أنا و الحمامة الحرّة

سجن الحياة

كنت بالقرب من النافذة، وأنصت إلى أصوات هديل الحمام، وقعت حمامة على نافذتي مستديرة وتنظر يمين، يسار، فوق، تحت، وتتريّث وتمعَّن النظر إلى نافذتي! وتنظر اليّ وكانها تقول غريب كيف تعيشون بين هذه الأعمدة؟!
بينما نحن نطير ونحلق بسماء، ونولد أحرارًا ونموت أحرارًا. لا تعلم الحمامة أننا حكمنا على أنفسنا مُنْذُ النشأة الْاُولَى بسجن المؤبد. نسجن بين آفةُ المُجتَمع، و آفةُ الضَّجر. وعندما تزهق الروح إلى السماء تتحرر من كُلُّ آفةُ.

في كُلُّ خطوة تخطوها هناك أَسْر، وهناك حرية. ويكون الإختيار لديك و أنتَ تتحمل المسوؤلية الكاملة الإختيارك.
وأحيان تسلب الحرية منا بالقهر والإكراه والبعض منا يقاوم إلى أن يحصل على الكرامة، والحرية بالحق. ولا يرضى أن يكون عبداً لشر، ولا عبداً لشهواته، وملذاته.

تعريف الحرية

والحرية في الإسلام هي: فالأصل أنّ الإنسان حُرّ لِيكون مُكلّفاً ومسؤولاً، فلا يُمكِن أن يَكون الإنسان مُكلّفاً دون أنْ يكون حُرّاً. فالإنسان لا يكون إنسان أذا مكان حُرّاً،                                                                                                              الحرية اليوم نراها كثيراً مسلوبة الإرادة، بالقهر، والذل، والعنصرية، والتعصب الفكري لكل فكرة معارضة سرعان ما يهاجمها ويقمعها ونرى الإنسان الذي خلقه الله حُرّاً، وكرمه على سائر خلقه مسلوبة الإرادة ولا يستطيع أن يطالب بحقه كإنسان.! مُنْذُ الأَزلِ والحرية هي مطلب البشرية. وكلمة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟”

مطلب الحرية للشباب

وعندما نكبر ونصبح شباب متحمس، شغوف،لاكتشاف العالم، ويرغب، بتجدد، وتحرر من كل الأفكار القديمة التي تولد الشكوك، وليس لها أي صحة من الأصل سوى أنها متوارثة من جيل إلى جيل، ويأتي هنا سجن العادات والتقاليد بأن لا تموت هذه الأفكارة المتوارثة، ويجب أن لا نتخطاها. وعندما نتمرد، ونطرح تساؤلات.
لماذا يجب علينا أن نفعل هذه؟ هذي عاداتنا وتقاليدنا، ويجب أن نلتزم بها، ومن هنا يحكم علينا بسجن الأفكار المتوارثة.

السجن ليس فقط باب مغلق، و أعمدة حديدية. يكون بسجن العقل بأفكارة سوادء، وأخطر السجون سجن العقل. لانه عندما تسجن جسدك فأنتَ تستطيع أن تهرب بعقلك خارج هذه القضبان. ولا أحد يستطيع أن يسيطر على عقلك سوى أنت.
تحرقوني بنار، وتزهقون روحي، وتطلبون بأن أصمت وكفى عن المقاومة.!
والأصوات تناديني، لا أنا الواعية، ولا أنا الشاردة. وأحلام الأمس، وكوابيس الأمس ترحل بعيداً عني. النهار يرحل، وترحل الحمامة الحُرّ وتتركني وحيدة بين دجى اليل. سأنتظر طوال اليل أمام نافذتي إلى أن يُحلّ الصباح وتأتي الحمامة وتخلصني من سجني، وأصبح حرّة طائرة في سماء كالحمامة.

فيديو مقال أنا و الحمامة الحرّة

أضف تعليقك هنا