابة الفاكهة كوسيلة للتجارب العلمية

قد يبدو للوهلة الأولى عند النظر للجنس البشري وذبابة الفاكهة انعدام التشابه بينهم، لكن بالفحص الدقيق نجد أن هناك تشابه بنسبة ٦٠٪ بين المادة الوراثية للإنسان وذبابة الفاكهة، كما أن هناك ٧٥٪ من الجينات المعروفة والتي لها علاقة بأمراض الإنسان لها مشابهات في ذبابة الفاكهة. ذلك التشابه بالإضافة لسهولة تربية الذبابة، قلة تكلفة التربية، قصر مدة جيلها، كثرة عدد نسلها، يجعل من ذبابة الفاكهة نموذج بيولوجي للأبحاث العلمية عن كل ما يخص بيولوجيا وسلوك الإنسان. أيضا لذبابة الفاكهة أربع كروموسومات بينما هناك ٢٣ كروموسوم للإنسان، مما يجعل استخدام ذبابة الفاكهة أكثر عملية لدراسة وظائف الجينات وتفاعلها مع بعضها. من الممكن الحصول على نتائج التجارب المستخدم فيها ذبابة الفاكهة في ثلاث أسابيع والتي نحصل عليها في عام عند استخدام فأر التجارب.

نتائج استخدام ذبابة الفاكهة كنموذج بيولوجي تجريبي

باستخدام ذبابة الفاكهة كنموذج بيولوجي يمكننا الإجابة عن أي سؤال يخص الإنسان. وبالفعل ساعدتنا ذبابة الدروسوفيلا وهي أحد ذباب الفاكهة في فهم انفسنا حيث كان استخدامها ككائن نموذجي للدراسات البيولوجية له دور في فهم بيولوجيا، صحة، وسلوك الإنسان مثل السرطان، مرض السكر، الزهايمر، الشلل الرعاش، متلازمة داون، متلازمة رت، متلازمة الكروموسوم الهش، التوحد، النوم، التقدم في العمر، والادمان.

جوائز نوبل

من الجدير بالذكر أن استخدام ذبابة الفاكهة كنموذج للأبحاث العلمية أدى للحصول على ست جوائز نوبل في البيولوجيا، الفسيولوجيا، والطب:
1933 – توماس هانت مورجان – الكشف عن الدور الذي تلعبه الكروموسومات في الوراثة.
1946 – هيرمان جوزيف مولر – استخدام الأشعة السينية لزيادة معدلات التحور في ذباب الفاكهة.
1995 – إدوارد ب. لويس وكريستيان نوسلاين-فولهارد وإيريك ف. فيشوسلا – فهم السيطرة الجينية على التطور الجنيني.
2004 – ريتشارد أكسل – دراسة مستقبلات الرائحة وعلى تنظيم النظام الشمي.
2011 – جولز هوفمان – أبحاث حول المناعة الفطرية.
٢٠١٧- جيفري سي هول ، مايكل روزباش ومايكل دبليو يونغ – اكتشفوا الآليات الجزيئية التي تتحكم في إيقاع الساعة البيولوجية.

الجانب الضار

تمر ذبابة الفاكهة بتشكل تام أي بيضة، يرقة، عذراء، ثم حشرة كاملة. تختلف المدة اللازمة لإتمام دورة الحياة حسب درجة الحرارة حيث تزداد كلما انخفضت درجة الحرارة. تتواجد ذبابة الفاكهة طول العام وتقضي البرد في طور العذراء. للحشرة عدة أجيال في السنة. يعتبر الطور اليرقي (يسمى دودة) هو الطور الضار والذي يتغذى على الثمار. عند نهاية الطور اليرقي تسقط اليرقة في التربة للتعذير.
تصيب ذبابة الفاكهة أنواع كثيرة من الفاكهة وكذا خضر مثل الطماطم. تحدث اليرقة ثقوبا في الثمار تبدو كنقط داكنة يخرج منها مادة لزجة، تصبح بعد ذلك المنطقة المصابة لينة.

دخول ذبابة الفاكهة وانتشارها في المنزل

عند نضج الثمار بشكل زائد أو عند بداية تلفها وتعفنها تتخمر وينبعث منها رائحة الكحول الذي يجذب ذبابة الفاكهة. تستطيع الذبابة بصغر حجمه الدخول من الشقوق الصغيرة للأبواب والشبابيك منجذبة لرائحة الكحول. أيضا عند شراء الفاكهة الطازجة قد تحوي بيض أو يرقات الذبابة.
بعد دخول ذبابة الفاكهة البيت هناك عوامل تساعدها على الانتشار مثل: وجود الفاكهة المتعفنة، زجاجات المياه الغازية والكحوليات الفارغة، سلة المهملات المفتوحة، المصارف، الأوعية الغير نظيفة في الحوض، أدوات التنظيف، حيث أنها تجذب الذبابة للاختباء ووضع البيض.

مكافحة ذبابة الفاكهة في المنزل والحقل

*الوقاية

لوقاية حدائق الفاكهة من الذبابة يفضل زراعة نوع واحد من الفاكهة حيث أن الذبابة تتواجد طوال العام ووجود أكثر من نوع فاكهة مختلفة المواسم سيعطيها الفرصة للانتقال من نوع لآخر. أيضا توضع مصائد للكشف المبكر عن تواجد الذبابة. أما في البيت فيراعى اتباع أساليب النظافة المناسبة.

