عُمر

عندما تحضر سيرة الدولة الاسلامية وليس الإسلام عامةً يأتي أمامنا شخص واحد فقط وهو ( عمر بن الخطاب ) الذي يجب على كل حاكم عربي إسلامي أن يأخده قدوة لبناء دولته. عمر بن الخطاب كمسلمين المفروض أننا نعرف سيرته وحياته وإنجازاته.

هناك إحصائية تقول إن ٣٤٪ من المسلمين لا دراية ولا معرفة لهم بالتاريخ الإسلامي أبداً فنحن اليوم موضوعنا سيكون المغزى منه هدفين:
الأول: أننا نعرّف الناس بعض ملامح حياة عمر بن الخطاب ودوره في بناء الدولة الإسلامية وترسيخ مبادئ الإسلام.
الثاني: أننا نتعلم صفات من حياة سيدنا عمر تحسن من سلوكنا.

⁦عُمَر بن الخَطاب “الفاروق

وُلِد سيدنا عُمَر بـ مكة، ما بين ( ٥٨٦ م : ٥٩٠ م ) وهو:  أحد أصحاب الرسول (ص) وأكثر الصحابة ملازمةً له، ثاني الخلفاء الراشدين تولى بعد وفاة ( أبي بكر الصديق )، من الـ ( ١٠ ) المبشرين بالجنة، أقوى علماء الصحابة وأكثرهم علماً، قاض على دراية بكل أمور القضاء اشتهر بالعدل دون النظر لمَن أمامه سواء مسلم أم غير مسلم، ولذلك لُقب بالفاروق، واضع أساس الدولة الإسلامية وصاحب مَدّها التوسعي.

أساس الدولة الإسلامية حتى الآن هو العقيدة والتوسع، أي ترسيخ العقيدة والتوسع على المجال الجغرافي أي توسيع الرقعة الإسلامية، وتوسيع الرقعة الإسلامية لا يأتي إلا عن طريق دولة أساسية ثابته لها نفوذ قوي وجيش يؤمن بدين الله، وكانت تلك الدولة الأساسية لم تكتمل بعد فعند موت سيدنا أبي بكر وتولية عمر بن الخطاب؛ كثرت الفتن والمشاكل داخلياً وخارجياً، لذلك قام عمر بن الخطاب بـ:

 داخلياً :

  1.  تقسيم جميع الدول الواقعة تحت الراية الإسلامية إلى ولايات فقسم: مصر والعراق وفارس والشام وفلسطين وشبه الجزيرة العربية كلٌ منهم إلى دويلات صغيرة، وحكمها بحكومة مركزية وكان على دراية بكل كبيرة وصغيرة بدويلاته.
  2. ⁦⁩ أدخل نظام الدواوين بسبب اتساع رقعة الدولة الإسلامية واختلاط المسلمين بالأجناس الأخرى.
  3. ⁦⁩ تطبيق أمر الشوري كأمر إلزامي لمن سَـيليه من الحكام وهذا تنفيذاً للقرآن الكريم (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ).
  4. ⁦⁩ أنشأ أول جيش نظامي مكون من (٣٢ ألف فارس) لنشر الإسلام والحفاظ على حدود الدولة الإسلامية وأصدر الرُتب لكل القادة بالجيش ومع الانتصارات بدأ عدد الجيش يزيد بانضمام مَن أسلموا مِن الفرس والروم فزاد عدد الجيش للأضعاف في فترة وجيزة.
  5. ⁦⁩ أنشأ نظام العسس للتجول ومشاهدة الجرائم ليلاً، وإثبات تلك الجرائم مع القضاة وحفظ هدوء المدن ليلاً ونتيجة لذلك تم إنشاء أول ( حبس = سجن ) بعدما كان يتم حبس المتهمين في أحد أركان المسجد.
  6. ⁦⁩ تولى عمر بنفسه أمر القضاء والفصل في المنازعات حتى زادت رقعة الدولة الإسلامية، وتراكمت أمور الدول عليه فقسم الأعمال على القادة المسلمين.
  7. ⁦⁩ أنشأ الحِسبة وولى عليها “مُحتسِبا” وتكمُن أهمية الحسبة في أنها تُنبّه الناس بما يأمرهم الله به وينهاهم الله عنه في الأمور الحياتية مثل: الإشراف على المكاييل والموازين والآداب العامة والبيوع الفاسدة في الأسواق.
  8. ⁦⁩ أدخل عمر التقويم الهجري، فأرخ جميع الأحداث بالتاريخ الهجري مستنداً على رأي “علي بن أبي طالب”،
    وقال ( الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها ) .

