الأمم المتحدة، باب النجار مخلّع؟

واقع النظام العالمي

هل يمنع النظام العالمي الحالي نشوب حرب عالمية ثالثة أم يمهد لقيامها‏؟! هل ينجح ترامب في فرض قانون الغاب، أنا ومن بعدي الطوفان؟! ‏أثبت النظام العالمي الحالي فشله الذريع بما آلت إليه الأوضاع حول العالم من ‏تدمير وخراب وقتل وتشريد، كنتيجة حتمية لنظام تأسس ” بلا ضمير ” منذ ‏البداية بعقلية عصبة الأمم، لمراعاة مصالح الدول الكبرى دون أن يقيم وزنا لحقوق الضعفاء! ‏وإطلالة سريعة على الأرقام تكشف لنا كيف ساهم النظام العالمي في نشر ‏الصراعات حول العالم.

حيث يضطر 44.400 شخص للفرار من ديارهم يوميا هربا ‏من الصراعات والاضطهاد و 40 مليون نازح داخلياً حول العالم و 25.4مليون ‏لاجئ و 3.1 مليون طالب لجوء و نحو 275 مليون طفل لا يرتادون المدارس ‏معظمهم في إفريقيا كما يوجد حوالي 10 ملايين شخص من عديمي الجنسية، ‏وقد حرموا من الحصول على الجنسية والحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية ‏الصحية والعمل وحرية التنقل.

الدورة 73 للجمعية العامة للأمم ‏المتحدة ‏

لقد شهدت الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة 73 للجمعية العامة للأمم ‏المتحدة شبه إجماع على ضرورة إعادة النظر في النظام العالمي القائم؛ وعبَّر ‏الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش عن إحباطه قائلا: “إن الناس يفقدون ‏إيمانهم بالكيانات السياسية القائمة، فيما يتنامى الاستقطاب والشعبوية، ‏وأصبح التعاون بين الدول أكثر صعوبة والانقسامات في مجلس الأمن ‏صارخة! مضيفاً: اليوم تزداد الفوضى في النظام العالمي. و علاقات القوى ‏أصبحت أقل وضوحا القيم العالمية تـتُقلص المبادئ الديمقراطية تُحاصر، ‏سيادة القانون تقوض.

أوضاع الأمم المتحدة اليوم أشبه ما تكون بعصبة الأمم ‏كما شبهها رئيس فرنسا ماكرون باعتبارها رمز الجمود مما دفعه بضرورة التقدم ‏بمبادرات جديدة بعيدا عن العقائد والتاريخ، وإعادة قدرة منظمة التجارة ‏العالمية على حل النزاعات بين الدول، منتقدا تركز الثروات في العالم ومشيراً ‏إلى أن الجميع يدفع الثمن يوميا جراء هذا الاختلال كما شدد على إعادة النظر ‏في أوجه القصور في النظام العالمي لإيجاد حلول للمشاكل، وعبّر عن عدم ‏قناعته بوهم شعب عالمي واحد! وانتقد الانقسامات في مجلس الأمن قائلا: “‏لقد حدت من قدرتنا الاجتماعية على الاستجابة للأزمات” وقد أعرب ‏ماكرون عن قناعة فرنسا بأن النظام الدولي الليبرالي يعيش أزمة عميقة و فشل ‏في التأقلم مع المشاكل الاقتصادية.‏

البترول مقابل الأمن!‏

في المقابل كان حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكأنه يفرض قانون ‏الغاب؟ قانون القوة الذي انتقده ماكرون في محاولة لوضع الولايات المتحدة فوق النظام العالمي ومصالحها فوق المعاهدات والاتفاقيات الدولية؟ فالعولمة ‏التي كانت في الأصل صناعة أمريكية، وركبت موجتها لتحقيق مصالح ‏سياسية واقتصادية وثقافية اليوم، حينما ارتدت عليها تريد التنصل من كافة ‏مسؤولياته ليس هذا فحسب، بل وإقناع العالم بحق الولايات المتحدة في أن ‏تصبح دولة مارقة بدعوى حماية المصالح الأمريكية ترامب الذي شنّ حربا ‏اقتصادية على الاتحاد الأوروبي والصين والروس يريد من دول أوبك أن ‏تمنحه ثرواتها البترولية مقابل الأمن!.

لكن ما هي رؤيا أميركا للنظام العالمي الجديد؟ يكشف ترامب عن ملامح ‏هذا النظام بخروج بلاده من مجلس حقوق الإنسان حتى يرضخ لشروطها كما ‏يرفض الامتثال لمحكمة الجنايات الدولية طالما طالت العدالة رعاة البقر؟ وفي محاولة للتصدي لمحاولات اختطاف النظام العالمي وزيادة النظام الدولي ‏توحشاً، طالب رئيس تركيا أردوغان الأمم المتحدة بالتصدي لما أسماه ‏محاولات إلغاء الاتفاقات التجارية من جانب واحد، مؤكدا على احتياج العالم ‏الآن أكثر من أي وقت مضى لقيادة عالمية ومسؤولية مشتركة، بعد أن ‏أصبحت الأمم المتحدة بمرور الزمن بعيدة عن تطلعات الإنسانية المتمثلة في ‏السلام. الأمر الذي يحتم إجراء إصلاح شامل في بنية مجلس الأمن والأمم ‏المتحدة. والذي أصبح مطلبا ملحاً لإنشاء نظام إدارة عالمي يساعد المظلومين، ‏ويساعد الفقراء ولتكون الأمم المتحدة أكثر فعالية في مجالات الأمن والتنمية ‏والمساواة.

فيديو مقال الأمم المتحدة، باب النجار مخلّع؟

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان