مليكتي

غربة ومرض

كتبت فقالت أنها تعاني، تعاني ألمين، أولهما مرضا وهو عضال ينخر كالسم في الجسد حتى يضحى هزيلا ضعيفا لا يقوى على شئ، وثانيهما وحدة وغربة، شعور يراودها بالخوف حينما عرفت أن الدنيا ليس لها أمان وأن من كان منهم حصنا لم يعد كما كان وأن الزمن يُقلب فيهم ويغيرهم كل يوم حتى تخلوا عن وعود اطلقوها لها في لحظة حماس قاسمين بالله أنهم لن يتركوها ابدا وقد تركوها.

أن تخبروها يا سادة أنكم هنا ومعها وبجوارها وعلى أول طريق المرض تُلقوا بها بعيدا، انى لكم هذا، وأي صنف من البشر أنتم!  لا عليكم أن تهربوا، فالاولى لو لم تدخلوا حياتها وتجرحوا قلبها الطاهر الذي لا يحمل سوى خيرا،لو اصابكم ما اصابها ما تخلت عنكم كما فعلتم وربما قد اعطتكم ما لا تستحقونه ابدا، فليس الكل مثلكم وإنما هنا في عالمنا يحضر مريض اصابه ذاك اللعين الذي تدعونه كانسر ومهما بلغت قوة المرض ف “مليكتي” أقوى ومهما تخليتم عنها فمازال الله يقف بجانبها ويرسل لها رسائله التي لن تنقطع.

“مليكتي” البطلة

ليست رواية اكتبها كم كنت انتوي وليست قصة من وحي خيالي كما اعتدت ان افعل ولا حتى مقالا استعرض فيه قدراتي على فهم فلسفة الحياة إنما رسالة وربما خاطرة جاءتني حينما قرأت كلامها الذي ادمع عيني وأعاد لي ذكريات أليمة كنت اتمنى لو لم تكون، كلماتها الصعبة التي تحرك الصخر وتُنطق الحجر قد ايقظت في قلبي ما اعتقدت أنه مات.

لن أبالغ في حديثي عن المرض والمه فليس لي إلا أن أتذكر الآم عظامي الشديدة التي لا اقوى احتمالها بعد يوم عملي الشاق وحينها أبكي كما الأطفال، لا تسخرون مني ف اعرف كم انا ضعيفة كي احتمل وجعا من أي نوع ولكنها “مليكتي” البطلة والمحاربة، لعلي لا استحق شرف الكتابة عنها ولكني احاول، هي ومن يشاركها مصابها لا عزاء إلا أن اخبرها كم أنا اتمنى لو احمل عنها وعنهم جميعا ذاك الألم فلا يتألمون يوما ولا يدمعون ابدا.

نعم، نعم لا اعرفها كي افتديها وهي أيضا لا تعرفني ولكن عسى أن يفهم أحدكم أني انسان يؤذيه ويعذبه ما يعذب شقيقا له على ارض الدنيا التي مات فيها وفينا أجمل الاحاسيس، ف عساي ان أكن سببا ضئيلا في ابتسامة على شفتيها وعساي ان ادعو لها بظهر الغيب حتى يشفيها الله وتعود كما كانت بل وأفضل،

وها أنا ذا لاول مرة أكتب كما اكتب دون أن افكر، ليست محاولة مني أن امس فيكم ما ليس فيكم ولا ان ابتذل كلمات براقة لابهار احدا، فما عاد الامر شعرا أو تأليفا وإنما حياة انسان توجعه نظرات الشفقة في عيونكم وهو أغلى ما يكون بذاته وأرفع احتياجا عنها وعنكم.

محاربة المرض

معذرة فليس لدى تفاصيل دقيقة كي اصف لكم “مليكتي” لكني على يقين أنها لا تحمل في قلبها سوى حبا للجميع، هي حقا لا تعرفني ولا تقرأ كتاباتي وربما لن يسعها الوقت كي تقرأ كلماتي عنها ولكني سأكتب ربما لتعرف الدنيا كم كانت تتألم “مليكتي” في حين يلهو من يلهو ويرحل من يرحل، ربما وددت لو اعطيها من وقتي قدرا أكبر من مجرد أن أقرأ رسالتها وانصرف عنها كأن شيئا لم يحدث، فكم فعلت كلماتها في نفسي واصابتني وجعا، ربما لا استطيع ان اعطيها سوى كلمات لا احترف نقشها لأن الحروف التي تنقش ليست كافية، فهي في النهاية حروف صماء لا تكسوها المشاعر، فيا حروفي وكلماتي الضعيفة ارجوكم ان تُسعفوني كي أرسل لها رسالة إنسان كان صادقا حينما قرأ ما كتبت وهو الآن يرجوكم أن تخبروها أنها ليست وحدها وأن أحدا لا يعرفها قد أحس بها وهو يكتب من أجلها،

فيا “مليكتي” التي لا اعرفها، استمري قوية، فالمرض أمامك لن يقوى ، يا “مليكتي” التي لا اعرفها، لا تعبئي بمن رحل فالعبرة بمن بقى، يا “مليكتي” التي لا اعرفها كم كان عظيما أن اكتب عنكي.

فيديو مقال مليكتي

أضف تعليقك هنا

إيمان النفيلي

إيمان النفيلي
كاتبة حرة، باحثة في مجال اقتصاديات السعادة ومدربة بالنقابة العامة لمدربي التنمية البشرية.