*المصائد

تستخدم المصائد المختلفة مثل جاكسون، ماكفيل، ونادل لصيد ذبابة الفاكهة. قد يوضع مواد جاذبة، طعون سامة، وغيرها لجذب الذباب ثم قتله. أيضا تستخدم المصائد لمعرفة تعداد الذباب وكخطوة وقائية لمعرفة تواجد الذباب من عدمه للبدأ بإجراءات المكافحة.

*استخدام المواد الطاردة

يتم التخلص من ذبابة الفاكهة باستخدام مواد لها رائحة طاردة في سلال الفاكهة أو بالقرب من الأشجار. من المواد المنفرة لذبابة الفاكهة: الزيوت الأساسية أو الروائح القوية، الريحان، رائحة البخور، وعشب الليمون.

*النظافة

اتباع طرق النظافة من شأنه عمل بيئة غير مناسبة لحياة الذبابة. من تلك الطرق: عدم ترك أوعية غير نظيفة في المطبخ، التخلص من أي زجاجات مياه غازية أو كحوليات في سلة المهملات، احكام غلق سلة المهملات، الحرص على نظافة أدوات التنظيف من اسفنج، مساحات وغيرها، تعقيم المصارف. أيضا يجب العناية بنظافة الحدائق والتخلص من أي بقايا نباتية ومن الحشائش مع الحرص على تقليم الأشجار.

*المكافحة الميكانيكية

تتم المكافحة الميكانيكية بالتخلص من الثمار المصاية للتخلص من أي أطوار حشرية داخلها وكذا قتل العذارى بالتربة. في المنزل: يجب التخلص من أي ثمار تالفة أولا بأول. أما في الحقل: فيتم جمع كل الثمار التالفة والمصابة ووضعها في أكياس بلاستيكية ثم غلقها جيدا ووضعها في الشمس لقتل الذباب أو دفنها في حفرة في الحديقة والردم عليها حتى تموت وفي نفس الوقت تكون سماد للأرض. للتخلص من العذارى تخربش التربة حول الشجر لتقليل التربة مما يعرض العذارى للشمس أو للرؤية بالعين المجردة فتقتل بأشعة الشمس أو ميكانيكيا.

*التخلص من الذكور

يهدف التخلص من الذكور سواء بقتلها أو بتعقيمها عدم تزاوج الذبابة وبالتالي عدم انتاج نسل. تقتل الذكور وذلك بوضع مادة جاذبة بالإضافة لمبيد مناسب في المصائد، بينما تعقم بتعريض العذارى لأشعة معقمة.

*المكافحة الكيميائية

في حالة اكتشاف الإصابة يستخدم أحد المبيدات مخلوطا مع مادة جاذبة. يراعى عدم رش الثمار بالمبيدات. ترش الجذوع والأفرع الرئيسية. نوع المبيد والمادة الجاذبة حسب المصرح به. التركيزات المستعملة، وفترة الرش بحسب المبيد.

*التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة

تستخدم المعاملة بدرجة الحرارة كخطوة أخيرة قبل تسويق الفاكهة ، وفيها تعرض الثمار لدرجة حرارة مرتفعة (٤٥° / ٨ ساعات)، أو درجة حرارة منخفضة (١,٧° / أسبوعين) مع عدم الوصول للصفر المئوي حتى لا تتكون بللورات بالثمار. تؤدي المعاملة بدرجة الحرارة المرتفعة لتلف الثمار عكس المعاملة بدرجة الحرارة المنخفضة.

أخيرا

وأخيرا، كما أن ذبابة الفاكهة تضر بالفاكهة أحد مصادر الغذاء وكذا بالاقتصاد، فإنها أيضا لعبت دور هام كوسيلة بيولوجية لأبحاث علمية أدت لاكتشافات مهمة للبشرية.

بعض المصادر

Ministry of agriculture and land reclamation. Fruit flies. https://caae-eg.com/index.php/2012-12-25-10-49-1/2010-09-18-17-00-51/2011-01-22-08-27-45/181-2011-01-22-09-31-38.html. Accessed 28/05/2018.
AEC. Fruit flies. http://www.aecegypt.com/WebPages_Ar/Common/ContentPage.aspx?CID=87. Accessed 29/05/2018.
Droso4schools. Why fly? https://droso4schools.wordpress.com/why-fly/. Accessed 31/05/2018.
Martín, A. (1999). Fruit fly (Diptera: Tephritidae) research in Latin America: myths, realities and dreams. Anais da Sociedade Entomológica do Brasil., 28 (4): 565-594. http://www.scielo.br/scielo.php?script=sci_arttext&pid=S0301-80591999000400001&lng=en. http://dx.doi.org/10.1590/S0301-80591999000400001.
Wangler, M.F., Yamamoto S., and Bellen, H.J., (2015). Fruit flies in biomedical research. GENETICS, 199 (3): 639-653. https://doi.org/10.1534/genetics.114.171785

فيديو مقال ذبابة الفاكهة العدوة والوسيلة الساحرة

أضف تعليقك هنا

د. رباب المرجاوي

د. رباب ع.ع. المرجاوي