فخ العلماء

هل قصدت الشريعة أن يتفوق الإنسان في علوم الشريعة فقط أم حثت على التفوق في مختلف العلوم؟   

” أجمع علماؤنا على أن كل ما ورد في الكتاب والسنة عن فضل العلم والعلماء إنّما يُقصد بهاعلماء الشريعة ” “قاعدة” سمعتها من مشايخنا وسمعها غيري منذ أكثر من ثلاثين سنة، وهكذا تجذرت نظرتنا لبقية أقسام العلوم والمعارف.

ولما تقدم بنا العمر ودخلنا معترك الحياة، وتداخلنا مع مختلف الثقافات وتوسعت نظرتنا للعديد من جوانبها، تبين أننا -المسلمين-مطالبون شرعا بالقيادة والريادة، مطالبون أن نكون قادة لا مقودين،ساسة لا مسوسين،موجّهين لا موجَّهين، وهذا يتطلب أن نتسلح بمختلف العلوم وشتى أصناف المعارف والمهارات، ثم جاء هذا السؤال في خاطري: إذا كان المطلوب (الريادة)، فإنه يستلزم التفوق في مختلف العلوم، فكيف يكون الحث على العلوم الشرعية فقط، وفي كل النصوص؟

لقد عاصرت بعض المجتهدين والموهوبين والعباقرة في فن من فنون العلوم غير الشرعية، لكنه تركه واتجه للعلم الشرعي طلباً لزيادة الأجر بناءً على ما ورد في فضل العلم، مما كان سبباً في عدم استفادة الأمة من مواهبه وقدراته، وبعد عدة سنوات قررت البحث في آيات وأحاديث فضل العلم، ففوجئت بما وصلت إليه، وسأكتفي بذكر مثال واحد فقط على النتيجة، ولعلك تشاركني التأمل ولك الموافقة أو المخالفة:
ما جاء في فضل العلم قوله تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر/28 .

وسأنقل لك – أخي القارئ- شيئاً مما قاله بعض المفسرين في هذه الآية، وأنت الحكم: “ومما سبق يتبين لنا أن العلماء الذين يقرؤون آيات الله المنزلة في كتابه العظيم والذين يتأملون في آيات الله المبثوثة في هذا الكون هم الذين يخشون الله حق الخشية ويقدرونه حق قدره”. اسلام ويب فتوى رقم 21642 “والآية سيقت للحث والتحريض على النظر في عجائب صنع الله تعالى، وآثار قدرته ليؤدي ذلك إلى العلم بعظمة الله وجلاله، ويؤدي العلم إلى خشية الله تعالى. “الزمخشري”

كل من كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية

“والعلم إما علم شرعي، وهو علم الأحكام الحلال والحرام والواجب والسنة… الخ. أو علم الكونيات، وهذه الآية وردت في سياق الحديث عن آيات كونية ولم يُذكر قبلها شيء من أحكام الشرع لذلك نقول إن المراد بالعلماء هنا العلماء بالكونيات والظواهر الطبيعية، وينبغي أن يكون هؤلاء هم أخشى الناس لله تعالى لأنهم أعلم بالآيات الكونية في الجمادات، والنبات، وفي الحيوان، والإنسان، وهم أقدر الناس على استنباط ما في هذه الآيات من أسرار لله تعالى” محمد متولي الشعراوي.

“فكل مَنْ كان بالله أعلم ، كان أكثر له خشية ، وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء مَنْ يخشاه، وهذا دليل على فضل العلم، فإنه داعٍ إلى خشية الله، وأهل خشيته هم أهل كرامته” ابن سعدي.
والحاصل: أن الفاعل في الآية هم العلماء. ومعنى الآية: أن الله تعالى لا يخشاه أحدٌ إلا العلماءُ، وهم الذين يعرفون قدرته وسلطانه. “الإسلام سؤال وجواب”

قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لا يَخْشَاهُ إلا عَالِمٌ، فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ” فتاوى ابن تيمية 17-21. أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم، والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.

الكثيرمن الآيات تؤكد أهمية العلم دون أن تحدد نوعه

وغيرها كثير مما يحمل المعنى نفسه، ويمكن تقسيم ما ذكرناه على قسمين: 1. القسم الأول: صرّح بأن المقصود في الآية العلم بمعناه العام وليس العلم الشرعي فقط. 2.القسم الثاني: ذكر العلم ولم يفصل في تحديد نوعه.

نعم قد يوجد صنف ثالث يقول إنَّ المقصود هو العلم الشرعي، لكني ذكرت ذلك لأدلل على عدم وجود الإجماع: أن كل ما ورد في فضل العلم فالمقصود به العلم الشرعي. دعوني أعترف ربما كان الخطأ مني في فهم “القاعدة” ولم يقصد علماؤنا ذلك، وأرجو أن أكون بدأت بالتصحيح.
فهل أنت مثلي أو كنت مثلي؟.

فيديو مقال فخ العلماء

أضف تعليقك هنا