قد تكـون البـداية

تصرف عجيب

لم أكن أدري ما الحكمة من ذلك؟ هل الحكمة من ذلك تكمن في إبقاء حبل الوصل قوياً مُتماسكاً كما كان، أم أن ذلك قد يُزيد من هشاشة رونقه الذي عهدناه أقسى ما يكون؟ لم أكن أدري هل هذا العمل الذي قد يستغرق بضع دقائق يعود على البشرية بما أراد أن يعود عليه، أم أنه مجرد حل مؤقت؟ إن وجد فيه ما تمنى فسوف يزول هذا مع الوقت، وينقضي، ويعود الإنسان حيثما كان مرة أخرى بنفس الوضع والكيفية.

ما الحكمة حقاً من تلك الحالة التي نلجأ إليها في موقف معين يمر علينا بيننا وبين أقرب الأقربين أو حتى ألد الأعداء؟ غريب وعجيب أمر تلك الحالة التي نأوي إليها، ونعتبرها ملاذاً ذهبياً يُغنينا عن ” وجع الدماغ ” و ” حرقة الدم “، ونجد فيه من ” برود الأعصاب ” ما نطمح.

ولكن هل سألت نفسك يوماً عن جحم الاستفادة العائدة عليك من تلك الحالة؟ والتي قد تكون مجرد حل وقتي يتضح عدم قيمته مع الزمن ودوران عقارب الساعة في تسارع وسباق عنيف مع الزمن، هي بالفعل مجرد حل وقتي، ولكن وقت سريانها وصلاحيتها قائمة لوقت طويل ربما لن ينتهي غداً أو بعد غد أو بعد سنوات. ولذلك تجد الكثير من البشر يحتمي بها، ويرفض أن يبحث عن حلول أخرى غيرها، وتكون هي المنفذ والخلاص الوحيد من إشكالية الموقف الصعب علينا وعلى ردود أفعالنا التي إن تركنا لها المجال وجعلنها تتحكم في سريان الأمور حتماً سنقع في أخطاء جسيمة.

التغافل وضبط النفس

ومن أول تلك الأخطاء قطع حبل الوصال في ليلة وضحاها. نعم، لقد تغافلت عن كلماتك التي تقع على مسامع إنسانيتي وقع الصاعقة، وتجعلني اُصدم فيك صدمة عمري، ولكنني قد تماسكت، ووجدت أن الحل بسيط قد ينقذني من الحل الذي سيقذفني إلى هاوية الود بينك وبيني وهو “تكبير الدماغ”.

نعم، لقد سمعت كلماتك وكأنني لم أسمعها، وكانت تلك اللحظة التي قررت أنت فيها أن تبدأ بقص حبل الوصل بيننا كنت أنا أمسكه أيضاً من نفس الطرف معك، واُعيد إصلاح ما خربته فيه، تلك الفعلة التي ستندم عليها أنت إن أكملتها، ولكنني أجد أن أسلم الحلول الآن أن ألملم خلفك ما دمرته في لحظة أعتبرها أنا لحظة “طيش”.

قد نتذكرها فيما بعد، ونُزيد عليها ضحكاتنا حتى تصل لعنان السماء، والفكرة تعود للحظة التغافل الذي قد يعود لمصلحتنا يوماً ما، أو نتذكرها بألمها الذي عاد علينا بفراق مؤبد دون رجعة، وتصبح مجرد ذكريات نود أن نفقد ذاكرتنا خصيصاً من أجل الاستراحة النهائية منها. فماذا تود أن تصبح عليه، ذكرى سعيدة أم ذكرى تعيسة؟.

اختلاف الموقف حسب الشخص

لا أعرف قد يكون الأمر غريبا للبعض، فمنكم من يجد أن مصارحة الشخص بأفعاله قد يكون الحل الأمثل في مثل هذه الحالات، ومنكم من يجد أن قليلاً من الــ ” تطنيش ” لن يُدمر شيئا، وأنا أقف على الفصل بين الحالتين حائرة، فأجد أن الأمر كله يعود في النهاية إلى الطرف المقابل لك، كيف ذلك؟.

