التسلسل الزمني للأحداث التي حلت بفلسطين من 1897 إلى 1948

أمضيت العديد من الأوقات خلال الأعوام الأخيرة و أنا اتمعن في مقولة خالدة لأحد أعظم الشخصيات في التاريخ، مقولة تكتب بأحرف من ذهب، مقولة تدل على عزة النفس و نبل المنبت لهذا البطل الذي هضم حقه كثيراً من الجميع : ((لن أعطيك شبراً من هذه الأرض فهي ليست ملكي بل ملك شعبي، نحن ما أخذنا هذه الأراضي إلا بسكب الدماء و القوة ولن نسلمها لأحد إلا بسكب الدماء و القوة، والله لان قطعتم جسدي قطعة قطعة لن اتخلى و لو عن شبر واحد من فلسطين)) هذه الكلمات المتوالية كانت بداية لحقبة جديدة كانت الدولة العثمانية على رأسها هذا البطل العظيم السلطان عبدالحميد الثاني بشكل عام، و فلسطين بشكل خاص تحت سطوة القدر، كانت بداية حقبة من الدمار المتلاحق الذي أصاب فلسطين في مقتل وسط خيانة عظمى كان أبطالها هم العرب! نعم عزيزي القارئ قد تكون صدمة كبيرة بالنسبة لك، لكن حتى نزيل الضباب عن الأحداث تتبع معي بقية المقالة.

 

هرتزل و بداية نشاطه في الحركة الصهيونية

في العام 1897 قام الصحفي النمساوي المجرم ثيودور هرتزل بدعوة اليهود في جميع أنحاء العالم للمؤتمر الصهيوني الأول في بال تم التوصل من خلاله إلى تحديد وطن يلم شمل اليهود و وقع الاختيار على بلدنا الحبيبة الجريحة، كما تم تحديد علم لهذا الكيان المزعوم و شكل هذا العلم كما نراه اليوم و هو يدل على أن هذا الكيان يمتد بين نهرين هما النيل و الفرات، علماً أن رجال الدين اليهود كانوا معارضين تماماً لجميع أفكار المؤتمر.

إذ إن اليهود في كتبهم المقدسة لديهم عقيدة تسمى تحريم العودة إلى أرض الميعاد و هي فلسطين، و يؤمنون أن العودة إلى فلسطين ستكون بعد عودة المسيح المنتظر وفقا لزعمهم الذي سيجعل البشر عبيداً لهم، و سيجعلهم أسياد الأرض، و سيرجعهم إلى أرض الميعاد ، أما عن ثيودور هرتزل فلم يكن متدينا أصلا و كانت زوجته و أولاده معتنقين للديانة المسيحية و قال عن نفسه : ((اضطررت لأداء الصلاة اليهودية للمرة الأولى في المؤتمر الصهيوني الأول مجاملة في حاخامات اليهود كما أني بذلت جهدا في تعلم بعض الكلمات العبرية أكبر من الجهد الذي بذلته من أجل الحركة الصهيونية)).

توجه هرتزل للزعماء السياسيين

ما بين 1899 و 1901 أدرك ثيودور هرتزل بعد رفض العديد من السياسيين الأوروبيين و كذلك الكثير من رجال الأعمال و أصحاب رؤوس الأموال اليهود لفكرة دعمه مادياً من أجل مشروعه، و في هذا الخصوص قال أغنى رجل في العالم وقتها روتشيلد و كان من يهود بريطانيا : ((أن هرتزل و من معه ليسوا سوى مجموعة من الصغار و الشحاذين))، قرر عندها هرتزل أن يتجه لقوتين كبيرتين في العالم ، الإمبراطورية الألمانية بزعامة فيليام الذي وعد هرتزل بأن يساعده، لكنه لم تبدو عليه بوادر الموافقة من الأساس على الرغم من وعده و بالفعل لم يقدم مساعدة ملموسة، أما القوة الثانية فهي الدولة العثمانية، حاول هرتزل التفاوض كثيرا مع السلطان عبدالحميد الثاني، و وعده بأن يدفع ديون الدولة كاملاً، و يخلصها من العجز المالي الذي ظل ملتصقاً بها منذ أكثر من مائة عام و لكن رد السلطان عبدالحميد الثاني الذي ذكرناه في مقدمة مقالتنا جعلته يدرك أن لا فائدة من المحاولة، و هذه هي وثيقة رفض السلطان لبيع فلسطين باللغة العربية: https://www.kooora.com/

بداية النهاية و عزل السلطان عبدالحميد الثاني

من أقوال ومواقف السلطان عبدالحميد الثاني
من أقوال ومواقف السلطان عبدالحميد الثاني

في العام 1908 في هذه الأثناء ظهر تنظيم سياسي كان له دور كبير بما سيحدث في قادم الأحداث، (عرف هذا التنظيم بجمعية الاتحاد و الترقي)، علما أن هذه المنظمة كانت سرية و أنشئت قبل هذه الفترة و كانت تحت اسم جمعية (تركيا الفتاة) و لكنها تحولت لتنظيم سياسي في عام 1906، كان يترأسهم مجموعة من باشوات الدولة العثمانية على رأسهم أنور باشا، و كانوا يهدفون لمنع السلطة المطلقة للسلطان العثماني، في عام 1908 اضطر السلطان عبدالحميد الثاني لإعلان الدستورية، و إنشاء مجلس برلماني بعد الضغط الذي تعرض له من رجال الدولة و كذلك (جمعية الاتحاد و الترقي)، و عندما أدرك أنه قد فقد نفوذه و استقلاليته، و أنهم استولوا على نظم الحكم في الدولة، قرر عزل نفسه من كرسي الحكم و ذلك في عام 1909، و هنا حدثت المصائب المتلاحقة!

الحرب العالمية الأولى

من عام 1910 إلى 1914، بدأت بوادر الحرب العالمية تلوح في الأفق بعد المناوشات المستمرة التي حدثت بين روسيا و فرنسا و بريطانيا و ألمانيا، حيث استطاعت روسيا خلال القرن الذي سبق الحرب أن تقلص المسافة بينها و بين هذه الدول، و ذلك بعد سيطرتها على معظم دول البلقان، و سيطرتها على عدة مناطق من الدولة العثمانية، و كانت تطمع لزيادة توسعها في الأراضي الأوروبية، و السيطرة على عدد من المضائق المائية التي كانت في عهدة بريطانيا و فرنسا و ألمانيا كذلك، لذلك خلقت الكثير من المشاكل السياسية بين الدول القابعة تحت ذمة هذه الإمبراطوريات.

و انتهت باغتيال ولي عهد النمسا مما تسبب بنشوب هذه الحرب التي لا تبقي و لا تذر، أما ما كان من موقف السلطان عبدالحميد فقد دعا إلى الابتعاد تماماً عن هذه الحرب حتى يتسنى للدولة إعادة تعمير أراضيها بينما يقوم أعداؤها بتدمير أراضيهم، لكن القيادات المتحكمة بالدولة العثمانية بزعامة مصطفى كمال اتاتورك أبت إلا أن تدخل في هذه المعمعة.

دخول الدولة العثمانية للحرب و المسرحية الكبرى

من عام 1914 الى 1916 دخلت الدولة العثمانية في هذه الحرب ضمن صفوف دول المحور مع ألمانيا و النمسا و المجر، في هذه الفترة خاضت الدولة العثمانية صراعات ساخنة مع الإمبراطوريتين البريطانية و الروسية، و تلقت خسائر مفجعة جعلتها تستنزف أراضيها تباعاً قبل أن تحدث مسرحية كبرى من العيار الثقيل! نعم إنه الانتصار المصطنع على الإنجليز الذي نسب لمصطفى كمال أتاتورك، و على أثره خدع الكثير من الناس بهذه الشخصية، ليسوا من عامة الناس فقط، لك أن تتخيل أن الشاعر الكبير و أمير الشعراء أحمد شوقي قد مدحه بقصيدة كاملة كان مطلعها : (( الله اكبر كم في الفتح من عجب ….. يا خالد الترك خالد العرب )) و لكن عموما عرف الجميع صورته الإجرامية و لكن بعد فوات الاوان.

