الحليب الاصطناعي أفقدنا ملكة الوفاء

دور الأنثى في المجتمع

بالرغم من قيادة المجتمع من قبل الذكور، منذ أن خلق الله الكون، حتى من قبل الكائنات غير البشرية، إلا أن الله سبحانه وتعالى اختص الإناث بالقيادة المبطنة، من خلال تأثيرها الكبير في تنشئة الأبناء بصورة خاصة، والأسرة بصورة عامة، لذا تكون الأنثى هي الركيزة الأساسية في البناء الاجتماعي للدولة.

لذلك كان الملوك أو كبار القادة في المجتمعات التي سبقت الإسلام، وحتى في ظل وجود الديانات الأخرى، يركزون على الزواج من شخصيات تضاهيهم من ناحية المنصب والجاه، وذهب البعض منهم إلى اعتبار أن دماء الملوك تختلف عن دماء العامة. عند مجيء الأسلام، حدث تغير كبير في أغلب العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي للعرب، لكنه أبقى على ضرورة حسن الاختيار، بل ركز عليها من خلال الآيات القرآنية وأحاديث نبوية كثيرة، مع تغير بعض المفاهيم المتعلقة بمفهوم التكافؤ.

خير مثال على ذلك، عندما أراد الإمام علي (عليه وعلى آله السلام) الزواج بعد استشهاد الزهراء (عليها وعلى آلها السلام) طلب من أخيه أن يبحث له عن زوجة صالحة، ليضمن للأمام الحسين( عليه السلام) أخا وفيا لا يخذله عند الحاجة. كان مجتمعنا العراقي، قبل فترة ليست ببعيدة، الشاب وأسرته يدققون كثيراً، عند التقدم لخطبة فتاة، لذلك كنا نشعر بأن هناك ترابطا قويا في مجتمعنا، يختلف كثيراً عن المجتمعات الأخرى.

اهتمام الأعراف بالبيئة المجتمعية 

كان هناك اعتبار للأخ والأخت وحتى ابنة الجيران والمنطقة، حتى الشاب المسيء، لا يفعل أي عمل مشين في منطقته أو الحي الذي يسكن فيه.
بمعنى آخر الترابط الأسري والمجتمعي كان كبيرا جدا، بالرغم من العوز والحرمان الذي كان يعانيه المجتمع العراقي، منذ تأسيس الدولة العراقية، الضابطة التي كانت موجودة في ذلك الزمن، ضابطة الوفاء والغيرة، وجميع المسميات الأخرى تأتي بعدها.

مع ازدياد الانفتاح على العالم بدأ مجتمعنا يتأثر كثيرا بما يراه من دول العالم المختلفة، وحتى غير المنضبطة أخلاقيا، وأصبح عالم المادة هو من يحكم العلاقات في مجتمعنا، بل حتى في الأسرة نفسها، لذلك أصبحت القطيعة واللامبالاة كأنها شيء طبيعي وعادي جدا، في حين أصبحنا ننظر ألى الشخص الذي يتنازل عن حقوقه لإخوته، أو يغض الطرف ويسامحهم على أخطائهم، بأنه شخص ضعيف وخانع.

هل للحليب الصناعي أثر في ضياع الوفاء والأخلاق؟

ترى لماذا تنازلنا عن مثل وقيم صحيحة ونافعة لنا ولمجتمعنا؟ الذي نعرفه أن لحليب الأم أثر كبير في حفظ الوفاء والتماسك بين الأسرة والمجتمع.
لذلك نعتقد أن الحليب الاصطناعي له أثر فيما نحن فيه، وربما ما يسوق إلينا من حليب هو حليب خنازير وليس حليب بقر، القطيعة التي نعيشها الآن، وقسوة القلوب التي أصبحت صفة عامة في مجتمعنا، لا يمكن أن تكون من إخوة تناولوا حليبا من نفس الثدي.

إن أردنا بناء مجتمع متحاب ومسالم، يجب أن نعود إلى حضن الأم الكبيرة( العراق)، بغض النظر عن اختلاف لوننا أو طائفتنا أو حتى ديننا. لنجعل رابطنا الوحيد هو الوطن، وباقي المسميات تأتي تباعاً.

فيديو مقال الحليب الاصطناعي أفقدنا ملكة الوفاء

أضف تعليقك هنا