القراءة السديدة لحادث الهجرة النبوية العظيمة

بقلم: أيوب الفزازي

خطأ الناس في فهم الهجرة النبوية

كثير من الناس وممن يحسب على المثقفين حينما يصلون إلى قراءة هجرة المصطفى والنبي المجتبى يقرؤونها قراءة سردية لوقائعها والاستمتاع بأحداثها وشحن الذهن بالمعلومات عنها فحسب، وكأن الغاية هنا منحصرة ومقتصرة، وهذا خلاف ما يراد منها. فالهجرة غايتها المثلى في استخلاص دروسها وعبرها التي تبصر الإنسان معالم الطريق المستقيم الخالي من العثار والعراقل التي تعطل سيره نحو الأمام والوصول إلى المبتغى، وكذلك هذه الدروس تعلمه الانطلاقة الصحيحة والأسس المتينة السديدة التي عليها العمدة في تحقيق الهدف والمقصد الأسمى، وهذا نجده بينا ومجسدا عمليا في هذه الهجرة العظيمة.

دروس مستفادة من حادثة الهجرة

وسنمثل لبعضها حتى نبرهن على قولنا ولا نتركه مجرد حديث فارغ. من ذلكم:

1- كتمان الأمور؛ نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- حرص على كتمان أمر الهجرة حتى يأذن الله له بذلك، فأخبر أبا بكر الصديق بها في وقت متأخر حتى يتجهز لذلك، وإن الاستعانة على قضاء الحوائج بالسر والكتمان هو من الحكمة والبصيرة التي تحقق الغايات والأهداف وتتمم المهام وتصونها من الفشل.
2-التوكل على الله والإيمان بمعيته وحفظه؛ فقد هاجر النبي-صلى الله عليه وسلم- مع صاحبه لا حافظ لهما في المفازة والصحراء المقفرة إلا الله سبحانه، وعلى الرغم من علم النبي بالبحث الجاري المتواصل عليهما والمكافأة الضخمة لمقتفي الأثر ولمتتبعي الخطا للظفر بهما لم يؤثر على عزيمته وتوكله على الله سبحانه وإيمانه، نجده-صلى الله عليه وسلم- يطمئن أبا بكر بكلمات وجيزة مليئة بالإيمان القوي بحفظ الله ومعيته” ما ظنك باثنين الله ثالثهما” فالمسلم ينبغي أن يتعلم من هذه الهجرة العظيمة هذا الدرس العظيم في التوكل على الله واليقين الصادق الصافي بالله، والإيمان بأن الأمة بأسرها لو اجتمعت على ضرره لن يصيبه من ذلك بشيء إلا ما قد كتبه الله عليه.
3-الصبر؛ كذلك من الدروس المهمة المستفادة من هذه الهجرة العظيمة الصبر والتحمل؛ حيث صبر النبي-صلى الله عليه وسلم-وصاحبه في سفرهما متحملان مشقته وشدته حتى وصلا إلى المدينة المنورة بأمن وسلام.
4-روح التضحية في سبيل المبدأ؛ خرج النبي عليه أفضل الصلاة والسلام تاركا وطنه مسقط رأسه، ومنبت غرسه، وأحب البلاد والبقاع إلى الله لهدف الدعوة إلى الله وإتمام رسالة الله في الأرض لإخراج الناس من الضلال إلى الهدى، ومن ظلام الشرك إلى نور التوحيد.
5-الحذاقة والحنكة والسياسة؛ من الدروس المهمة أيضا نتعلمها من هجرة النبي الكريم حسن التعامل مع الأمور العظيمة بالفطنة والحذاقة والسياسة المحكمة؛ هذا يتجلى حينما التقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بسراقة بن مالك فوعده بسواري كسرى مقابل أن يشتت أنظار قريش عنهم، وهذا غاية في الحكمة ونفاذ البصيرة.

لقد اقتصرت على هذه الدروس من باب التمثيل وتبصير القارئ الكريم إلى كيفية قراءة هذه الهجرة العظيمة والوقوف على دروسها العطرة التي فيها معالم الطريق للإنسان، ومصابيح هدايته في دجى الحياة.

بقلم: أيوب الفزازي

 

أضف تعليقك هنا