الثابت والمتغير بالسيف

حول مقال الدكتور توفيق السيف

سعادة الدكتور توفيق السيف الموقر: ذكرت في مقالك المنشور في صحيفة الشرق الأوسط  بتاريخ ٢٠١٨/٧/٤م، والمعنون بالثابت والمتغير مرة أخرى، وكان ضمن المقال مسألة الرّق التي يحلها شرع الفقهاء والتعليق هو أن الفقهاء فهموا ضمن ظروف الفتوحات والغزوات التي كانت بعد رسول الرحمة والأخلاق العظيمة محمد “ص”، أن يحللوا الرّق والإماء كي يجلبوا السبايا إلى قصور السلاطين من بعد ما يسمى بالفتوحات. 

أما رسول الله “ص” الذي جاء ليحرر الناس من العبودية والجهل بالدِّين فقد قرر ضمن الآيات البينات التي يفهم منها أن رقاب الرق هي أولى أولويات مهمة رسول الله “ص”: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (*) [ سورة النساء] الآية 92. 

ذكر تحرير رقبة في آية واحدة ثلاث مرات فإن لم يجد كما في وقتنا، وكما في وقت رسول الله بعد تحرير كل من فقد حريته فصيام شهرين متتابعين. وهذه لصعوبتها وللذهاب لتحرير الرقاب عوضا عن صيام ستين يوما والذي فيه كلفة، وحتى في حلف اليمين أمر الله بتحرير الرقاب : (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (*) [ سورة المائدة] الآية 89. 

اهتمام الرسول بتحرير الرقاب

أخذ تحرير الرقاب عند رسول الله اهتماما للتخلص من هذا السوء في سلب الإنسان حريته أهمية من أولويات الحقوق الإنسانية، على عكس ما يراه الفقهاء والمفسرون أنه حلال ومعمول به وقت الرسول برضاه ومباركته وغنائمه والعياذ بالله هذا تجن على الله ورسوله وإلصاق السوء في رسول الأمة أنه يحرم عبر الوحي الإلهي الدم ولحم الخنزير ثم لا يرى حرمة امتلاك العبيد والإماء والسبي. 

لا يجب قبول ذلك على رسول الله “ص” وخاتم الشرائع السماوية أن يدع هذا لتجرمه القوانين الدولية فيكون الإنسان بقوانينه الوضعية أعلى أخلاقا وسموا من ذي الخلق العظيم، لقد قال الله تعالى: (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ)

أصحاب اليمين وشرط فك الرقاب

إن شرط وجود العبد في فرقة اليمين هو وقبل كل العبادات والمعاملات فك رقبة، فالأهم هو التخلص من هذا السلوك المشين البشع الشنيع لذلك علينا غربلة الأقوال والروايات التي تقحم هذا النظام الجاهلي في رضا نبي الله بل وتشريعه وتحليله. فرسول الرحمة والعلم والأخلاق لا يمكن قبول رضاه على فعل سيء، بل غاية السوء لأن العبد لم يكن عبدا إلا بغزو قومه وقتل رجالهم بالقوة والعنف والاعتداء الآثم فكان عبدا رغما عنه وامتهانا لإنسانيته، فهل يقبل رسول الأخلاق هذا ؟.

إن من يبرر تلك الحقب، وينسبها لرسول الله “ص” هو في الواقع ينسب سوءا لرسوله فالرسول جاء على أنظمة كانت موجودة، فحكم بها بالتحريم أو الابتعاد أو الاجتناب أو النهي عنها. فكيف يكون التشريع مفصلا لأقل بشاعة من العبودية ويقر الاسترقاق، علينا فهم ألفاظ كتاب الله المجيد وإعادة النظر للتفسيرات، حتى لا نقع في توجيه الإساءة البشرية لرسولنا “ص” من بني البشر الذين يجرمون هذا الفعل، ولكي لا نقع في التناقض العقلي بين الأخلاق العظيمة وبشاعة الفعل.

فيديو مقال الثابت والمتغير بالسيف

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني