إلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني مغيب عما يجري؟

تحدي صفقة القرن

يقف الشعب الفلسطيني اليوم أمام تحد كبير وهو صفقة القرن التي يلوح بها ترامب، وبدأ مع إسرائيل بتطبيق بنودها غير المعلنة رسمياً وأبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والكنيست الإسرائيلي يقر قانون القومية اليهودية الذي يحرم غير اليهودي من حقوقه المشروعة في أرض فلسطين التاريخية التي جعلها القانون ملكاً لليهود، في هذه الأثناء ينشط الحديث بل الحراك حول هدنة مرتقبة بين حركة حماس وإسرائيل.

رغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من معاناة استمرت منذ اثني عشر عاماً تخللها ثلاثة حروب دمرت البنى التحتية، وأكلت الأخضر واليابس وراح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى وانتهى المطاف بمسيرات العودة التي استشهد فيها أكثر من مائة وخمسين شهيداً، وآلاف الجرحى منهم من أصيب بحالات بتر في الأرجل والأيدي، كل ذلك استغلته إسرائيل للضغط على الشعب الفلسطيني في غزة التي تديرها حركة حماس لفرض هدنة تضمن أمن إسرائيل مقابل تسهيلات إنسانية وممر مائي خارج حدود غزة وبمعنى أدق خارج حدود الدولة الفلسطينية، هذه الهدنة التي تراها إسرائيل السبيل تجاه ضمان أمنها، ومن ثم الدخول بمفاوضات لإطلاق سراح جنودها المأسورين في غزة.

لا أحد يسعى للحرب، ولا أحد يكره العيش بسلام، والشعب الفلسطيني طواق لأن يرى الفصائل الفلسطينية موحدة ومجتمعة على موقف واحد وموحد، وهذا هو الأهم والحلم الذي يراه الشعب الفلسطيني في منامه على أمل أن يتحقق يوماً ما، ولكن هل سيأتي هذا الصباح الذي سيستيقظ فيه ويرى حكومة واحدة وبرلمان فلسطيني واحد يجتمع تحت قبته كافة أطياف ومكونات الشعب الفلسطيني؟.

تعدد مواقف الفلسطينيين من الهدنة

خلافات شديدة نشهدها حول الهدنة التي هي مطلب للكل الفلسطينين، ولكن وفق محددات متفق عليها من الجميع دون المساس بالحقوق السياسية والسيادية للشعب الفلسطيني على أن تكون هذه الهدنة من بوابة المصالحة الوطنية دون الفصل بين المصالحة والهدنة المرتقبة، ولنكون أقوياء في مفاوضات الهدنة أو أي مفاوضات مع الاحتلال علينا أن نكون موحدين ونفاوض تحت العلم الفلسطيني، لا أن يكون التفاوض تحت راية فصيل دون الآخر، فإسرائيل اختارت الوقت المناسب لإحراز الهدنة وهو غياب المصالحة بهدف تعزيز حكم حركة حماس في غزة من خلال تقديم التسهيلات الاقتصادية ورفع الحصار وضخ أموال استثمارية من بعض الدول العربية، وبالتالي يكون اكتمل فصل من فصول صفقة القرن، وتم فصل غزة عن الضفة دون إدراك فلسطيني لذلك رغم أن هناك إجماعا فلسطينيا على رفض هذه الصفقة.

تسعى أمريكا واسرائيل إلى تدمير القضية الفلسطينية بكل جوانبها، وهذا يتطلب الوقوف في وجه المؤامرة التي تحيكانها معاً بمساعدة أطراف إقليمية أخرى، حتى وصل الحد بأمريكا بقطع مساعدتها لوكالة الغوث التي تقدم مساعداتها لأكثر من أربعة ملايين فلسطيني في فلسطين والشتات بهدف وأد حق العودة وطمس قضية اللاجئين، مما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني ليقبل ما هو قليل ولم يرتق لأدنى حد من مطالب شعبنا وتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى مسألة إنسانية فقط.

من حق الشعب الفلسطيني أن يعرف

خلاصة القول تريد أمريكا وإسرائيل استمرار الانقسام الفلسطيني وإبرام هدنة بين حركة حماس وإسرائيل وحصرها فقط في غزة مقابل احتياجات إنسانية فقط بعيداً عن تقديم أي حق سياسي للشعب الفلسطيني، وبعد تثبيت الهدنة تواصل إسرائيل سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وهدم القرى الفلسطينية في القدس على غرار الخان الأحمر، لأنها نجحت في الفصل بين غزة والضفة حتى أنها نجحت أيضاً في الفصل بين أسباب المقاومة والرد على الاعتداءات.

من جهة أخرى يجب أن يعرف الشارع الفلسطيني ما يدور في الغرف المغلقة من مفاوضات الهدنة لا أن يبقى مغيباً ورهينة للأخبار والتصريحات التي يطلقها قادة الاحتلال والمصادر الخاصة والمصادر الموثوقة واجتهادات وسائل الاعلام، فليخرج مسؤول فلسطيني من الغرف المغلقة ويقول للشارع الفلسطيني ما يدور حول الهدنة والمصالحة، وهل مباحثات القاهرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمباحثات المصالحة أم أنها مغيبة كما الشعب مغيب عما يجري.

فيديو مقال إلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني مغيب عما يجري؟

أضف تعليقك هنا

أحمد يونس شاهين

أمين سر الشبكة العربية لكتاب الرأي والإعلام