إذا كان الطرف المقابل لك قد تراكمت داخلك جهته الكثير والكثير من الذلات والمواقف التي تُزيد من ضجر قلبك، وتؤسس فيه الدمار، فقد يجد الفرد منا أن هذا الطرف لا يستحق السكوت أكثر منذ ذلك على ما يفعله تجاهك، وأنت تقف أمامه في صمت تحت مُسمى ” صيانة العشرة والعيش والملح “.

خذ حذرك، فهذا الصمت في ذلك الوقت المتأخر للأسف قد يكون هو بداية تدمير العشرة وتبديل العيش والملح إلى بقايا لا حل لها سوى الإلقاء في سلة المهملات والتخلص منها قبل أن تنفذ رائحتها، وتُزيد من سوء الوضع، فقد يتبدل الحال إلى نقيضه تماماً في لحظة دون أن تدري وأنت مستمر على نظريتك والعزم أنها صحيحة دون غيرها. تستمر عليها، وتصر أنها أصح حل يمكنك اللجوء له في هذه المرحلة، ولكنه أخر حل قد تصل له في هذا الوقت إذا لم يكن الحل ما بعد الأخير حتى.

ولكن إن نظرنا للطرف المقابل نظرة عكسية عن تلك النظرة الفائتة، تحيد خطواته عن الذوقية أو الفعل الصحيح في حقك بكلمات بسيطة. ولكنها كبيرة الأثر عنيفة المعنى سلبية النتيجة لديك، وكان ذلك الخطأ في أوله، ولم يتوارث أخطاء قديمة، حينها دعنا نتحدث قليلاً، ونقل إن التغافل هنا فقط قد يكون الأصح من الإسراع في أخذ موقف جدي عنيف نهائي وحازم معه.

كلنا بشر والبشر يخطئون

فمن منا لم يُخطئ في حياته؟ الكل بلا شك مجرد بشر نحتمل الصواب والخطأ، بل إن الخطأ الآن أصبح يطغى على الصواب بشكل كبير خاصة في زمننا العجيب هذا!، ولكنك وحدك من ترى الأمور على حقيقتها، من يستحق التغافل من أجل الإبقاء على حيوية حبل وصلك وودك معه، ومن لا يستحق سوى القطع والوصول به إلى النهاية الحتمية.

قبل أن تنطق بحكمك اعقلها قليلاُ، هل الطرف المقابل لي يستحق أن أصدر قراراً بإعدام ودنا ووصلنا والتخلص منه ومن كلامه العنيف وتصرفاته البشعة، أم أنه يستحق فرصة جديدة قد تكون البداية لتقوية المعرفة من الأساس؟ هل رصيده في قلبي قد نفذ، أم لا يزال في فترة السماح؟ هل من وصل به إلى تلك الحالة من الاندفاع القاسي العنيف هو اندفاعي أنا وتصرفاتي أنا، أم هو طبع مُتأصل فيه؟.

احسبها جيداً، فقد تكون أنت المُخطئ والسبب والنتيجة لن تعود إلا عليك، فمن سواك سيجد نتيجة فعلته. أنت المتحكم الآن في رؤية الأمور على حقيقتها، فلا تُسرع في الحكم، وتأنى قليلاً ففي ذلك التريث قد تصل لحل مثالي وتذكر: ليس كل ” تكبير دماغ ” يعود عليك دون جدوى، بل إنه أحياناً كثيرة يكون أكسجين استمرار المعرفة والعلاقة التي لطالما بحثت عن طريقة وسبيل لاستمرارها، وحاولت جاهداً في ذلك وفشلت وبلحظة تغافل بسيطة استطعت أن تبدأ من جديد.

فيديو مقال قد تكـون البـداية

أضف تعليقك هنا