خارجياً :

  1. ⁦⁩شارك عمر بن الخطاب في جميع الغزوات التي شارك فيها الرسول (ص) بدءاً بـغزوة الأبواء سنة ( ٢ هـ ) وإنتهاء بغزوة تبوك سنة ( ٩ هـ ).
  2. فتح الشام والعراق وفارس ومصر وبرقه وطرابلس، وذلك دون مساعدات أو نجدات وتحالفات مع غير المسلمين.

 صفات الفاروق 

جاء عُمر ذات يوم بعد إسلامه إلى سيدنا محمد بدار الأرقم قال عمر: ألسنا على حق؟ فأجابه الرسول (ص): بلى، فقال: والذي بعثك بالحق لنخرجن. وخرج المسلمون في صفين واحد يتقدمه ( حمزة بن عبد المطلب ) و الآخر يتقدمه ( عمر بن الخطاب )
فيعتبر الجميع أن الله فرق بين الكُفر والإيمان أي بين “الحق والباطل” به ومن هُنا لقبه الرسول (ص) بـ الفاروق.⁩

الأمانة 

اشتد المرض على سيدنا عمر، وكان علاجه الوحيد هو شُرب (العسل)، لم يكن هناك عسل في المدينة سوى في “بيت المال”، ومن عادة سيدنا عمر أخذ موافقة الجميع، فاجتمع بالناس وقال: ( لن أستخدمه إلا إذا أذنتم لي،وإلا هو عليّ حرام ) وتلك الجملة هي ما جعلت الناس يبكون إشفاقاً عليه. وأذن الجميع له.

الجهد على حساب النفس :

لم يكن عمر ينام وقتا طويلا، ولم يكن له وقت محدد للنوم. فكان ينعس وهو نائم، فجاءه رجل وقال له: يا أمير المؤمنين، ألا تنام؟
فقال: كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضاعت حقوق المسلمين، وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله.

الشعور بالمسئولية :

قالت زوجته عاتكة: عندما يأتي للفراش لينام فيطير النوم من عينه ويجلس يبكي. قالت له: ما بِك يا أمير المؤمنين؟ فقال لها: توليت أمر أمة محمد (ص) وفيهم المسكين والضعيف واليتيم والمظلوم، وأخاف أن يسألني الله عنهم يوم القيامة.

 الزُهد :

كان طعام عمر “الخبز المخلوط بالزيت” فقط، وهذا ما سبب له اضطرابات كثيرة، فكانت عندما تقرقر بطنه يقول: ( قرقري أو لا تقرقري، لن تذوقي طعم اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين).

امتصاص الغضب :

في يوم أتى رجل لعمر يشكو له أن زوجته ترفع صوتها عليه، فعند اقتراب الرجل من باب منزل عمر وجد صوت امرأة داخل المنزل يعلو، فقرر الرجل العودة بظهره، ولكن فتح عمر الباب، فقال له عمر: أما جئت إليّ؟ قال الرجل: لأشكوا لك من زوجتي يا أمير المؤمنين فوجدت عندك مثلما عندي، فقال له عمر: غسلت ثيابي، وبسطت منامي، وربت أولادي، ونظفت بيتي، ولم يأمرها الله بذلك بل تفعلها طواعية، أفلا أتحملها إن رفعت صوتها؟.

الحِكمة :

جاء أحد رُسل عمر يبشره بالنصر، فسأل عمر: متى بدأ القتال؟ فقال: قبل الضُحى، فقال عمر: ومتى كان النصر؟ فقال رسوله: قبل المغرب. فبكى سيدنا عمر بكاء شديداً حتى ابتلت لِحيته. فقال له الرسول: أُبشرك بالنصر فتبكي؟ فقال عمر نصاً: ( والله إن الباطل لا يصمد أمام الحق طوال هذا الوقت إلا بذنب أذنبتموه أنتم وأذنبته أنا )، فنحن أُمة لا تنتصر بالعِدة والعِتاد، ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا وكثرة ذنوب الأعداء، فإن تساوت ذنوبنا انتصروا علينا بالعِدة والعِتاد

 تنفيذ ما أمر به دينك :

قيل لـ عمر ألا تكسو الكعبة بالحرير “أغلى الأقمشة”، فقال عمر: بطون المسلمين أولى. يُذكر أن كسوة الكعبة لعام ٢٠١٧ كلفت ٢٢ مليون ريال سعودي.

الخشوع :

فعندما يريد طفل أن يُبكي عمر، فيقول له: اتق الله يا عمر، فيبكي عُمر.

كي نكون مثل عمر

أرأيتم عُمَر؟ أرأيتم خشوع عمر؟ أرأيتم تسامح عمر مع نفسه؟⁦⁩ فما رأيكم أن ننفذ بعضا من صفات سيدنا عمر بن الخطاب؟          – كيف وهو حاكم نحن أناس عاديون؟

هقولك: احنا هنحاول نحسّن صفاتنا من مواقف عُمَر اللي شوفناها:

  1. ⁦⁩ هنحاول مانرفضش طلب لحد طالما قادرين ننفذ الطلب ده، من غير استهياف، الطلب ده ممكن مايساويش عندنا حاجه بس طالما هو طلبه يبقا بيساوي عنده كتير.
  2. ⁦⁩ نحاول نوفر فلوس الحاجه اللي لو صرفنا عليها قيمتها هتفضل زي ماهي ماتتغيرش، ونشوف حلجه تانيه أولى.
  3. ⁦⁩ نكون ناس حكيمة على قد ما نقدر، ونبص للأمور من جميع زواياها، ومناخدش قرار واحنا متعصبين، ونستعيذ بالله من الشيطان وقت العصبية واستفزازات اللي قدامنا.
  4. ⁦⁩ نحس بالمسئولية تجاه المكان اللي احنا فيه، وماتبقاش العلاقة مقتصرة ع انه مكان بنشتغل عشان ناخد فلوس بس، لا علاقتنا بالمكان تتعدي كده اننا نحب المكان اللي احنا فيه ونحب شغلنا مهما كان صعب، وربنا هيعوض التعب رزق سواء دلوقتب او قدام شوية.
  5. ⁦⁩ اخر حاجه، اننا نقرب من ربنا ونحاول ع قد ما نقدر نقلل من ذنوبنا، ذنوبنا بتأخر نصرنا كما قال سيدنا عمر، نصرنا مش لازم يكون نصر ف حرب، بالعكس ممكن يبقا نصر على نفسك، او نصر بإنك تحقق حلمك.

وتذكر أن: رجلاً فقيراً في المدينة كان ينام تحت شجرة ويتألم من شِدة الجوع أسقط ٦ إمبراطوريات عُظمى وجعلها تحت حكم المسلمين، هو عمر بن الخطاب “رضي الله عنه”.

فيديو مقال عمر – #لهجة مصرية

أضف تعليقك هنا

حمدي سامي إبراهيم

طالب بكلية الأداب قسم التاريخ والاثار، أسعى لتطبيق فكرة جديدة وهي ما اسميها بـ التاريخ النفسي، وهي ذِكر بعض الأحداث التاريخية وإستخلاص العِبرة والحِكمة منها ،مع ذكر كل المصادر التاريخية، وتطبيق تلك الحِكم على حياتنا جميعاً