يا ليتها لم تزح النقاب عن وجهها!

المجتمع والنقاب

لا طالما كان النقاب ملفت للآخرين، فالبعض ينظر إليه مستغربا لا يفضل أن ترمقه عيناه أو أن تقترب منه تلك الفتاة، والبعض لا يكن له أي شيء، فهو يتناوله كأي نوع من الثياب لكل حرية الارتداء، وآخرين يميلون إليه من وجهة دينية، لا طالما كانوا لتلك الفتاة مفضلين.

ولكنهم للأسف جميعاً خاطئين، فتلك النظرات لم تتعدى الحاجز لتبرهن لنا أن حكمنا كان علي يقين، فجميعهم وقفوا أمام الستار مذهولين وأخذوا يصدرون الأحكام بناءً على خلفية عامة وضعها آخرين، فتلك النظرات لم يكن مقدر لها يوماً أن تتوقف عند ذلك الحاجز، فإصدار الحكم لم يكن يوماً بناء على ذلك الرداء الحصين، بل كانت موجهة لما يقبع خلفه من لسان ينطق كلمات تعبر عن عقل خلف حجاب مستتر، لحركات ثغر حين ينبضوا بضحكات محيرة لا أدري أكانت صادقة أم أصوات متصنعة يخفيها ذلك الستار عن عيني.

أما عن هاتين العينين فهما في الحقيقة أخطر شيء، فهما في كل الأحوال كانتا يمثلان عنصر الجذب، الذي لا طالما كان يدفعني لكي أتمادي وأزيل ذلك الستار لأري حقيقية ذلك الجمال الظاهري القابع في بؤرتهما، وعلي الرغم من رغبتي في معرفتها لكني متيقن أنها في كلا الأمرين أسهما موجهة إلي، ففي صدقها جمال يغزوا العينين كرغبة في استنشاق قطرات عطرا تهاتف عليها حرث من القوم، وفي تدني أمرها حزناً بني له بيتاً بين شرايين القلب…فكيف أصدرتم حكماً وأنا مازلت تائها بين عالمين:أحدهما ظاهر ولكن لا يوحي لي عنها بشيء، والآخر يقبع خلفه لا أكادوا أري خيطا يوصلني إليه.

فتيات النقاب

” لا يسعني أن أنسى ذلك اليوم عندما كنت أعمل في أحد حقول العنب وكانت تعمل معنا بعض فتيات العرب -تلك الفتيات اللواتي لا يركبن سوا عربة مغلقة سبيلهم للخروج منها باب صغير في مؤخرتها، يصحبهن حارس يجلس بجوار السائق في المقصورة وكلاهما من أل بيتهن، يرتدن نقابا لا يزاح عن وجوههن، مقيدة حريتهن فليس لهن أن يخضن حديثا مع الآخرين أو أن يمسكن هاتفا كما تفعل باقي الفتيات ليسمعن بعض الأغاني أو الآياتن فهن يعلمن أنه إذا فعلن وعلم الحارس سيمتعض وجهه ولن يكون ذلك بالأمر اليسير.

كنت أثناء العمل أنظر إلى أعينهن من بعيد فلا أري سوا لمحات حزنا مرتسمة في مقلة الأعين توحي بذلك وأمور أخري لا أستطيع أن أتبينها من بعيد، ولكن على الرغم من علامات الحزن المتلقلقة علي تلك الدموع الرقراقة المتجمدة علي بياض أعينهن، إلا أن تلك الأعين كانت تبعث بجمال أخاذ يأسر قلبي فتأبي عيني النزوح عن ترصد أعينهن.

علي هذا المنوال إستمر الحال- الي أن تشأ الأقدار أن ننتقل الي مكان آخر بعيداً عن مكان عملنا وبعيدا أيضاً عن أعين الحارس التي تترصد الفتيات، فما إن ننتقل إلى هذا المكان حتى تشعر الفتيات أنهن نلنا حريتهن وصرن قادرين على فعل ما يحلو لهن فيزلنا النقاب عن وجوههن …… ويا ليتهن لم يزحنه، ويا ليتني لم أكن معهن، وبقي قلبي أسيرا لذلك الجمال الذي استوحاه عقلي من ترصد أعينهن..”

فيديو مقال يا ليتها لم تزح النقاب عن وجهها!

أضف تعليقك هنا