خصائص فِرَق العمل

تتميز فِرَق العمل المنظَّمة بالعديد من صفات تُميِّزها عن غيرها من مجموعات العمل الأخرى؛ فبعض العلاقات تتميز بالثقة والاحترام المتبادل بين جميع الأعضاء، وبعضها الآخر ينطوي على خلافات مستمرة وجدال لا ينقطع، وهذا يُعتبر طبيعياً، وأحياناً إيجابياً، والمهم في الأمر أن يتركز حول الموضوعات وليس الأشخاص، كما أنَّ تداول المعلومات بين الأعضاء في إطار عمل المؤسسة مُؤَشِّر إيجابي للعمل بمشاركة كافة أعضاء الفريق، وتمتاز بالوضوح والدقة، لا يوجد في مِثْل هذه المجموعات محاولاتٌ للنفوذ والسيطرة، أو اتخاذ القرارات الفردية، ولكن تعتمد على المعلومات والمشاورات التي يُجريها أفرادُ الفريق، وعلى أساسها تُتَّخَذ القرارات.

وفي هذه المجموعات أيضاً تتحدد السلطات على حسب الكفاءة في الأداء، والكل فيها لديه مسؤوليات محددة، والتي تعتمد على تبادل المعلومات ومشاركتها، وكذلك مبدأ التشاور والتفاوض.

ملامح إيجابية فِرَق العمل

يمكن التمييز بين الفريق الذي يعمل بإيجابية عن الآخر؛ من خلال النظر إلى أهداف الفريق الواضحة والمحدَّدة، والتفهُّم التامّ من الأعضاء لأدوارهم وتَقَبُّلهم لها، ووجود اتصال واعٍ بين كلِّ الأعضاء، الأمر الذي يُشجِّع على المناقشة والحوار، والتعبير الصريح عن الآراء والأفكار. وكذا معرفة جميع جوانب القوة والضعف لدى الفريق، وإدراك الفُرَص وتهديدات البيئة الخارجية.

كما تتميز فِرَق العمل الإيجابية بتوفُّر نظام تحفيزي على أساس جماعي وليس على أساس فردي، ونلاحظ هذا أيضاً في التعاطي الإيجابي مع الخلافات، والميل إلى النقاش البَنَّاء، والتعاون من أجل إنهائها، وبالتالي خَلْق مُنَاخ عملٍ مُريحٍ وبعيدٍ عن الرسميات، وما تسبِّبُه من توتُّر وعداء؛ فالزملاء في هذا الفريق هم أقرب إلى الأصدقاء الذين يتشاركون في اتخاذ القرارات التي تعتمد على إجماع الفريق، وإرضاء كافة الأطراف؛ الأمر النابع من الشعور بالمسؤولية والرقابة الذاتية لكلِّ فردٍ في الفريق.

سمات فِرَق العمل:

من أهم الخصائص التي تجدها في فريق العمل الناجح هو سعي كافة الأعضاء للمساهمة والمشاركة في النشاطات بشكل عام، والتعاون فيها من أجل الوصول إلى أهداف الفريق التي سبق وتحددت بناءً على مناقشات ومفاوضات أعضاء الفريق، ونجد أيضاً أنَّ أعضاء الفريق لديهم سمات مميزة تجعلهم أكثر تآلفاً مع مفهوم العمل الجماعي، مثل المرونة، وتقبُّل آراء الآخرين، والتنازل من أجل المصلحة الأكبر، ومراعاة شعور باقي الأشخاص، وكذلك الرغبة في الراحة والاستقرار النفسي بعيداً عن أجواء المشاحنات والتنافس السلبي.

كلُّ هذا يُشَكِّل لدينا فريقَ عملٍ ناجحاً لديه القدرة على تحمُّل المسؤوليات والمخاطر، وكذلك لديه استعداد لمواجهة الصعوبات والتحديات، والتصدِّي لنقاط الضعف، وابتكار خطط واستراتيجيات قادرة على تحقيق الأهداف في ظل حالة من التحفيز الجماعي.

وكذا يجب أن يلتزم عضو الفريق بالعمل بإخلاص لتحقيق أهداف المؤسسة، وهذا يَتَطَلَّب توافق أهداف المؤسسة مع أهداف الفريق.

