تضييع العلم وأثره على مستقبل الوطن العربي

نظرة الغرب الدونية إلى العرب

من واقع عملي بالتدريس فى أمريكا، وكباحث فى السلام ودراسات الشرق الأوسط وحقوق الإنسان، وفي مشروع تعليمي، طلبت من طلابي أن يحاولوا جمع أكبر قدر من المغالطات الموجودة عن العرب، وكنا بصدد إنتاج فيلم لإسقاط الصور النّمطية السيئة عن العرب والمسلمين وطلبت منهم -إن أمكن- التواصل مع شخصيات عربية فى الجامعات الأمريكية، وكذلك العرب المقيمين بأمريكا وأوروبا وأي شخص زار دولة عربية.

 قصة عن طالبة تغير نظرة أحد الطلاب الغربيين الدونية إلى العرب

ومن جانبي أردت المساعدة ففكرت أن يتحدث مع طلابي هنا طالب أو طالبة من طلابي بمصر، ففكرت فى أن أختار أحد طلاب مدرسة المتفوقين بالإسماعيلية بمصر، وهي أخر مدرسة شرفت بالعمل بها قبل سفري وأردت بطريقة عملية أن أثبت أن للفتيات فى بلادي الحق فى التعبير خلاف ما يسمعون فى الإعلام هنا.

فوقع اختياري على طالبة محترمة وعقليتها ممتازة ولغتها الانجليزية رائعة، فطلبت منها الحصول على موافقة والديها للتحدث وأن تتحدث معنا من منزلها وليس من المدرسة لأسباب تتعلق باحترام إدارة المدرسة، ولجعل هذه المحادثة شخصية وغير رسمية، وبالفعل فى الموعد المتفق عليه تحدثت هذه الطالبة المصرية وهي من محافظة القاهرة مع القليل من الطلاب هنا صوتياً (أونلاين).

وكنت بعيداً فى قاعة أخرى لأسمح لهم بخصوصية تمكنهم من التحاور بحرية ومن حين لأخر ألقي النظر فأجد الطلاب الأمريكيين صامتين تماماً، وبعد نهاية الحديث أتى الطلاب، فسألني أحدهم وهذا الطالب مشهود له بالنبوغ العلمي وقد التقيت بوالدته والتى تعمل أستاذه بجامعة (وسكونسن) الأمريكية وقال لي: هل حقاً هذه طالبة مثلنا يا أستاذي؟ فضحكت وقلت له: نعم وتقريباً أصغر منك بعامين, فقال لي: وأنا أستمع اليها كنت أشعر بأنني أستمع إلى عالمة بارعة فصيحة، لا يا أستاذي أنت تمزح معنا فنحن ندرس المواد العلمية بغزارة وأنا أقرأ كثيراً ولم أستطع حتى الوقوف على أبعاد علمها الغزير…, هذه الكلمات جعلتني أشعر بالفخر والفرحة لدرجة أن شعر رأسي تصبب عرقاً..

حقيقة تقدم العرب في المجال العلمي

لقد عملت فى مدرسة المتفوقين لفترة قصيرة وكانت مادتي مادة ثقافية فالتركيز فى مدارس المتفوقين “ستيم” يكون على العلوم والرياضيات أكثر وبصدق كنت أرى فى مشروعات (كابستون) بالمدرسة علماء بمعنى الكلمة…

أنا أذكر هذا الموقف لأبين أننا بصدق بحاجة لدعم طلابنا فى الوطن العربي، وخصوصاً هذه الفترة ولنترك الحكومات جانباً فلا أمل فيهم.

اهتمام إسرائيل بالتقدم العلمي واللامبالاة عند العرب به 

تعامل كل من العرب وإسرائيل مع براءات الاختراع  

فمن الأشياء التي اكتشفتها أن براءات الاختراع فى بلادنا العربية تكاد تكون معدومة بسبب الفساد الإداري والمحسوبية وغياب العدالة وبالدليل سأذكر مثال:

عام 2010 سجلت إسرائيل 16806 براءة اختراع فى مقابل 836 براءة اختراع فى البلدان العربية جميعاً … هل أنت متخيل أن دولة صغيرة مثل إسرائيل تسجل 20 ضعف براءات اختراع الأمة العربية بأكملها؟!

