المسكوت عنه في بعض الكتاتيب القرآنية

الكتاتيب القرآنية ودورها

لعبت الكتاتيب القرآنية دورا مهما منذ فجر الإسلام في الحفاظ على النص القرآني الشريف، وتداوله شفهيا جيلا بعد جيل في كل العصور بشكل أثرى العلوم الشرعية، وساهم في إقامة بناء الحضارة الإسلامية المرتكز على قيم العدل والتسامح والتآخي بين كل المسلمين وغيرالمسلمين. وإذا كانت الكتاتيب القرآنية آنذاك تعد المرحلة الأساس التي لا بد أن يتخطاها طالب العلم المسلم منذ صغره بحفظه لكتاب الله كاملا.

والانتقال لدراسة علوم الشريعة من فقه وحديث وتفسير وقراءات وغيرها، فهي لا زالت لحد الآن خيارا تربويا وروحيا لبعض الآباء المغاربة الحريصين على تلقين أبنائهم أبجديات الإسلام عن طريق حفظ كتاب الله كله أو بعضه ونقشه في الذاكرة البيضاء لأبنائهم، وتعد هذه الكتاتيب بالعشرات إن لم تكن بالمئات عبر مختلف ربوع المغرب.

غير أن هناك ما يستدعي إعادة النظر في شروط الترخيص للقيمين الدينيين أو المعلمين الموكل إليهم تحفيظ الأطفال القرآن. آن الأوان لأن تتحمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مسؤوليتها في التحري عن هؤلاء المحفظين سلوكا وأخلاقا، وأن تتحقق بشكل أو بآخر من ميولاتهم الجنسية وعقدهم النفسية قبل إئتمانهم على الناشئة.

ظاهرة التحرش بالأطفال داخل بعض الكتاتيب 

إن ظاهرة التحرش بالأطفال واغتصابهم داخل بعض الكتاتيب القرآنية قد أخذت منحا خطيرا يدق ناقوس الخطر، يقلق مضجع المجتمع عموما والآباء خصوصا، وما تطالعنا به الصحف الورقية والالكترونية بين الفينة والأخرى عن حوادث اغتصاب بعض الفقهاء للأطفال لهو أمر مخز، ويبعث على الأسى والأسف كون هذا القرف يصدر عن من يفترض فيه حفظه لكتاب الله وتبليغه عملا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني ولو آية”.

وحتى لا يزعم البعض أن الأمر لا يعدو كونه مجرد حوادث متفرقة هنا وهناك يكفي القيام ببحث سريع حول قضايا الاغتصاب التي بتت فيها المحاكم، أو التي أثارتها الصحف ضمن العشر سنوات الأخيرة ليعلم هول الظاهرة وخطورتها، سيما في البوادي والقرى والأحياء الشعبية حيث يتفشى الفقر والجهل والخوف من التصريح أو الشكوى، فتسود ثقافة الصمت والتستر على مثل هذه الجرائم خوفا من المشاكل أو الفضائح.

الضحايا أطفال 

قصص مؤلمة مخيفة ضحاياها أطفال أبرياء تم وصم ذاكرتهم بصور بشعة من ممارسات مقرفة لمرضى راشدين، ربما كانوا في يوم من الأيام ضحايا لنفس الممارسات قبل أن يلبسوا عباءة رجل الدين المحفظ للقرآن الكريم.

أعتقد أنه لا بد من دراسة نفسية واجتماعية وقانونية لهذه الظاهرة من أجل إيجاد الصيغ القانونية الزجرية المناسبة، والحلول الاستباقية الوقائية التي تحمي أطفالنا من التحرش، سواء داخل الكتاتيب أو المدارس أو في الشارع والأسرة. والأهم من هذا وذاك أن يتم الترسيخ لثقافة جديدة قوامها البوح والتصريح بمثل هذه الممارسات المريضة سواء من طرف الأبناء لآبائهم، أو من طرف الآباء للمجتمع وهذا هو المهم.

فيديو مقال 

أضف تعليقك هنا

عصام الصافي

عصام الصافي /الدار البيضاء