ولذا من الجيد وجود تسهيلات إدارية والتعامل بمرونة مع الفريق الناجح، خاصةً مع حرص أعضاء الفريق على تقديم مقترحات لِحَلِّ أيّ مشكلات، وتسوية أيّ نـزاعات تحدث ضِمْن الفريق، ومَيْل أعضاء الفريق لتقديم معلومات للآخرين عن التخطيط، وحلّ المشكلات، وحرية التعبير عن المشاعر، وتفهُّم وجهات النظر.

أنواع فِرَق العمل:

هناك العديد من أنواع فِرَق العمل، والتي تختلف تصنيفاتها على حسب الأهداف التي شُكِّلَتْ من أجلها؛ فكل مؤسسة تسعى لتشكيل فريق عملٍ متخصِّص من أجل تحديات محدَّدة، وأيّاً كان نَمَط فريق العمل، أو تصنيفه؛ فالهدف الأهم لديه هو تحقيق أهداف المؤسسة التابع لها، ولكنَّ الفرق الحقيقي بين فرق العمل يكمن في خصائصها، والتي تتباين وتختلف كما يلي:

  • فريق الإدارة العليا

وهو فريق دائم ويتُشَكَّل مِن مديري الإدارات العليا، ويؤثِّر أداء هذا الفريق بشكل كبير جداً على فاعلية المؤسسة.

ومن أهم المهمات التي يقوم بها هذا الفريق هو وضع إطار واضح لكلٍّ من الرؤية والرسالة الخاصة بالمؤسسة، وكذلك وضع خارطة الأهداف والاستراتيجيات التي سيتم تطبيقها للوصول لهذه الأهداف، بالإضافة إلى التوصُّل إلى الفلسفة والسياسة التي ستتخذها المؤسسة، والتي ستكون بمثابة الموجِّه الأساس للعمل في المؤسسة، ومِن ثَمَّ تحديد مسؤوليات كل قطاع في المؤسسة، وشرح الضوابط الخاصة بكل قطاع تجنُّباً لتداخل القطاعات، وإنهاء أيِّ تعارُضٍ في الأهداف بين وحدة أو قطاع وغيره.

  • فِرَق العمل متعددة الوظائف

تتكون من مجموعة من الأفراد ممن يمتلكون المهارات والخبرات، يتم استقطابهم من الدوائر المختلفة ودَمْجهم معاً لأداء مُهِمَّات محدَّدة، ويُستخدم هذا النوع في المؤسسات التي تعمل في بيئة ذات تغيُّر سريع كشركات الاتصالات، والتكنولوجيا؛ وذلك بهدف تطوير مُنْتَج أو حلّ إحدى المشكلات، أو حتى دراسة وتقييم الفرص المتاحة، بالطبع يعمل الفريق تحت قيادة مدير واحد، وتقسم المسؤوليات بين أفراد الفريق، ولكنها في النهاية تتوحد من أجل تحقيق الأهداف الرئيسة للمؤسسة، والتي يجب أن تكون دقيقة، ولكن سريعة للوفاء بمتطلبات السوق والعملاء.

  • فِرَق دوائر الجودة

أو يمكن أن نطلق عليها دوائر مراقبة الجودة، وهي مجموعة من الموظفين يعملون في مجموعة واحدة بناء على قرارات إدارية، وكل فرد في الفريق هو متطوع، تجتمع هذه الفرق بشكل دوري من أجل مناقشة المشكلات وتحديات العمل، والخروج بحلولٍ وتوصيات، خاصةً ما يتعلق بقضايا الجودة أو مشكلات عمليات الإنتاج؛ بهدف تحسين المُنْتَج، أو تحسين مراحل الإنتاج لتقديم خدمة أفضل.

بدأت هذه المجموعات لأول مرةٍ في اليابان، وكانت عبارة عن تجمُّعات للمشرفين والعمال لمناقشة المشكلات ووضع الحلول، وكانت هذه المجموعات أحد أهم العوامل التي أدَّت إلى تطوُّر منظومة العمل في اليابان، وخلق قدرات تنافسية بين الشركات، وهو ما أدَّى إلى انتشار فكرة هذه المجموعات في مختلف أنحاء العالم من أجل تطوير منظومة العمل.

