بعث سيرينا – #قصة

صفاتي وصفاتها

هي هادئة وأنا كذلك. لها لؤلؤ البحر، ولي مهابته، في عينيها زرقة البحر، وفي عيني شرارة غضبه. لها هدوءه وسكناته، لي صخبه وهيجانه. لكنها هادئة وأنا كذلك. قد يبتدئ حب على شاطئ السواني، ثم ينتهي بانتحار عاشقين من على جبل “موروبياخو “، قد ينبت حب، بين حبتي رمل، أو بين موجتين، أو بين نظرتين، لكنها هادئة، كأنها تطفئ لهيب حزيران. وأنا هادئ كأنني أنتشل قلبي ثم أطمره برمل مختلط بالحصى.

ألوح لها بغمزة، تلوح لي بنظرة استنكار في الظاهر، ونبضة فرح مبطنة، تشدني سلطة الرقابة الذاتية – التي يسميها فرويد بالأنا الأعلى – عن الاندفاع إليها، إنها تثبتي فوق الرمل، وتخاطبي آناي العليا: أنت آدم، لماذا تأبه ﻷنثى، تجيد فن الغواية؟ أتريد أن تتسمم، إذا قضمت تفاحة خديها التي دس فيها السم لك؟.

صراع الأنا والهو في داخلي

تسلخني شمس الشاطئ، السماء تعاقبني على برودي، في داخلي، صوت مغوٍ، كصوت ما سماه فرويد ” الهو “، كصوت زليخة امرأة العزيز، يدفعني ﻷهرع إلى سيرينا، هذا الصوت منبعث من الأعماق، هناك داخلي، بعيدا بعيدا، ” أسفل الصمطة “. تذكرت قول أحد أصدقائي ” الفتاة التي تشتهيها لا، ولن تحبها”. وأنا بين سيفين، أهذي أحيانا، فإخالها عروسة بحر، ترقص، ترقص، ترقص بذيلها، فتستحيل أعماق البحر، حفلة زاخرة بالشراب والمجون والجنس الفموي، مع عروسة البحر.

أقول لنفسي: دثريني بالرمل وبعض ورق رواية ” المغامرة الأخيرة”، أقول لها، دثريني بحنانك وجلدك ولحمك، فأنا أشبه مغتربا، وأنت وطني، خبيئيني فيك وحدك، ثم اتركي هذا البحر تتلاطم أمواجه للأبد، فكلانا لسنا معنيين بأي شيء سوى كلينا. عيوني عليها، شعر أسود منسدل، حاجبان كثيفان، عينان سوداوان آسرتان، قوام معتدل، بياض لا تمسه السمرة والشمس، كأنها لا تدركك مثلما لا تدرك الشمس القمر. لا إنت شرقية، لا أنت غربية، أنت بين بين، حيث يريدك قلبي.

سيرينا بعثت من جديد

تبتدئ الأشياء وتنتهي، مدهشة في عبورها السريع، تشبه هذه اللحظات من اللهفة والاندفاع العاطفي، لمعان البرق. جلست أتأمل المارة على حافة كل موجة، يعبرون بضعة مترات، بين ” رعزيب ” منتهى خليج الحسيمة، و شاطئ ” كيمادو ” مبتدأ هذا الخليج، آه يا سيرينا، أتراه هذا القلب، قلبي، ينبعث من رماده، أتراك أنت العنقاء التي ستنتشلني من ركام رمادي؟.

خالد إزري يغني ” أذا قيمخ تراجيخ، أرغيفنا رمار ” محمود دوريش قالي لي انتظرها، صوت حنا مينا يهتف لي: لا تنتظرها. أمصادفة هي؟، أن يكون حنا مينه، قدوتي، رائد أدب الرجولة؟ أستعيد عقلي، لكن روحي وروحها تتخاطبان، بنبرات كهروميغناطيسية لا ترى، لم تزدني ملوحة البحر إلا عطشا، لم يزدني فراغ الحب إلا لهفة جنسية، في الحقيقة، المرأة التي نشتهيها لن نحبها، وهذا ما كان. غادرت الشاطئ، وصوت داخلي يقول مرة أخرى: سيرينا هي الحورية التي تغرق البحارة. سيرينا بعثت من جديد.

فيديو مقال بعث سيرينا – #قصة

أضف تعليقك هنا