وفى عام 2015 مثلا سجلت إسرائيل 35900 براءة اختراع مقارنة بـ “275 مئتين خمس وسبعون” براءة اختراع لأكبر دولة عربية وهي مصر… بمعنى أنها تتفوق على مصر بحوالي 130 مرة فى هذا الصدد، وهذه كانت كالصاعقة عندما علمتها.

ولكن منذ زمن وأنا أعلم أن شبابنا يخترعون وأبحاثهم يتم إلقاؤها فى أدراج المكاتب دون اهتمام، ويمكنكم البحث على الانترنت للتأكد من صحة وصدق هذه البيانات فقد وجد أحد طلابي وهو مسلم أمريكي الجنسية من أصول آسيوية أن حوالي 25 موقع موثوق به على الانترنت ترى أن العرب قد تخلوا عن العلم وفقط ينشرون الكراهية نحو الآخر من خلال الإعلام والأفلام دون عمل واهتمام بالعلم والاختراعات الخ…

براءات الاختراع فى بلادنا العربية تكاد تكون معدومة بسبب الفساد الإداري والمحسوبية وغياب العدالة

بعض من إنجازات إسرائيل في تقدم العلم 

إسرائيل دولة تنفق أكبر نسبة من ناتجها المحلي على البحث العلمي وافتتحوا رسمياً مركز حيفا التقني والمشهور بـ (التخنيون) عام 1924، والذي تم طرح فكرته فى برلين عام 1907، وتم وضح حجر الأساس له عام 1912 وكان يهدف لتلبية احتياجات دولتهم من العلماء والمهندسين بعد إعلانها، بمعنى أنه حتى قبل أن تقوم لهم دولة ووطن وقبل موجات الهجرة اليهودية لفلسطين أن تكتمل.

وذات مرة تم دعوتي لمؤتمر عن مشكلة المياه فى العصر الحديث ففوجئت بذكر إسرائيل كدولة بها أرخص وأدق تكنولوجيا تحلية مياة فى العالم، ما نحن فيه من تخلف وفساد سببه الرئيس إهمالنا للعلم والعلماء بخلاف تلميع الفاسدين والساقطين…

أخشى أن يأتى اليوم الذى يقوم به الإعلام العربي بإقناعك باستقدام علماء من إسرائيل لمساعدة البلدان العربية….وأخشى أن تضع إسرائيل أقدامها فوق رقابنا بالعلم مستقبلاً فنحن فى عصر لا يصنع فيه القوة سوى العلم والعدل.

دور العلم في تقدم الأمة

هذا هو سر مناداة الجميع بالتغيير وهذا ما يجعل الحقوقيون مثلاً ينادون دائماً بدعم العلم ونشر قيم العدل، لا يوجد حل أخر كي يكون لنا مستقبل بين الأمم..

وبكل مصداقية يرفض عقلي مبدأ أن الوقت تأخر لأن العلم والعدل يصنعان المعجزات مع توافر دعائم الرحمة و الإنسانية أيضاً، لن نحمي أرضنا بالدعاء والشتائم ولن نصنع حضارة بتملق ونفاق الحكام وإنما بالعلم والعدل والعمل…

العلم والعدل يصنعان المعجزات

د. محمود حجازي، باحث فى دراسات الشرق الأوسط وحقوق الإنسان بالولايات المتحدة الأمريكية

المراجع:

    • بعض الروابط للتأكد من صحة البيانات الواردة بالمقال
    • library.iugaza.edu.ps/thesis/117524.pdf
    • ershad.co.il/new/view.asp?n=53
    • uspto.gov/web/offices/ac/ido/oeip/taf/cst_all.htm
    • elderofziyon.blogspot.com/2010/01/israelis-have-16805-patents-arabs-have.html

فيديو مقال تضييع العلم وأثره على مستقبل الوطن العربي 

أضف تعليقك هنا