الثورة العربية الكبرى

في عام 1916 وقع الحدث المحوري الذي قلب كل الموازين رأساً على عقب، الثورة العربية الكبرى تحت قيادة الشريف حسين، الثورة التي جعلت مطامح الغرب تصل للعنان، قامت هذه الثورة بعد أن زين الجاسوس البريطاني ادوارد لورانس أو كما يعرف (بلورانس العرب) فكرة استقلال الدول العربية عن الحكم العثماني، و أن بريطانيا ستدعم الدول العربية في هذه المرحلة، و أنها ستكون في عهدة بريطانية حتى تصبح في مناص الدول المتقدمة، كنتيجة لهذه الثورة خرجت معظم الدول العرببة عن الحكم العثماني بما فيها فلسطين، لكن هل فعلا حدثت الوعود التي قدمتها بريطانية لزعماء الدول العربية؟ هل حصلت على استقلالية كاملة؟

سايكس بيكو !

في نفس العام بعد خور القوى العثمانية و إفلات يدها عن المنطقة العربية، حدثت اتفاقية سرية بين السياسيين، الانجليزي مارك سايكس و الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، عرفت باتفاقية سايكس بيكو، و كانت هذه الاتفاقية بمصادقة من الإمبراطورية الروسية قسمت خلالها المنطقة العربية بين دول الاستعمار و ذهبت فلسطين لصالح بريطانيا، و مما أثار السخط السياسي العربي أن هذه الاتفاقية كشفت عن طريق الخطأ في عام 1917 مما عرض إنجلترا و فرنسا لإحراج شديد خاصة أن البريطان قدموا في العام ذاته فلسطين لمصلحة اليهود عن طريق وزير الخارجية الإنجليزي ارثر بلفور، و عرف هذا الاتفاق (بوعد بلفور) لذلك أطلق على عمليات الاستعمار في هذه المرحلة اسم الانتداب لتخفيف وطأة الاعتراض و الاستهجان العربي.

ماجرى من أحداث مابين إنتهاء الحرب العالمية الأولى حتى عام 1948م

ما بعد عام 1918 انتهت الحرب العالمية الأولى بتوقيع معاهدة فرساي في 11/11/1918، و بعد ذلك في عام 1920 تم الكشف عن تقسيم سايكس بيكو في مؤتمر سان مارينو و كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني و انتهى هذا الانتداب في 14 من مايو عام 1948، حيث أعلن قيام الكيان الصهيوني المزعوم بعد أن استعانوا بالولايات المتحدة الامريكية، قامت بعد ذلك عدة محاولات لاسترجاع فلسطين، و كانت أولها أقواها، و كادت أن تنجح لولا تهاون القوات العربية بعد بدايتهم القوية، و في الصورة أدناه وثيقة قيام الكيان الصهيوني:

لنترك أحزاننا جانبا و لنتهيأ لإعادة حقنا

و بعد مرور 70 عام على احتلال أرضنا يجب أن نطرح عدة تساؤلات، أمن العدل أن يقوم أجدادنا بنزف الدماء من أجل هذه الأرض الحبيبة بينما نقوم نحن بالتخلي عنها بمنتهى البساطة؟ كم سلطاناً كعبدالحميد الثاني نحتاج حتى نسترجع هذه الأرض الحبيبة؟ من البطل القادم الذي سيحرر هذه الأرض المباركة ليوضع في سطر واحد مع عمر بن الخطاب و صلاح الدين الأيوبي بين الفاتحين، لا نستطيع القول إلا عسى أن يكون قريبا.

 

فيديو مقال التسلسل الزمني للأحداث التي حلت بفلسطين من 1897 إلى 1948.

أضف تعليقك هنا