ديفيد الروماني يكتب: مقصلة المواطنة وحقوق الأقباط الضائعة

المواطنة لا تقدر أن تشتريها كما تشتري الزيت والسكر للمواطن البسيط، ولا تستطيع وضعها حيز اختبار شارع متعصّبٍ متزمّتٍ سويٍّ تحت إجباره، فدولة تكفر بالمواطنة الفعلية لكنها تحت تأثير مخدر الحق الطبيعي الديني للمواطن وقبول الآخر.

كأنْ نقول أنّ شخصاً ارتكب حادثة فقد كان تحت تأثير السُّكْرِ البين، أو في بنج موضعي تحت تأثير المخدر، لكن في وطني ينقسم فيها، شتان بين تأثير المواطنة وبين المواطنة الفعلية! التي لا تعرفها الدولة ولا تصيبها ولا تحبها.

الدولة والتيار السلفي في الشارع المصري

في الأسبوع الماضي تم تعيين عدد من المحافظين الجدد على محافظات جديدة، الغريب في الأمر تعيين إحدى النساء القبطيات على إحدى المحافظات ذات التيار السلفي المتعصب، والمتمكن من شعبية الشارع المصري!

هل أرادت الدولة أن تتحدى التيار السلفي في الشارع المصري وتثبت مبدأ قبول الآخر، وحقه في أن يتولى قبطي وأنثى في آن واحد كرسي المحافظة ثم الوزارة؟

هذا سيتم توضيحه في المقال

1-تعيين نساء أقباط في حركة المحافظين الجدد، وجهة الدولة المدنية أم توك شو

لم يتم تحديد وجهة الدولة في سلك المحافظين الجدد في مصر، هذا يثير نوعاً من علامات الاستفهام لدى السلفيين ولدى بعض العوام البسطاء ذات التفكير الديني! أن الدولة تخالف شرع الله في تعيين محافظة قبطية، فلا حكم لذميٍّ على مسلمين، وأقلية ضد أغلبية مسلمة، فمن سنوات تم تعيين محافظ مسيحي على محافظة (قنا)، وتم تجمهر العوام عند مكتب المحافظة لرحيل المحافظ المسيحي، فلن يُولّى رجل من القبط على المسلمين، فلا تقدم لشعوب لديها إيمان بأن القبطي لا يحكم ولا يتولى مناصب على عوام من المسلمين.

2- الدولة لا تهتم سوى بالصورة العامة المزيفة

الدولة لا تملك القانون ولا روحه، فهي كل فتنة طائفية، وكلّ كنيسة تحترق وتهدم تعقد مجالس عرفية لتصالح، وتتكفل الدولة ببناء الكنائس كعربون صداقة وليس كحق مدني كفئة من فئات المجتمع، فتخدَّر العوام بسلام مزيف لتقوم المشكلة مرة أخرى دون حلول جذرية حقيقية على أرض الواقع، ما يهم الدولة أن تقول للعالم أن حرية العقيدة موجودة لكن بحدود متعارف عليها، فسهل عليك بناء ملهى ليلي على أرض تظن أنها متدينة، لكن صعب عليك بناء كنيسة يصلي فيها البسطاء لخير بلادهم ومحاصيلهم وسلام الدولة ولكل المعتقدات على أرض هذا الوطن، ثم يقوم بعض من المتطرفين بهدم الكنائس والاستيلاء على محلات الأقباط.

ما يهم الدولة أن تقول للعالم أن حرية العقيدة موجودة لكن بحدود متعارف عليها

3- حياةٌ بدون ترخيص

ينام المواطن حالماً بحياة ليست مترفة لكن ميسورة، يصحو ليجد مياه مقطوعة عن بيته، فلا يتمرد، ولا تهيج أوردته على حق من حقوقه، ثم يذهب لورشته التي يعمل فيها بدون ترخيص مسبق فلم تلحظه الحكومة، ثم يقود تاكسي الذي يسير في شوارع بدون ترخيص فلا يهيج عليه البعض بعدم عمل القانون، لا يذهب لصلاة إلا لصلاة العيد ويكتفي، ثم يسمع شائعة بأن كنيسة تُبنى في شارعه فيهيج بشرف الدّين ودولة الخلافة، ويستولي على مال جاره بأن لا صلاة لقبطي في بلاد المسلمين، ثم يأتي مبرراً أنها بدون ترخيص، الصلاة جريمة تعاقب عليها المجتمعات العربية مثلها مثل تهمة شرب المخدرات بدون ترخيص.

4- بيتُ العائلة يأخذ الصمتَ فضيلة

بيت العائلة منذ أن تم إنشاؤه مخصوص للتخلص من الفتنة ورد الحقوق، لكنه أعمى يقوده مبصرون عن الحق، يعرفون أن كل الطرق تودي إلى لا شيء، وأن وجوده من عدمه غير مفعل، يعرف أن القوة العليا التي تتحكم وتتكلم ولا تدع مجالاً للتكلم، ثم تمنع الإعلاميين من الكلام، ومن يتكلم سيُلقى خارج وظيفته كمطرود لمجرد أنه تكلم عن حق الأقباط في الكنيسة.

سأختم مقالي برسالة كتبها بابا كتوليك (جان بول) في الفاتيكان تحمل عدداً من ملاحظات الندم والأسف:

عن كل المعارك ومحاكم التفتيش التي حدثت في القرون الوسطى باسم الدين من قتلِ العلماءِ والشعوب، والدم الذي سُفك دون ذنبٍ وأسفٍ، عن كل معارك بلاده القديمة والحديثة والانتهاكات ضد السود والأقليات في العالم، وكل الانتهاكات التي ارتكبت في حق نسوه…

الفرق بينه وبين تفكيركم أنّ هناك خطأ يجب النظر إليه والاعتراف به أنه حدث،  فليس العنف والدم والقهر والانتهاك إلا شيء مخجل، تخجل منه الحكومات والدول كحرمان واعتداء على حقوقهم المدنية، فما بالك إن كان هذا القهر في وطن واحد يعبدون نفس الله، ويُضطَّهدون من بشر يظنون أن الله تذكرة سينما، يمكن للبعض حجزها لحسابه لدخول بوابة الملكوت! غريب شرق أوسطكم، أفراده يقتلون وينتهكون حقوقاً رغم أنهم متدينون وهناك غرب لا يعرفون الله لكنهم أكثر منا تنفيذاً لكلامه!

الله غالب ….

فيديو مقال ديفيد الروماني يكتب: مقصلة المواطنة وحقوق الأقباط الضائعة

أضف تعليقك هنا