  • فِرَق العمل الموجَّهة ذاتياً

هم مجموعة من الموظفين يتم انتقاؤهم بعناية، لديهم القدرة على إدارة وتوجيه نشاطاتهم وأعمالهم من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة منهم؛ معتمدين في ذلك على أنفسهم. وَيَتَشَكَّلُ أعضاء هذه الفِرَق من كفاءات متقاربة يكونون مسؤولين عن العمل بصورة متكاملة، ولذا لا بد أن يتوافر لديهم المهارات الفنية والعلمية والإدارية والإنسانية، مع توافر الموارد اللازمة لتحقيق النجاح.

هذا النوع من الفِرَق مسؤول عن تحديد احتياجات الأعضاء، خاصةً التدريبية منها، ومِن ثَمَّ وَضْع برامج لتدريب الأعضاء؛ من أجل إكسابهم المهارات اللازمة للعمل قبل الدخول في أيِّ مهمة حقيقية، وغالبًا ما تُستخدم هذه الفِرَق في المنظمات التي تعتمد على الموظفين والعمال في المشاركة في عملية اتخاذ القرارات بدرجة كبيرة.

وتعتمد هذه الفِرَق على منهج محدَّد للتدريب والبناء السليم للفرق، والتي على الأغلب يتكون لديها العديد من الإمكانات التي تفيد العمل مثل تخفيض التكاليف والارتقاء بمستوى المنتج أو الخدمة المقدمة، وعمل جوٍّ إيجابي عن طريق المرونة بين أعضاء الفريق.

  • فِرَق العمل المُدَارَة ذاتياً

وهي عبارة عن مجموعة من الأفراد الذين يمتلكون عدداً من التخصصات المتنوعة، والتي لديها درجة كبيرة من التمكُّن، وعلى الأغلب يكون أعضاء هذا الفريق من المديرين، والذين يجتمعون أسبوعيّاً من أجل اتخاذ قرارات تتعلق بالمسؤوليات وجداول العمل والميزانية، وحل مشكلات الإنتاج، واختيار العاملين الجدد وتدريبهم.

  • فِرَق العمل الافتراضية

من أهم النتائج التي ترتبت على التطور التكنولوجي الكبير في عالم المعلومات ووسائل الاتصال، والتي انعكست بشكل واضح تماماً على أعمال وممارسات المنظمات منذ نهاية القرن الماضي، وحتى وقتنا الحالي، فهذه الفِرَق هي محاولة جادَّة لمواكبة التحديات الكبيرة، والانفتاح العالمي في عالم الإنترنت والاتصالات، وفي هذه الفِرَق تتحدد العلاقات بين الأعضاء على أساس المعرفة والخبرة والمعلومات.

ومن أهم مميزات هذا النوع من الفِرَق التشارك في المعلومات بين كامل أعضاء الفريق، وسرعة اتخاذ القرارات، واللامركزية حيث إن كل شيء يتم على شبكة الإنترنت، وكذلك سرعة الاستجابة وتحدِّي الزمان والمكان، وهو ما يُسْهِم بشكل أساسي في تحسين عمليات التخطيط والمشاركة، وتحديد الأهداف واتخاذ القرارات، وانعدام فكرة النفوذ والتنافس السلبي والمكانة الاجتماعية.

الخلاصة

أيّاً كان نوع فريق العمل، أو الهدف من تشكيله؛ يجب أن نَعِيَ أنَّ فريق العملِ أحدُ أهمّ العوامل التي تساعد في تحقيق أهداف العمل النهائية، ويجب أن نتعامل مع الأمر بحرصٍ شديدٍ، وأنْ نعرف أنَّ أغلب الشركات المتعددة الجنسية التي حقَّقت نجاحاتٍ عملاقة في العالم تعتمدُ على فِرَق عملٍ كبرى متنوعةٍ ومختلفةٍ؛ تشترك في اتخاذ القرارات، وتحديد الأهداف، ووضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها المساعدة في الوصول للأهداف، وضمان احتلال مرتبة مهمة في المنافسة في سوق العمل.

يجب أن نَعِيَ أنَّ فريق العملِ أحدُ أهمّ العوامل التي تساعد في تحقيق أهداف العمل النهائية

فيديو خصائص فِرَق العمل

أضف تعليقك هنا