جهل الناس بقدر العلماء

إن الناس لا تعرف قيمة العالِم، لا تعرفها أبداً، ويتفاوت الأمر بين طبقات الناس وأجناسهم وأعمارهم وأنواعهم في ذلك، لكن بالنتيجة الناس لا تعرف قيمة العالِم، والعالِم هو العالِم بدقائق الأمور الشديد البصيرة العميق النظر السديد الفعل الذي لا يلتبس عليه ما يلتبس على غيره، الذي حاز على عقل خاص يفوق عقول الآخرين.

والناس بجهلها ترى العالم إنساناً فاشلاً غالباً لأنه لا يملك ما عندهم من أشياء، إذ إن ما يملكه هو لا قيمة له عندهم ولا معنى له عندهم، إن هذه النظرة تجاه العالم تجعل العالم ضعيف الحضور في أذهان الناس وفي ذاكرتهم، ثم ضعيف الحضور في حياتهم، وهذا سيقود بالنتيجة إلى أنهم لن يتذكروا أعلى القيم وأسماها في هذا الكون، لأن هذه القيم لا مكان لها في هذا الكون إلا عند العالم وعند جذوره وامتداداته.

اضطراب الحياة عند غياب العلم

وإذا اختفت من عقول الناس تلك القيم صار الكون شديد العشوائية شديد الاضطراب لا ينضبط بمعيار، ولا يقاد نحو سكينة إذ إن الناس سوف تقود حياتها بلا قيم، تلك القيم التي يجب أن تختفي من حياتهم بسبب اختفاء العالم من حياتهم لا محالة، وهذا أمر ضروري الوقوع جداً، مما يجعل الكون تحت نظام الحيوانات والنباتات والقوانين الكونية الأخرى في الطبيعة الأرضية، والأوسع منها فقط.

أما الناس بعد تعاملها مع العالم، فوجودها سيكون مضراً جداً في أمن الكوكب وسلامته. فإذا أدرك الناس هذه الحقيقة صار محتماً عليها أن تعيش مع العلماء بأقرب نقاط المعيشة الفكرية وبأقصى درجاتها المعرفية، فهذا الاقتراب لابد أن يكون جزءا مهماً من حياة الناس يفعلونه كما يفعلون ضروريات حياتهم الأخرى من الطعام والشراب والأمن والسكن وغيرها.

لكن الناس لا ترى أن اضطراب حياتهم الاعتيادية وضرورياتها والتي تعاني منها جميع الشعوب في العالم إنما يحصل بسبب ذلك الأمر العظيم الذي أهملوه وإهتموا بطعامهم وشرابهم، ولو اهتموا به لحصلوا على ما يريدون وبطرق أسهل مما يتصورون.